هل الحصانة البرلمانية تمنع الشهادة الجنائية ؟!
كتب: أيمن عبداللطيف
هل الحصانة البرلمانية تمنع الشهادة الجنائية ؟!
اولا : ماهية الشهادة وأدلتها وأنواعها وشروطها والامتناع عنها والإكراه فيها وأنواع الاكراه بين الشريعةوالقانون.
والاهم وهو( سلطه المحكمه فى الاستدعاء للشهادة ) والعقاب عن الامتناع؟!
تعريف الشهادة:
(ولاتكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه آثم قلبه)* الاية 283 البقرة ،الشهادة هي إثبات واقعة معينة من خلال ما يقوله أحد الأشخاص عما شاهده أو سمعه أو أدركه بحواسه من هذه الواقعة بطريقة مباشرة .وتعرف أيضا على أنها:(( تقرير يصدر من شخص في شأن واقعة عاينها بحواسه عن طريق السمع أو البصر ، وهي دليل شفوي يدلي به شفويا أمام السلطة المختصة )) ومن خلال ما جاء في التعريفين فإن المقصود بالشهادة ( شهادة الشهود ) هو تلك المعلومات التي يقدمها شخص أو أشخاص إلى السلطة المعنية سواء سلطة التحقيق أو أمام المحكمة وقد نص عليها المشرع الجزائري في المواد من 220 إلى 238 حول سماع بشهادة الشهود أمام قاضي التحقيق فنظمها المشرع في المواد من 88 إلى 99 وأيضا في المادتين 542 و 543 . إن الشهادة تدل على واقعة ذات أهمية قانونية فهي تدل على وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم في الإطار الجزائي والشهادة يقدمها ( أي يدلي بها الشاهد ) وهو شخص خارج عن أطراف الخصومة ولديه معلومات تفيد في الكشف عن الحقيقة المتصلة من حيث تحديد الأفعال المرتكبة وجسامة الجريمة وبالتالي نسبتها إلى فاعلها ومنه فترديد الشائعات ليس من قبيل الشهادة . والشاهد حين يدلي بشهادته غير مطالب بتقييم الواقعة كأن يدلي الشاهد بأن الجاني كان في حالة سكر فهنا ليس من اختصاصه تعليل عامل السكر كمانع للمسؤولية الجزائية . (الشهادة لغة مصدر شهد من الشهود بمعنى الحضور والإطلاع وهي خبر قاطع) والشهادة تعرف بانها اخبار الانسان في مجلس القضاء بحق على غيره لغيره وهي شهادة عن مشاهدة يشهد بما عرفه بحواسه او عن طريق العين (الرؤيا) او السمع او التسامع ولايمكن اعتبار الخبير ومن هو في حكمه شاهداً لأنه يدلي بما يعرف بموجب فكر وتخمين وحساب لابموجب ادراك بحواسه.وكانت الشهادة في القديم هي من اقوى الادلة الثبوتية لأنه في القدم لم تكن هناك بدائل للشهادة كالكتابة والأدلة المادية التي تعتمد عليها المحاكم في الوقت الحاضر حيث كانت الشهادة تفضل على الكتابة فمن الاقوال المشهورة في هذا الصدد (ان الشهادة افضل من الكتابة) وقد وصفها الفقيه الانكليزي نيثام (انها اعين العدالة واذانها).
ان الشريعة الاسلامية قد اخذت بمبدأ الشهادة وأعطتها اهمية كبيرة حيث تم ذكرها في القران الكريم في سورة البقرة الاية (282) (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء ان تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى) وكذلك الاية 283 من سورة البقرة ايضاً (ولاتكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه آثم قلبه). كما وردت في سورة الطلاق الاية (2) (فإذا بلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف او فارقوهن بمعروف واشهدوا ذوي عدل منكم).
وقد عرّف الشهادة علماء الشريعة بأنها اخبار صادق لإثبات حق بلفظ الشهادة في مجلس القضاء ولو بلا دعوى كما عرّفها الحنفية. اما المالكية فإنها تعرف الشهادة على انها اخبار الشاهد الحاكم عن علم لا عن ظن او شك ليقضي بمقتضاه وعند معظم علماء المذاهب الاربعة انها اخبار بحق للغير على الغير. والتعريف الاخير هو ما ذهب اليه شراح القانون الوضعي . والشهادة عند اغلب العلماء المسلمين فرض كفاية اذا اداها البعض سقط الواجب عن الجميع وان لم يؤدوا طائفة الشهادة فان الجميع آثم وهذا ما ذهب اليه الشافعية وان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكتب ويشهد على التصرفات منعاً لاي نزاع محتمل في المستقبل كما ورد في تقرير حق الانتفاع….
ثالثا : أدلة مشروعية الشهادة .. من القانون ومن الشريعة ايضا ..
ان نطاق الاثبات بالشهادة بالنسبة للتصرفات القانونية محددة بموجب القانون وقد وضع لها ضوابط على المحكمة مراعاتها عند الاستماع لشهادة الشهود . اما الوقائع المادية فان اثباتها بالشهادة مطلق حيث ممكن ان تثبت بالشهادة جميع الوقائع المادية والتي ربما يستنتج اثباتها ترتيب حقوق تزيد قيمتها على الحد المسموح به الاستماع لشهادة الشهود وتسهيلاً للموضوع سوف نتناول في ثلاثة صور وهي الحالات التي يجوز فيها الاثبات بالشهادة والحالات التي لا يجوز الاثبات فيها بالشهادة والاستثناءات الواردة على عدم السماح بالاستماع الى شهادة الشهود.
ثالثا : انواع الشهادة.
تنقسم الشهادة حسب الفقه الجنائي إلى ثلاثة أنواع هي الشهادة المباشرة والشهادة السماعية والشهادة بالتسامع وسنبين كل هذه فيما يلي :
1- الشهادة المباشرة :
وهذه الشهادة هي الأصل لأن الأصل في الشهادة أن تكون مباشرة إذ يتسنى الشاهد سواء كان أمام قاضي التحقيق أو حتى في مرحلة جمع الاستدلالات وأيضا أمام التحقيق النهائي أي أمام المحكمة فيدلي بما وقع تحت سمعه وبصره مباشرة كمن شاهد واقعة شجار أدت إلى جرح أحد المتشاجرين أو إلى كسر زجاج سيارة ..الخ فهو إذا شهد على واقعة وقعت من الغير أمامه يترتب عليها حق لغيره وهنا يكون متيقنا من حواسه وفي العادة يدلي الشاهد بأقواله مما رآه أو سمعه من الوقائع المتعلقة بالدعوى أمام القضاء كما قد يكتفي بتلاوة شهادته المكتوبة أو يضم هذه الشهادة إلى ملف القضية في الظروف الاستثنائية.
2- الشهادة السماعية :
الشهادة غير المباشرة ) : الشهادة السماعية هي بخلاف الشهادة المباشرة فهي تكون غير مباشرة لأنها شهادة من علم بالأمر من الغير فيشهد مثلا أنه سمع من شخص اسمه فلان إبن فلان واقعة سرقة قد حدثت يوم كذا بمنزل بالحي كذا و هذه الشهادة من حيث قيمتها في الإثبات هي أقل درجة من الشهادة المباشرة ولكنه عند وفاة الشاهد الاصلي يأخذ القاضي بهذه الشهادة والقانون لم ينص على عدم الأخذ بهذه الشهادة وقد قيل أن هذه الشهادة السماعية غير مقبولة في الشريعة الإسلامية عملا بالحديث الشريف <<إذا علمت مثل الشمس فأشهد وإلا فدع >> وهذا ربما يعود لكون الشهادة في حد ذاتها لا تكون موضع ثقة إلا إذا كانت نتيجة معلومات أدركها الشاهد بحواسه لأن خلاف ذلك يجعل الشهادة معرضة للتحريف و يشوبها الشك وعليه إذا اعتمدت المحكمة على الشهادة السماعية وحدها كان حكمها مشوبا في الاستدلال .
3- الشهادة بالتسامع :
تختلف الشهادة بالتسامع عن الشهادة السماعية المتعلقة بأمر معين نقلا عن شخص معين شاهدا هذا الأمر بنفسه وهذه الشهادة بالتسامع تتعلق أيضا بأمر معين لكنها ليست نقلا عن شخص معين شاهد الأمر بنفسه فيقول الشاهد سمعت كذا أو أن الناس قالوا كذا دون أن يستطيع إسنادها لأشخاص معينين أما من حيث قيمتها فالإثبات فهي ضئيلة ولا تلقى قبولا في المسائل الجنائية وإن كان القضاء يقبلها في المسائل التجارية على سبيل الاستئناس أما الفقه الإسلامي فقبلها في حالات معينة كشهادة النسب و الموت و النكاح والدخول.
المطلب الرابع : شروط الشهادة.
نتطرق أولاً الى الشروط الواجب توفرها في الشاهد فالفقهاء المسلمون لهم شروط محددة للأخذ بشهادة الشاهد لم يتقيد بها فقهاء القانون الوضعي منها مثلاً الإسلام فهي من الشروط الواجب توفرها عند الفقهاء المسلمين وخاصة اذا تعلق الامر بالخصومة بين المسلمين او كان احد الخصمين من المسلمين ولكن القانون الوضعي قد تجاوز هذا الشرط وتركه للتاريخ يكون تراثاً لهذه الامة الاسلامية لاغير.
اما موضوع تزكية الشهود فهو الاخر لم يتطرق اليه الفقهاء الوضيعون ووضاع القانون مع اهمية الموضوع ووجاهته لأنه امر ربما يصعب تحقيقه في الوقت الحاضر ولهذا جاوزت عنه التشريعات الحديثة حيث ان القانون لا يعتد بالشهادة الا اذا كانت امام المحكمة وبإذنها حيث لا عبرة بأي شهادة تودي خارجها حتى ولو كانت امام موظف عام وسوف نتناول بشيء من التفصيل في الشروط الواجب توفرها في الشاهد في القوانين الوضعية:
1) أهلية الشاهد:
اجمعت القوانين على اهلية الشاهد بان يكون في عمر محددة للاستماع لأقواله حيث حدد قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي سن خمس عشرة سنة للاستماع لأقوال الشاهد وإذا نزل عمره عن ذلك فتسمع شهادته على سبيل الاستئناس وان قانون الاثبات العراقي قد سكت عن تحديد عمر الشاهد الذي يُعد اهلا لأداء الشهادة بعكس القانون المصري حيث نصت المادة 64 من قانون الاثبات المصري (لا يكون اهلاً للشهادة من لم يبلغ سنه خمسة عشرة سنة على انه يجوز ان تسمع اقوال من لم يبلغ هذا السن بغير يمين على سبيل الاستدلال) وهذا ما ذهب اليه قانون اصول المحاكمات العراقي الذي يسير بهدية المحاكم المدنية لسكوت قانون الاثبات العراقي عن ذلك كما اسلفنا ومن اهلية الشاهد ان يكون سليم الادراك لا ان يكون فاقدها بسبب جنون او عته او سكر لا يعي ما يقول وان اهلية الشهادة ليست بمعنى لا تقبل شهادة الاعمى او الاخرس او الاصم حيث يمكن الاستماع لشهاداتهم كل حسب ما وصل الى علمه من الشهادة بالحواس التي له واستحصل على المعلومة المراد الاخبار عنها بواسطةالشهادة.
2) ان لا يكون الشاهد ممنوعا من الشهادة:
ان هذا الاستثناء يرد على قاعدة سماع شهادة الشاهد الكامل الاهلية حيث منع القانون من الاستماع الى شهادات بعض الاشخاص ولو كانوا كاملي الاهلية ومنهم شهادة احد الزوجين على الزوج الاخر حيث منع قانون الاثبات العراقي في مادته (87) بأنه (لا يجوز لأحد الزوجين ان يفشي بغير رضا الاخر ما ابلغه اليه اثناء قيام الزوجية او بعد انتهائها). (وسبب هذا المنع يرجع الى مراعاة المشرع لما بين الزوجين من مودة ورحمة وأسرار زوجية وللحفاظ على مصلحة الاولاد والمجتمع ولا يسري هذا المنع على الخطيب والخطيبة اذ لا محل لقياس الخطبة على الزوجين) وهذا المنع ينتهي بانتهاء العلاقة الزوجية لأنه لا يكون هناك الحكمة التي من اجلها منع الشاهد من اداء شهادته.
كذلك نصت المادة 88 من قانون الاثبات العراقي بانه (لا يجوز للموظفين او المكلفين بخدمة عامة افشاء ما وصل الى علمهم اثناء قيامهم بواجبهم من معلومات لم تنشر بالطرق القانوني ولم تأذن الجهة المختصة في اذاعتها ولو بعد تركهم العمل ومع ذلك فلهذه الجهة ان تأذن لها بالشهادة بناء على طلب المحكمة او احد الخصوم).
كما جاءت في المادة 89 من القانون اعلاه بأنه (لا يجوز لمن علم من المحامين او الاطباء او الوكلاء او غيرهم عن طريق مهنته بواقعة او معلومات ان يفشيها ولو بعد انتهاء مهمته الا انه يجب عليه الادلاء بالشهادة اذا استشهد به من افضى اليه بها او كان ذلك يؤدي الى منع ارتكاب جريمة).
(عليه فانه لا يجوز للموظف او المكلف بخدمة عامة افشاء ما صادر تبليغه اليه على سبيل المسارة في اثناء اشغال وظيفته اذا ترتب عدم الكتمان فيه ضرر ما للمصلحة العامة ذلك ان كل شخص يدعى للشهادة ليس له ان يمتنع عن ادائها ما لم يكن في ادائه لها اخلال بواجب الزمه القانون مراعاته او زعزعته لرابطة يحرص القانون على بقائها وثيقة ولهذه الاعتبارات نص القانون على حالات منع فيها بعض الاشخاص من الشهادة … فالمكلفين بخدمة عامة لا يشهدون عن الوقائع التي بينتها هذه المادة ما لم تأذن لهم السلطة المختصة في ذلك حتى تبقى اسرار الدولة مضمون من الاذاعة).
ما يقال عن الموظفين العموميين يقال عن المحاميين والأطباء والوكلاء اللذين وبواسطة ممارستهم لمهنتهم يصل علمهم الى اشياء هي ربما تكون من الاسرار الشخصية للأشخاص اللذين وثقوا بهم بحكم وظيفتهم وسلموا لهم هذه الاسرار او اطلعوا عليها بحكم عملهم فهؤلاء كذلك لا يجوز لهم افشاء هذه الاسرار والتقدم بها بأداء الشهادة عن المعلومات التي استحصلوا عليها بحكم ممارستهم لمهنتهم ولكن من الممكن ان يدلوا بهذه الشهادة اذا كان بناءاً على طلب من افضى اليه بها هذه الشهادة أو كان اداء الشهادة يمنع ارتكاب جريمة فهؤلاء الاشخاص اعفاهم القانون من اداء الشهادة.
(والمقصود من هذا النص هو حماية صاحب السر فأوجب القانون على الاشخاص الذين اؤتمنوا على سر من الاسرار بحكم مهنتهم او صناعتهم كتمانها وان يمتنعوا عن اداء الشهادة بشأنها امام القضاء الا اذا اذن صاحب السر بذلك ولقد اوردت هذه المادة صنف المحاميين والأطباء وغيرهم من اجل المثال لا الحصر فالمادة المذكورة تشمل كل من في حكمهم من ارباب المهن والصناعات اللذين تقتضي صناعتهم او مهنتهم إتمانهم على اسرار الاخرين كالصيادلة والقابلات والممرضات والمحاسبين وغيرهم من الذين يؤدون صناعات عامة لخدمة الجمهور ولا يشمل ذلك بالطبع اصحاب المهن الذين يعملون في خدمة الافراد كالكتبة والخدم والطهاة والسكرتيرين وغيرهم لان صاحب السر ليس مضطراً الى ان يفشي سره لهم).
(وفي العموم قد يكون الشخص غير اهل لأداء الشهادة فتسمع اقواله بغير يمين – اذا رأت المحكمة ذلك – على سبيل الاستئناس أي على سبيل الاستدلال من ذلك من لم يكمل الخامسة عشرة من عمره ومن لم يكن سليم الادراك بسبب العته او لسبب الهرم مثلا ومن صدرت عليه احكام جزائية تسقط عنه اهلية الشهادة كما هو المعمول به في القانون المصري في المواد 64 و80 من قانون الاثبات و259 و261 من قانون اصول المحاكمات الجزائية المصري . والعبرة في تقدير سن الشهادة او سلامة ادراكه هو وقت الاداء بشهادته لا وقت حصول الواقعة التي يشهد بها).
كما انه يشترط في الشاهد ان يكون من الغير فلا يجوز ان يكون احد الخصوم او من يمثله كالمحامي او الولي او الوصي او القيم شاهداً. كما لا يكون المدعي شاهداً كما كانت المادة 479 الملغاة من القانون المدني العراقي تنص على انه ليس لأحد ان يكون شاهداً ومدعياً فلا تصح شهادة الوصي لليتيم ولا شهادة الوكيل لموكله وعندما صدر قانون الاثبات منعت المادة 83 منه ان يكون الشخص شاهداً ومدعياً ذلك ان صفة الشهادة والادعاء صفتان متضادتان ومن ثم فلا يجوز ان يكون الشخص شاهداً ومدعياً في آن واحد. اما شهادة الاصول والفروع بعضهم لبعض فان للفقه الاسلامي رأي يرى جواز شهادة الوالدين وان علا للولد وان سفل ولا شهادة للولد وان سفل لهما وان علوا ورأي اخر يجيز ذلك مادام الشاهد عدلا ولا يجوز شهادة احد الوالدين على ولده لأنه لا تهمة في مثل هذه الشهادة فوجب ان تقبل كشهادة الاجنبي بل هي الاولى ويجوز كذلك شهادة الاخ لأخيه وان كانت المادة 496 الملغاة من القانون المدني العراقي تنص على انه (لا تقبل شهادة الاصل للفرع ولا شهادة الفرع للأصل) وعندما صدر قانون الاثبات جاء خالياً من نص مماثل وقضت محكمة تمييز بأنه لا يجوز هدر شهادتي شاهدي المدعي بحجة ان الاول زوج ابنته والثاني ابن اخت زوجته عملاً بأحكام قانون الاثبات الذي الغى احكام الاثبات الواردة في القانون المدني. وأخيرا يلاحظ عدم نص قانون الاثبات على الحالات التي كان القانون المدني ينص عليها ليس معناه ان هذه الحالات اصبحت تقبل فيها الشهادة بشكل مطلق بل نعتقد ان المحكمة واستناداً لما لها من سلطة تقديرية واسعة وفق احكام المادة 82 من قانون الاثبات لها ان تقدر الشهادة من الناحيتين الموضوعية والشخصية
اما الشروط الواجب توفرها في الشهادة هي ان يكون الشاهد قد حصل على المعلومات التي يدلى بها امام المحكمة بحواسه الخاصة سواء اكان عن طريق السمع او المشاهدة وهذه تسمى الشهادة المباشرة وهي التي يمكن للمحكمة ان تعتمد عليها وربما تكون هناك شهادات غير مباشرة كالشهادة السماعية وهي ان يروي الشاهد الشهادة من شخص آخر شاهد الواقعة المراد الشهادة فيها وان الشهادة السماعية لا يؤخذ بها في القضايا المدنية وهذا ما ذهبت اليه محكمة التمييز في قرارها المؤرخ في 24/12/1987 والمتضمن (ان اقرار الورثة بسماعهم من مورثهم بانه مدين للمدعي لا قيمة له قانوناً).
اما الشهادة بالتسامع وفيها لا يروي الشاهد نقلاً عن شخص معين ولا عن واقعة معينة بل يشهد بما هو شائع بين الناس وبما تتناقله الالسن وهذه الشهادة ليست شهادة بالمعنى الصحيح اذ انها لا تقبل في المسائل المدنية اما في قضايا الاحوال الشخصية فان الفقه الاسلامي يقبل الشهادة بالتسامع في حالات معينة وهي الشهادة بالنسب والموت والنكاح والدخول والمهر).
وبهذا القدر نكتفي عن الكلام عن المبحث الاول في شروط الاثبات بالشهادة.
الإكراه:
وأثره على أداء الشهادة بين الشريعة والقانون.
للإكراه نوعان: نوع يعدم الإرادة في موضوعه ، ويسمى الإكراه المادي، وآخر يضعفها، ويسمى الإكراه المعنوي