( عظماء من زمن فات) ابن القاضي مات فقيرا وتكفل فريد بجنازته
صفاء مصطفى …
( عظماء من زمن فات) سلسلة أسبوعية نتناول فيها شخصية فنية من رموز الزمن الجميل
وشخصيتنا اليوم من مواليد 23 أغسطس عام 1899 أحد عمالقة الكوميديا وصاحب بصمة قوية لا تشبه أحد استطاع أن يبقى فى ذاكرة الأجيال إلى الأبد بطريقته المميزة وفنه العابر للزمن.
هو حسب الله السابع عشر الفنان (عبد السلام النابلسي)
اسمه الحقيقي هو عبد السلام عبد الغنى النابلسي.
نشأته
ولد عبدالسلام عبدالغني النابلسي فى شمال طرابلس اللبنانية فى 23 أغسطس عام 1899 إلا أن جذوره تعود إلى مدينة نابلس الفلسطينية ، و كان جده قاضي نابلس الأول ومن بعده والده، و أرسله والده إلى مصر للدراسة في الأزهر، حيث حفظ القرآن وأتقن اللغة العربية إلى جانب اللغتين الفرنسية والإنجليزية
في عام 1925 خاض عبدالسلام التجربة الصحافية وعمل في أكثر من مجلة مثل: (مصر الجديدة والصباح)، وفي عام 1929 سنحت له الفرصة ليخوض التجربة الفنية على يد السيدة آسيا في فيلم (غادة الصحراء)، لكنه لم يكن مفتاح دخوله إلى النجومية بل جاء فيلم (وخز الضمير) عام 1931 ليحقق له ذلك المنال. لم يكتف
عبدالسلام بكونه ممثل ناجح بل اتجه أيضًا إلى الإخراج وعمل مساعد مخرج خاصة مع الفنان (يوسف وهبي)، إلا أنه في عام 1947 تفرغ مرة أخرى للتمثيل بعد زيادة مطالبته بالعديد من الأدوار في الأفلام الكوميدية التي طالما تألق بها. وكما زادت شهرته تفاقمت أيضًا الضرائب عليه وهو ما جعله يقرر العودة مرة أخرى إلى لبنان وهناك صار مديرًا للشركة المتحدة للأفلام وأنتج عدة أفلام منها (فاتنة الجماهير)
هو حسب الله السابع عشر فى فيلم شارع الحب ، وزيزو حلاق السيدات، والاستاذ رشيق فى الحموات الفاتنات، وعدنان فى إزاى أنساك، والصول بكير فى البوليس السرى، وعزيز معزوز فى فيلم السبع بنات، وغيرها عشرات الأفلام، التى ظهر فيها عبدالسلام النابلسى بشخصيات تشبه شخصيته الحقيقية، التى تمزج بين الطيبة ومحاولة إظهار الأرستقراطية والاستعلاء، حتى وإن لم يكن يملك الكثير من المال والأملاك، وبخفة ظله التى جعلته من أشهر فنانى الكوميديا الذين ساعدوا على نجاح العديد من أفلام ونجوم الزمن الجميل ، وشارك عمالقة الفن فى روائع الأعمال.
قصة زواجه
أما قصة زواجه المثيرة، فترويها زوجته التي تدعى جورجيت، تقول أنا كنت معجبة بفن عبدالسلام ودائماً أسمع أخباره، وفي يوم من الأيام سمعته في مقابلة إعلامية، سأله المذيع لماذا لم تتزوج فقال، لم تخلق المرأة التي أنا أتزوجها، ومن رده عملت جورجيت مداخلة وأخذت تلومه على فكرته الخاطئة بالزواج وطال نقاشه معها، وطلبت منه إذا يسمح أن تتصل به في اليوم التالي لكي تواصل النقاش في نفس الموضوع، تقول ووافق،
واستمررت الاتصال به يومياً، وفي أحد الاتصالات طلب مني أن التقي به فوافقت والتقينا في مقهى وسط بيروت ومن دون مقدمات، فاجأني بهذا السؤال هل تتزوجيني؟ وأنا لم أتوقع هذا السؤال فقلت امهلني كم يوم أفكر! فانقطعت عن الاتصال به عدة أيام، قال لى بعد الزواج الأيام
التي انقطعتي عني كنت أترقب اتصالك في كل لحظة ودقيقة وأكاد أصبح مجنوناً، ولكن أنا اتصلت به، وكان سعيداً بذلك، وقال لي تتزوجيني فوافقت وذهبنا معاً إلى منزل الفنان فليمون وهبة لكي يتم الزواج، وفليمون صديق عزيز لعبدالسلام ولقد تم عقد الزواج هناك، يقول عبدالسلام وفي المساء طلبت من فليمون أن يتصل بأهل جورجيت ويخبرهم بأن جورجيت
تزوجت من عبدالسلام النابلسي يقول وما هي إلا ساعات قليلة حتى طب علينا إخوتها الستة ومعهم أقرباؤهم واطلعتهم على عقد الزواج، فطلب مني أخوها الكبير عقد الزواج، وذلك لكي يتأكد من صحة الزواج لأن جورجيت كانت قاصراً عمرها 17 سنة، وأنه سوف يحضرها إليه غداً بنفسه، ولكن أخذوا جورجيت ولم يرجعوها له، وظلت جورجيت شهراً في بيت أهلها، فاستعان عبدالسلام بشخصية
سياسية كبيرة في لبنان لخطفها، فأرسل هذا الشخص مجموعة من الرجال إلى منزل جورجيت فوجودها في حديقة المنزل فقالوا لها أنت جورجيت فقالت لهم نعم تقول قالوا لي عبدالسلام بانتظارك هل تريدين الذهاب إليه؟ فقلت بسعادة نعم لأني أحبه فأخذوني إلى طرابلس لأنه موجود هناك، وفي الطريق غيروا السيارة بسيارة أخرى وعند الباب تعانقنا عناقاً طويلاً هو
يبكي وأنا أبكي ودموعنا اختلطت مع بعض وأخذنا نسكن في فنادق لا نستقر بها طويلاً، وكان الفرق بين العمرين هو 33 عاماً، ولقد استمر زواجهما أقل من خمس سنوات ومات عبدالسلام في عام 1968
وفاته
وعن وفاته أوضحت زوجته أنه كان يصور فيلما في تونس بصحبة فريد شوقي وصباح، وشعر بإرهاق شديد وبعد عودته ب 15 يوما حدثت الوفاة ، وتكفل صديقه فريد الأطرش، بتحمل تكاليف الجنازة.
بعد وفاته بأيام قليلة أعلنت الفنانة زمردة وكانت صديقة له سرا يتعلق بحقيقة مرضه، حيث أكدت أنه لم يكن يعاني من مرض بالمعدة كما أشاع ولكنه كان مريضا بالقلب منذ
عشر سنوات. وأنه تعمد إخفاء ذلك حتى عن أقرب الناس إليه حتى لايتهرب منه المخرجون والمنتجون ويبعدوه عن أفلامهم، وأنها عرفت ذلك بالصدفة وذلك عندما أرسل معها بعض التقارير الطبية إلى الطبيب العالمي د. جيبسون والذي كان يشرف على علاج فريد الأطرش، وهو الذي أخبرها بحقيقة مرض عبد السلام النابلسي دون أن يدري أن النابلسي يخفي ذلك وعقب عودتها صارحته بما عرفت فبكى أمامها واستحلفها أن تحفظ هذا السر وهو مافعلته حتى وفاته في 5يوليو 1968التي حدثت على إثر أزمة قلبية حادة.
رحم الله الفنان القدير عبد السلام النابلسي واسكنه فسيح جناته