مازال النيل يجري بين جنباته يحمل حياة بداخله، وحضارة مصر التي هي دائماً في خاطري وفي دمي
ولن نبتعد كثيرًا عن قوة وجود الواقع حين نقول أن مصر جاءت ثم جاء التاريخ لتكون صانعة للحضارة، لأن خير شاهد علي ذلك حين تتصفح تاريخ مصر الزاخر بتاريخها والعمارة التي ترسم تاريخ فترات طويلة من التاريخ عاشت علي أرضها، ستجد أن مصر حملت قصة حياة بداخلها من بداية الحضارة الفرعونية التي مازالت تفصح كل يوم عن بعض أسرارها وكنوزها التي ترقد في أعماق الأرض، إلي رحلة السيد المسيح والعائلة المقدسة علي أرض مصر، إلي وقف طوفان التتار الذي كان يهدم نور المعرفة بتدمير كل مشاعل الحضارات التي يمرون عليها في طريقهم، إلي بداية تاريخ الحملة الفرنسية علي أرضها التي استطاعت فك رموز الحضارة الفرعونية لتثبت للعالم سحر وقوة حضارة مصر، إلي مرحلة أخري من الاستعمار وهي الاحتلال الإنجليزي الذي هزمته قوة غضب مقاومة المصريين لرفض وجود أي قوة تحتل أرضه، وهذه هي عقيدة الشعب المصري الذي يسعي دائماً لهدم فكرة وجود أي محتل يفكر أن يضع بصمته علي أرضها، ليكتب التاريخ بداخل صفحاته صفحة أخري إسمها حرب أكتوبر التي أصبحت أكبر دليل علي أن الشعب المصري هو قاهر العدو الذي لا يهزم، ودائماً وأبدًا ستبقي مصر هي مهد الحضارات التي تصنع تاريخ العالم، مصر والتي كان يطلقون عليها سلة غذاء العالم، والتي كانت هي من تصنع كسوة الكعبة المشرفة لفترة طويلة ستبقي مشعل للحضارة فوق منارة عالية وجينات من العزة والكرامة تجري في دماء كل المصريين علي مر التاريخ، وأيضًا رسالة تحذير لكل من تسول له نفسه مجرد التفكير في أن يصبح سبب في إيذاء شعبها، وهي تذكرهم دائماً أن في جوفها قد طويت العديد من الحضارات، ومع ذلك لم يتأثر المصريين بلغة أي محتل، لقد ذاب المحتل بداخل نسيج الشعب المصري ولم يذوب المصريين بداخل نسيج أي محتل مر علي أرضها، ستبقي مصر كما هي حائط صد منيع علي مر العصور لأي عدو يفكر أن يدنس أرضها.