قصة قصيرة …بعنوان ( تعود )
للأديب / خالد الجمال …..
تقلبت علي السرير .
وكأنني موجة تتهادي في بحر الغرق ؛ تبحث عن شاطئ النجاة .
نهضت فجأة وقطرات العرق تتساقط خلفي كسرب من النمل يتبعني . حتي استقر بنا الأمر في شرفة المنزل .
شعرت بحرارة الشمس تسكن مسام جلدي ؛
ولما استقرت قدماي علي أرض الشرفة أحسست بمعاناة من قذائف الشمس المتلاحقة التي اخترقت جلد النعال . نظرت إلي الشمس بعين الرحمة . أرجوها استعطفها والفضاء يحجب توسلاتي بعاصفة ترابية اغتصبت من الغلاف الجوي خواصه . وألقت علي الأرض الظلام .
حمدت الله لرفع هذه الغمة التي لم تدم إلا قليلا .
وغرقت في لحن الإيمان . لكني اكتشفت أنني أحتاج إلي آليات لتوثيق اللحن في قلبي .
فهبط ببصري تتفقد المارة . لمحت الدرب مخنوقا . يبحث عن سبيل يلملم الأشلاء المتناثرة .
فالأجناس مختلفة والمناكب متلاحمة .
زحام شديد لا تؤثر فيه كتل النيران المتساقطة من شمس يوليو .
من بين حوار الأجساد لمحت عيني فتاة ترتدي زيا باليا يبرز مفاتنها من شرائحه الممزقة .
شعرها متلبد يحلم بالتصفف تحملها ساقان كعودان قطن جاف . تهرول إليها حبات الرمال هاربة من حرارة الجو تحتمي في القدمين الحافيتين والفتاة لا تبالي . تبعث من خيوط وجهها الملوث ابتسامة تزف سبعة عشر ربيعا .
يدها تقبض علي كرسي متحرك . تحتله امرأة عجوز .
الوهن يأكل جسد الفتاة وهي تقف علي قدم لتريح الأخري . ثم تبدلها وتدفع الكرسي للأمام وتنظر للشمس بابتسامة لا تفارق شفاتيها الصغيرتين .
أرسلت إليها أبني بنعال جديد .
أخذته بابتسامة ووضعته تحت إبطايها واختفت عن الأنظار .
فأغلقت النافذة وعانقت السرير .
وأدركت معني التعود .