“كُن سعيداً ‘
بقلم: عمر الشريف…..
“يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِۦ ۚ فَمِنْهُمْ شَقِىٌّ وَسَعِيدٌ” هذا ما قاله الله عز وجل في سورة هود، وما نزال نسأل أنفسنا عن السعادة ومعانيها، ونعاني الأمَّرين في تحصيل شيء من متعة السعادة، وما ذاك إلا لأهمية السعادة التي بدونها لا تكون الحياة حياة، وإنما هي حياة ولكن بطعم الموت المر .
فكيف نكون سعداء؟ وكيف نجد السعادة؟ ومتى نحظى بها؟
أسئلة كثيرة تدور في عقولنا، فكل واحد منا يأمل بالعيش السعيد والحياة الرغيدة التي لا كدر فيها ولا هم، فحياتنا بلا سعادة لا معنى لها ولا لون، وإنما مجرد تكرر أيام.
وللسعادة معاني متعددة وألوان مختلفة يتفق عليها البشر ويختلفون، فالبعض قد يراها في المال والثروة، والبعض يروها في المنصب والسلطة والجاه، وآخرون في العائلة والأولاد، وآخرون في الصحة والعافية في البدن، وغيرها وغيرها الكثير، كما أنها لا تقاس بالكِّم أو بالحجم بل بالأثر والنتيجة، فرُب جنيهات معدودة أدخلت السعادة على قلب رجل مُعدم أكثر ما تدخله الملايين على قلب رجل ثري، كما أن الرمد للرجل الأعمى أغلى في نفسه من البصر للرجل الصحيح الذي لم يعرف النظر في حياته .
إلا أن حصول السعادة الكاملة هي المستحيل بحد ذاته، فالحياة لم ولن تصفو لأحد، فهي دائمة التحول والانقلاب، تزورك أيامك وتغادرك شهوراً، وهذا من طبعها وعادتها، ولا يمكن أن تتطمئن لها بأي حال من الأحوال.
ولما كان تحصيل السعادة صعباً واستقرارها في حياتنا أصعب، كان على العاقل أن يستثمر فرص السعادة البسيطة اليومية التي يحظى بها في مجريات حياته وأن لا تقف سعادته عند تحقيق الأحلام الكبيرة والخيالات الواسعة فقط، ففنجان قهوتنا الصباحي فرصة للسعادة عندما نرتشفه بالرضا بما نملكه من هبَّات الحياة المتنوعة ولو كانت متواضعة، وسيرنا في الطريق فرصة للسعادة عندما نشعر بنعمة الجسد المعافى والحرية بين الناس، وتناول الطعام فرصة أخرى للسعادة عندما ندرك الكم الهائل من أفواه الجائعين والمحرومين من حولنا.
دعونا نغير نظرتنا عن السعادة بمعناها الواسع الكبير، ولنجعل أحلامنا متواضعة سهلة التحقيق والإنجاز، وخصوصاً في هذا الزمن الصعب، عندها يمكن أن نرى سعادتنا قد بدأت تتحقق رويداً رويداً، وسنعيش حينها سعادتنا واقعاً يومياً بدل أن تكون حلماً مؤجلاً أو سراباً نسعى إليه طيلة حياتنا، كي لا يضيع عمرنا ولا نحقق سعادتنا المرسومة في أذهاننا .