يوم سداد الفواتير
بقلم عبير مدين
كانت تعارض رغبة ابنتها في الحصول على الطلاق بشدة رغم أن قسوة الظروف التي كانت تعيشها هذه الابنة.
حيث تزوجت في شقته ببيت عائلة زوجها حماة متسلطة وإخوة وسلايف يفرغون عقدهم فيها وزوج سافر الخارج وتركها بين شقي الرحى وهي كانت صغيرة السن قليلة الخبرة في معاملة هذه النوعيات من البشر.
ذات يوم حدث خلاف شديد بينها وبين سلفتها الوسطى تطور بتدخل اخو زوجها وزاد الطين بلة حين صفعها بالقلم على وجهها مراضاة لزوجته.
غضبت الفتاة وغادرت البيت لبيت أهلها واشتعلت المشاكل بينها وبين زوجها الذي رفض توفير سكن لها ولطفلهما حديث الولادة بعيدا عن بيت العائلة ولم يستطيع رد اعتبارها كما ينبغي فقد اشترطت للصلح أن ترد الصفعة لأخو زوجها أو تحصل على الطلاق.
كانت امها تحاول احتواء الأزمة والحفاظ على بيت ابنتها وظل الوضع متأزم لمدة ثلاثة أعوام إلى أن تم الصلح باعتذار أخو زوجها لها على الملأ ودفعه مبلغا كبيرا تأديبا له.
ثم قالت لم يكن الأمر سهلا علي وما فعلت هذا لخاطر أحد إلا لخاطر حفيدتي الصغيرة لأني اشفقت عليها أن تعاني معاناتي فقد مررت بتجربة مريرة عندما كنت في التاسعة من عمري.
حيث حدثت مشكلة كبيرة بين والديا ظننت وشقيقي أنها انتهت عندما غادرت أمي البيت لبيت أهلها وطلبت الطلاق، بعد فترة وقع الطلاق بعده كنت وشقيقي نعيش في سعادة خفت الرقابة علينا وأصبح كل طرف يغدق علينا بالمال ليستميلنا.
حصل شقيقي على مجموع صغير في الشهادة الاعدادية والتحق بإحدى مدارس الثانوي الفني وما انهاها حتى سافر الخارج بحثا عن عمل.
لم يختلف حالي كثيرا عنه انا ايضا حصلت على الشهادة الاعدادية بأعجوبة بعدها حصلت على دبلوم زراعه وتزوجت من اول عريس تقدم لي، كنت اهرب من تعلم شغل البيت عند امي بحجة أني اخدم أبي وعند أبي بحجة أني اخدم امي وجدي والحقيقة اني كنت اكذب فأنا لم أكن أفعل شيئا هنا ولا هناك وهذا أتعبني في بداية حياتي الزوجيه لولا صبر زوجي وتحمله بعد أن أنجبت ابني الأكبر مرض والدي وكان علي أن اخدمه واعتني به الي جانب مسؤولية بيتي وبدأت رحلة سداد فواتير الدلع والهروب من المسؤولية وتشجيع والدتي على طلب الطلاق والوسوسة في اذن أبي أن الطلاق هو الحل وفي المقابل نحصل على مكافئة الدعم من هنا وهناك، مات جدي لأمي وكان علي أن اراعي أمي ولا اتركها فريسة الحزن والوحدة خاصه أنها لشدة حزنها على جدي أصيبت بمرض السكري ولحق بها والدي فاصابته أمراض الشيخوخة! كنت اقضي اليوم كعب داير من عند امي لبيت ابي لمدارس اولادي وبعدها الدروس الى جانب مسؤولية بيتي وزوجي الذي كان يتحمل حينا ويتذمر احيانا، رحل والدي بعد اربع سنوات عانيت فيها الكثير كنت اقطع البلد شرقا و غربا، شمالا و جنوبا كل يوم حتى اني كنت احيانا وانا في الشارع انسى وأسأل نفسي (هو انا رايحة فين؟ وكنت هعمل إيه) وندمت على تشجيعي لوالديا على الطلاق فلو لم أكن فعلت لكان والديا يعتنيان ببعضهما وكان تقسيم وقتي وجهدي أصبح أسهل.
لذا خفت على حفيدي أن يمر بما مررت به خفت أن تعيش ابنتي وحيده بلا ونس في يوم من الايام فمهما كانت مكاسب الطلاق هناك فواتير يوما ما سيتم سدادها.