هذه النعمة العظيمة
بقلم فاطمة عبد العزيز
لقد عرف الناس في عصور الجاهلية قبل ظهور الإسلام أنواعاً عديدة من المعبودات الباطلة، يدعونها من دون الله، ويلتمسون شفاعتها، ويتمسحون بها ويطوفون حولها، جمادات لا تضر ولا تنفع، لا تبصر ولا تسمع، غير قادرة أن تنصر نفسها فضلاً عن نصرتها لغيرها، فاعتقد الناس لجهلهم نفعها وضررها، واعتقدوا خطرها وانتقامها، فقد كان الناس قبل بعثته ص في جاهلية، وضلالة عمياء، مشركين بربهم، متوجهين بالعبادة وطلب النفع ودفع الضر إلى من يضرهم ولا ينفعهم، من الأموات والجمادات، والأرواح الغافلات، وغير ذلك من أنواع المخلوقات.
الى أن جاء النبي صلى الله عليه وسلم لينقذ البشرية من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهدى ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة.
واستطاع النبي -صلى الله عليه وسلم- في وقت وجيز أن يبني على أنقاض الوثنية صرحاً إسلامياً شامخاً، وعقيدة سليمة صحيحة، ونفوساً لا تعرف إلا الله ولا ترتبط إلا به،
فدعا إلى عبادة الله وحده، ونبذ كل معبود سواه، وأصلح الفرد والأسرة والمجتمع ومحا الفروق والعصبيات، وجعل التفاضل بالتقوى والعمل الصالح، فعرفت العرب تغيراً اجتماعياً جذرياً.
وحارب كل الدعوات الهدامة التي تدعو لغير الله، أو تقرر تقديس المادة أو تدعو لعبادة غير الله من المظاهر الطبيعية، أو المثل والقيم، أو الهياكل والأشخاص.
فلقد كان العالم يعيش في ظلام دامس، وجهل خانق، وخرافة متحكمة، حتى أَذن الله – تعالى – وله الفضل والمنة ببعثة خاتم النبيين، رحمة للعالمين، وحجة على الخلق أجمعين، فأنقذ به – وله الحمد والشكر – من الجهالة، وهدى به من الضلالة، وبصر به من العمى، حتى دخل الناس في دين الله أفواجا، ورجع الكفر خاسئا حسيرا، وتحققت منة الله على المؤمنين، (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) سورةالجمعة: 2:4.
لذا حق على كل مؤمن، أن يشكر الله على بعثة النبي الكريم، والرسول العظيم، وأن يحب الله لما أَجزل من نعمه التي لا تحصى، فالنبي ص من أعظم المنن وبه اخرج الله عز وجل الناس من الظلمات إلى النور، يقول تعالى:(كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْف وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) سورة البقرة: 151:152.