هل نحن حملة رسالة حقا ؟!
خالد ألسلامي
اعتادت أمم العالم على أن تسعى للرفع من شأنها وتعمل على تطوير ذاتها وإمكانياتها والنهوض بمسؤولياتها تجاه أبنائها والأمم الأخرى وتستمر في صناعة رجالها ونسائها ليكونوا قادة لها في أي وقت تحتاج إليهم فيه، فنجد جميع الأمم ( إلا امة العرب طبعا ) لديها خزين من الرجال والنساء ممن لديهم القدرة الفائقة لإدارة شؤون أُممهم التي ينتمون إليها وبهذا لا تحتار هذه الأمم في اختيار قادتها أو ربابنة سفنها عند غياب حكامها لأي سبب كان إلا القليل من الأمم والتي هي غالبا ما تكون من بلدان العالم الإسلامي وفي مقدمتها الأمة العربية فعند غياب احد قادتها فان التعويض عنه قد يحتاج إلى سيل جارف من انهار الدماء لكي يصعد الأقوى ليحل محل الحاكم أو الزعيم الغائب والذي لا يغيب إلا عند وفاته أو الانقلاب عليه .
مع أن اغلب هذه الأمم ذات الإمكانيات القيادية العالية المتوفرة في خزين شعوبها لا تمتلك ما تمتلكه امة العرب من مقومات القيادة والإدارة التي نسجها لهم نبي هذه الأمة محمد صلى الله عليه وسلم فالغريب إن من يستلم زمام القيادة في أية دولة إسلامية لا يكون هدفه سوى الجاه والمال وكيف يستفيد هو وأقاربه من كرسيه الذي قد يزول في أية لحظة إذا غضب عليه من سهل له الوصول إليه ( الى الكرسي) بينما كان ما علمنا إياه رسولنا الكريم محمود بن عبدالله صلى الله عليه وسلم أن يكون أول ما يفكر فيه الحاكم أو القائد هو مصلحة الناس والرعية والذي يجعلنا نستغرب أكثر هو أن باقي حكام الدنيا من غير امتنا العربية والإسلامية حينما يتولون المسؤولية في بلدانهم يجعلون مصلحة دولهم ومواطنيهم أول هدف يسعون لتحقيقه من خلال ذلك الكرسي الذي أوصلتهم إليه هذه شعوبهم
إذن هنا قد تبرز لنا أهم أسباب هذا الاختلاف بين هذا الحاكم في امة العرب والمسلمين وذاك الحاكم من الأمم الأخرى وهي أن اغلب حكامنا ( العرب والمسلمين ) إن لم نقل جميعهم لم تأتي بهم شعوبهم وإنما جاءوا بهذه الطريقة أو تلك وبشرط رضا وقبول المسيطرون على الوضع العالمي سياسيا واقتصاديا مما جعلهم لا يفكرون إلا في الطمع والمال وخدمة المصالح الأجنبية خصوصا لمن بارك لهم مقعدهم على كرسي الحكم والمحافظة على هذه الكراسي وما تدره عليهم وعلى أقاربهم من أموال ومكاسب بينما نرى حكام الأمم الأخرى الذين جاءت بهم شعوبهم لا يفكرون إلا في خدمة شعوبهم والحفاظ على مصالحها وأمنها ولهذا نلاحظ كلا الصنفين يفكرون في خدمة من جاء بهم إلى سدة الزعامة والقيادة فالأولى بكل حاكم أن يحاول خدمة وحماية مصالح من جاء به وشتان مابين من جاء بطرق غير شرعية و من جاء عن طريق شعبه وما ابعد هذه الخدمة عن تلك من هؤلاء الحكام عن أولئك
ومن خلال ما تقدم نرى ان العرب المسلمين لم يتحكموا في بناء دولتهم والسيطرة على مصالحهم إلا إذا كانوا حملة رسالة ووحي ودين فعندما كان فيهم نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وعلى اله وأصحابه وسلم تمكنوا من بناء دولة وقفت في وجه اعتي الإمبراطوريات آنذاك واستمر ذلك عندهم حتى بدؤا يتخلون عن رسالتهم منذ ان ظهر الوهن والضعف في خلافتهم الإسلامية أواخر الخلافة العباسية نتيجة لتنافسهم على السلطة والجاه وتعلقهم بالدنيا ومغرياتها مما أدى إلى انهيار دولتهم رويدا رويدا فسلموا السيادة إلى العثمانيين بعد غزو هولاكو لهم حيث سيطرة الدولة العثمانية التركية لمدة نافت على الأربعة قرون على مقاليد الدولة الإسلامية
وهذا يؤكد لنا أن خير سبيل لقيام دولتنا وفرض سيادتنا على أراضينا هو العودة إلى ديننا الإسلامي الحنيف والتمسك بكل تعاليمه فهو الضمانة الحقيقية لاستمرار وجود الدولة الإسلامية وتقويتها وفرض إرادتها واستعادة حقوقها ولكن كان لتغليبهم لقوميتهم رغم حقهم في الاعتزاز بقوميتهم وانتمائهم العربي كونهم حملة الرسالة التي أوكل الله عز و جل اليهم مهمة إيصالها إلى الناس كافة إلا أن هذا الحق لا يجب أن يؤدي إلى تناسيهم لانتمائهم الديني والروحي ويدفعخم إلى الترفع على باقي القوميات المتواجدة والمتعايشة معهم مما أدى إلى مطالبة هذه القوميات غير العربية بقوميتهم ولغتهم وثقافتهم وراحوا يستغيثون بغير العرب لنيل تلك الحقوق وهنا سنحت الفرصة لمتطرفي اليهود والنصارى وغيرهم المتربصين دائما لاستعادة سيادتهم على إمبراطورياتهم التي أنهاها المسلمون عندما كانوا متمسكين برسالتهم السماوية فراحوا يحاربون فكرة عودة العرب والمسلمين إلى دينهم بكل الوسائل العسكرية والفكرية والإعلامية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية لغرض إبقاء سيطرتهم وسطوتهم على هذه الأمة الكبيرة بمساحاتها ونفوسها والغنية بثرواتها وموقعها والتي اضعفت قوتها وقدرتها بتخليها عن محرك هذه القوة ألا وهو التمسك بدينها وتعاليمه القرآنية والنبوية الشريفة وجريها خلف ملذات وأطماع الدنيا ومكاسب كراسيها وعروشها