ملكة السبع عقود من الزمن
كتبت/ ريناد محمد
قد تكون الملكة إليزابيث الثانية .. أكثر الشخصيات العامة خصوصيةً في العالم
لقد ظلت على العرش لمدة 66 عاماً تقريبا لم يعرف الشعب البريطاني سواها ملكة طوال سبعة عقود من الزمن
حيث أصبحت أحد أكثر الوجوه المميزة على الكوكب ولكنها نادراً ما تتحدث عن نفسها ولم تظهر في أي حوارات مع وسائل الإعلام أبداً..
فالعديد من الناس يعرفونها وحسب بوجهها الجامد القاسي ومجموعة القبعات المذهلة الخاصة بها
قد تصيبك الدهشة إذ ما عرفت أن جلالتها لم تذهب لأى مدرسة قط.
لكن لا يعني هذا أنها لم تتعلم .. تلقت إليزابيث (التي كان لقبها في الطفولة: ” ليليبيت “) تعليمها على يد معلمين خصوصيين في المنزل .. وكانت شقيقتها الأصغر، الأميرة مارجريت، تتلقى تعليمها على يد نفس المعلمين..
حصلت كل من إليزابيث ومارجريت على إذن من الوالدين كي تنضما إلى الحشود الكبيرة التي تحتفل بانتهاء الحرب العالمية الثانية في 8 مايو1945م .. وأشارت الملكة إلى هذه الليلة كأحد أكثر الليالي التي لا تُنسى في حياتها..وقالت في عام 1945م : ( أتذكر صفوفاً من أناسٍ لا أعرفهم يمسكون بأيدي بعضهم البعض ويسيرون نحو وايت هول وكلنا يغمرنا فيض من السعادة والارتياح ).
تُعتبر إليزابيث وزوجها فيليب أبناء عمومة من الدرجة الثالثة، حيث ترتبط إليزابيث بصلة قرابة بالملكة فيكتوريا من جانب والدها، وفيليب يرتبط بصلة قرابة هو الآخر بالملكة فيكتوريا من جانب والدته.. ولد فيليب في أسر ملكية من أصول يونانية ودنماركية ولكنه تخلى عن ألقابه الأصلية عندما تزوج من إليزابيث .. والآن بقيا معاً لمدة 70 سنة .. مر عليها 14 رئيس وزراء بريطاني و13 رئيساً للولايات المتحدة
.
ويعرف عن الملكة اليزابيث هوايتها فى إقتناء نوع معين من الكلاب .. اقتنت أكثر من 30 كلباً من فصيلة كورجي وجلب والد إليزابيث للعائلة الملكية أول كلب من فصيلة كورجي عام 1933م ، وفي عيد ميلادها الثامن عشر أُهديت إليزابيث كلبتها الخاصة من فصيلة كورجي وكانت تُدعى ســـوزان والتى أنجبت العديد من الكلاب الكورجي الخاصة بها .. كما قامت الملكة بإدخال فصيلة جديدة من الكلاب تُعرف بالدورجي – ما بين الكورجي والدشهند .
.بصفتها ملكة لمدة سبعة عقود، عاشت الملكة إليزابيث في أزمنة شهدت تحولات غير عادية، وقد انعكس ذلك في العديد من الإشادات
ولدت في عصر متغير وفي بلاط يعود للقرن الـتاسع عشر، أكثر منه للقرن العشرين. ورغم التغيرات الكبيرة الناجمة عن الحرب العظمى إلا أن المجتمع البريطاني ظل على نطاق واسع يقر بالطبقية والثروة.
وظلت القواعد المتحكمة في السلوك الملكي وعلاقات التاج بالعالم الخارجي صارمة وتبدو غير قابلة للتغير.
عندما جلست على العرش وهي شابة صغيرة واثقة كان التوجه الذكوري يسيطر على معظم أنحاء العالم. وتحدث ونستون تشرتشل حينئذ عن عصر إليزابيث الجديد وبدت الملكية ومستقبلها في مأمن وظلت الإنتقادات الموجهة لها محصورة بجماعات صغيرة سواء كانوا جمهوريين أم سواهم.
لكن في عام 1957 برز نقاش حول دور العرش، ومن فتح الباب أمام ذلك النقاش لم يكن سوى أحد أقطاب حزب المحافظين. فقد كتب اللورد ألترينشام مقالا جاء فيه “إن الملكة غير مؤهلة لأداء الدور المطلوب منها وتتحدث كطالبة في مدرسة”.
وقال إن على المؤسسة الملكية أداء مهمة مستحيلة وهي أن تكون عادية وغير عادية في آن واحد.
وقد أثار المقال الغضب، لكن ألترينشام قال إن الهدف من المقال هو خدمة الملكية وتعزيزها وتمكينها من الاستمرار، فهي مؤسسة ثمينة للغاية ويجب عدم إهمالها.
ورغم أن هذه الدعوة غابت أمام موجة التعاطف مع الملكية، بل وتعرض ألترينشام نفسه للاعتداء في الشارع من قبل أحد أنصار الملكية لدى مغادرته أحد استوديوهات التلفزيون، إلا أن هذه الدعوة أثارت تساؤلات حول جمود هذه المؤسسة
ردت الملكة على هذه الانتقادات على جبهتين، الأولى تمثلت في ممارسة العائلة المالكة دوراً أكبر في الحياة البريطانية العامة فظهر أفراد العائلة أكثر تفاعلاً وحيوية.
وأما الجبهة الثانية فتمثلت في دور الملكة كرئيس للكومنولث في وقت أخذت تحصل فيه المزيد من المستعمرات السابقة على استقلالها.
وبذلت الملكة جهداً كبيراً في تشجيع الحوار والتعاون بين أعضاء الكومنولث الأغنى والدول الأقل نمواً في الرابطة.
عام 1969 أنتجت بي بي سي فيلماً وثائقياً عنوانه “العائلة الملكية” أحدث تحولاً في نظرة الناس للأسرة الملكية في بريطانيا.
ففي الفيلم ظهرت الملكة تعمل وتلعب وتلتقي بالناس في قصر باكينغهام وتتنزه مع أسرتها في قصر بالمورال.
ولكن بعض مستشاري العائلة لم يرحبوا بهذه الخطوة واعتبروا أن “الغموض” المحيط بالأسرة الملكية، وهو من وجهة نظرهم ضروري، بات يتآكل.
وقف وراء هذه الخطوة اللورد ماونتباتن، عم الأمير فيليب دوق إدنبرة الراحل، وأطلق على الطريقة التي تطورت بها العائلة المالكة “الماونتباتنيزم” والتي عبر عنها بن بيملوت، كاتب سيرة الملكة قائلا :”إنها إدراك واع من البلاط لموقف الرأي العام
ومن خلال شهادات رؤساء حكوماتها السابقين، من الواضح أن ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية قدمت مساهمة كبيرة في حكم البلاد وفي نفس الوقت التزمت بشكل كامل بدورها المحدود وفق النظام الملكي الدستوري.
بموجب دستور بريطانيا غير المكتوب، للملك الحق في أن يحاط علماً بقرارات الحكومة وسياساتها كما له الحق في إسداء النصح لرئيس الحكومة وتحذيره.
وكانت إليزابيث تحرص طيلة عهدها على أن تكون ملمة بقرارات حكوماتها ولم تتردد في التعبير عن رأيها – في لقاءات خاصة – لعدد كبير من رؤساء الحكومات.
وداعا إليزابيث:
توفيت الملكة البريطانية إليزابيث الثانيةمساء الخميس عن عمر ناهز 96 عاما، وقد تولت بريطانيا 70 عاما حيث أصبحت ملكة وهي بعمر 25 عاما وذلك في عام 1952.