مواقع التواصل والسوشيال ميديا
بقلم: أسامة حراكي
نعلم ونعي أن لكل شخص حياته، ولكل مجتمع سماته، ولكل عنصر نجاح مقوماته، فمع التطور الكبير والهائل في العالم من خلال التواصل الاجتماعي والبث الفضائي والإنترنت الذي جعل العالم قرية صغيرة جداً، أصبحت الثقافات متقاربة فيما بينها، وأصبح هذا التقارب إلى حد ما كبيراً، بالإضافة إلى أن هناك وعياً واضحاً وملموساً في الخصوصيات التي تميز كل فئة عن الأخرى، لكن الخطورة تكمن في محاولة من يسعى إلى أن يشوه صورة الآخرين، وتكون أهدافهم خافية لكن مع الأيام تنكشف، لأن الوعي المجتمعي أصبح حاضراً وبقوة، ولا عذر لأحد بأن تنطلي عليه بعض المحاولات التافهة أو الرديئة، لأن العقل البشري يستطيع التمييز بين ما هو على النهج والمسار الصحيح والعكس.
فقد أفرز التطور الهائل لتكنولوجيا الإعلام والإتصال وسائط جديدة لتدفق المعلومات والأخبار، سرعان ما تحولت إلى آليات وأسلحة جديدة تقود المواجهات والصراعات بين الشعوب، وتفرز قوى تنظيمية جديدة مقابل الأحزاب والنقابات التي لم تستشعر بعد أهمية هذا التطور، كما بات من الصعب على السلطة المركزية للدول غير الديمقراطية بسط نفوذها على عموم أقاليمها أمام ارتباط سكان هذه الأقاليم بالوسائط الجديدة لتناول الأخبار والمعلومات.
لكن من عيوب وسائل التواصل الاجتماعى الإفراط في الهجوم أو الدفاع عن شخص أو إجراء أو دولة أو تيار سياسي، بحيث أصبح ذلك جزء من حملات تدبرها القوى المؤثرة لصالح أهدافها، ومن أهداف القوى المعادية لنا أن تدفعنا إلى مثل تلك الحملات، التي تنسينا أعداءنا التاريخيين في ظل سحابة كثيفة من الهجوم على خصوم يمكن أن يكون بيننا وبينهم خلافات، لكنها لا تصل لحالة العداء الصريح.
لقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي من العوامل المؤثرة في تشكيل وعينا، فهي ليست فقط للترفيه والتسلية، برغم أن سلوكيات بعض مستخدمي التكنولوجيا الذكية لا تتصف بالذكاء أبداً، وقريبا سنلاحظ أنه كلما ارتفع معدل ذكاء الهاتف المحمول انخفض معدل ذكاء حامله، لكن ما ندعو إليه ونتمناه هو التوازن بين الأمور، لأن هذه المواقع هي بمثابة كشكول فيه كل شيء من كل شيء يعبر عن أنفسنا، فمواقع التواصل الاجتماعي ضرورة من ضروريات الحياة، وليس مجرد ترف أوكماليات، والذي يبقى بعيداً عنها يبدو كمن يعيش خارج العصر لا يعلم بما يدور من حوله.