في فرنسا اليوم وعلى ساحات الميادين الأولمبية يتكرر نفس الحساب، لتصفية نفس الحسابات
مقالة/ لزهر دخان…
من الذكاء المتفق على نجاعته لدى جميع أولي التجارب والعزم ، هو أن تجعل من مصائب الأخرين فائدة لك قومك . وإذا كنت رجل دولة كبير كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، الذكاء يحتم عليك إستغلال الفرص وكل الفرص ، حتى تتمكن من قلب النتيجة وهزيمة الخصوم الذين لا يتراجعون ولا يستسلمون، ولو هزموا يومياً ..لأنهم يُحركون بريح سياسة لا تهدأ إلا إثر الإنتصار . ولا تنتصر إلا عقب الهزيمة ..
في فرنسا اليوم وعلى ساحات الميادين الأولمبية يتكرر نفس الحساب، لتصفية نفس الحسابات مع نفس الخصوم محليين ودوليين . خصوماً من الذين لا يهدون طالما إستمر ماكرون في قصر الإليزيه رئيساً لفرنسا .
في فرنسا اليوم ما وصفه فيلسوف ياباني بالمزبلة الرياضية .. وكان الفيلسوف ينتقد المعايير المزدوجة بشأن مشاركة روسيا وإسرائيل في أولمبياد باريس. الحدث الرياضي الذي أطلق صافرة بدايته ماكرون ، وهو متعشماً في النصر أثناء الحدث وبعده . ولنا أن نذكر بما حدث في الماضي وكيف كانت التظاهرات الرياضية الكبرى خلاصاً لفرنسا من أكبر أزماتها . ففي عام 2016 م كانت المظاهرات الاحتجاجات قد عرقلت كل شيء في فرنسا ، وتسببت في كساد عالمي وفوضى داخلية لم يسبق لها مثيل . ولم تنتهي تلك الأزمة ولم تنطفأ نار فتنتها إلا عندما شُغِل الفرنسيون بكأس أمم أوربا لكرة القدم التي نظمت في بلادهم . ثم جاءت بعدها أزمات أخرى أكبرها أزمة السترات الصفراء ، استمرت لأسابيع طويلة فلم تبرد نارها كلياً إلا انشغال الفرنسيين بكأس العالم لكرة القدم في روسيا . ومن مثل هذه الأحداث وغيرها تعلم ماكرون أنه بإمكانه إعتبار شعب فرنسا مجموعة أطفال يمكن تشغيل عقولهم الألعاب ..
أما الفيلسوف الياباني اسمه سايتو كوهيه فقد أقدم على إذاعة انتقادات الأولمبياد باريس ، ووصفها بأنها “مزبلة رياضية” سعياً منه للفت النظر إلى وجود معايير مزدوجة في التعامل مع مشاركة روسيا وإسرائيل في الحدث.
ونوه كوهيه إلى ضرورة عدم السماح لإسرائيل باللعب في الأولمبياد ، لأن الأمر ليس سهلا بالنسبة إليه، فهو لا يستطيع مشاهدة الأولمبياد و الاستمتاع المنافسات، وفي نفس الوقت تستمر ألة الحرب العبرية البربرية في تدمير غزة تجويع شعبها وقتل أبريائها من النساء والأطفال .
كما وجه لومه لمن تعمد أن تكون الماكرونية حاضرة في نقوش ميداليات أولمبياد باريس التظاهرة الأخرى التي ستنتصر ماكرون مرة أخرى عندما يهدأ أبناء شعبه ..ويجدون في الرياضات المختلفة التي تمارس في ديارهم اولمبياد المتنفس والخلاص من ظغط السياسة وسيطرة الساسة على حياتم وثقافتهم وأيام عطلهم.
وفي الوقت الذي لا يزال فيه الفلاسفة في العالم عاجزين على ايجاد مبرر لسياسة الكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بإسرائيل ، كان ماكرون ومنذ أشهر قد تمكن من تبرير عدم لاعتراضه على مشاركة إسرائيل في الأولمبياد الباريسية ، كذلك كانت له مبرراته التي تم بناء عليها إستبعاد روسيا من نفس التظاهرة .
آن ذاك كتب الإعلام الروسي عن ذالك التبرير غير العادل سعياً منه لنصرة روسيا الظالمة المظلومة ، وفيما يلي ما حركة حينها على موقع روسيا اليوم العملاق: ((برر رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون الفارق في التعامل مع إسرائيل المشاركة في أولمبياد باريس 2024 رغم حربها على غزة، وروسيا المستبعدة عن الألعاب على خلفية عمليتها العسكرية في أوكرانيا.))
آن ذاك أيضا وبتاريخ 15 أفريل 2024 ، وجد ماكرون نفسه مستعدا لجني الفوائد من المصائب ، فقال في مقابلة مع قناة “بي إف إم تي في” وإذاعة “إر إم سي” ((إنه بين روسيا وإسرائيل “الوضع مختلف تماما”)) وكان كلامه موجهاً لليساريين من النواب بعدما طالبوا أن تفرض على إسرائيل خلال الألعاب الأولمبية نفس العقوبات المفروضة على روسيا وبيلاروس. وكانت تلك المطالبات دون جدوة ..
ووجد ماكرون لإسرائيل الأعذار على ما تقوم به مُعللاً ذلك بأنها ليست البادئة بالإرهاب .. فقال:
((إسرائيل كانت ضحية هجوم إرهابي… يمكننا أن نختلف مع إسرائيل حول كيفية الرد وحماية نفسها، لكن لا يمكننا أن نقول إن إسرائيل هي من بدأ الهجوم، وبالتالي فإن التمييز (بينها وبين روسيا) واضح للغاية))
وهكذا كان ماكرون مستعدا لتنظيم الأولمبياد دُون صداع لأنها هي الحدث الذي يخلصه من الصُداع ، أما إسرائيل فقد تعشم فيها مخلصة من الإرهاب بسلامها الذي ربما يفهم بالفرنسية واللاتينية ولا يفهم بالعربية إلا إرهاباً ، وقد قال ماكرون في سلام اليهود :((لهذا السبب سيكون العلم الإسرائيلي هناك (في الألعاب)) سيكون الرياضيون هناك وآمل أيضا أن يكونوا حاملي السلام لأنه سيتعين عليهم التنافس مع العديد من رياضيي المنطقة ))
أما اللجنة الأولمبية الدولية فقد نأت بنفسها عن الحرب في غزة بين إسرائيل وحماس . اعتبرت نفسها مساهمة في الحل ومطالبتها بـ”حل الدولتين” وهي اللجنة التي تطبق هذا الحل على صعيد الأعضاء المنضويين تحت لوائها. معتبرة أن تعايش اللجنتين الأولمبيتين الإسرائيلية والفلسطينية منذ عام 1995 أمراً مشجعاً.