صنعة المثابرة، و تكتيك النجاح، و عالم الوحدة المفصول بعناية ثقافية عن عالم التوحد
مقالة لزهر دخان
لا أزال أتخيل نفسي مُستمعاًللإذاعة كأفضل مُلهم ومساعد لي على الكتابة . في كل مرة أبدأ فيها نصاً جديداً من أفكاري الشعرية ، أو مقالاً جديداً من مقالاتي بمختلف أقسامها سيما الأدبية منها والإعلامية التقريرة . ولهذا الرُجوع شبه الفطري إلى ذاك الأثير الذي يشعر بهواه كل من إستقبلت أذناه قديماً وحديثاً . له أيضاً صناعات أخرى في حياتي خارج عالم الكتابة . وهي لضرب المثل لا للحصر: صنعة المثابرة ، و تكتيك النجاح ، و عالم الوحدة المفصول بعناية ثقافية عن عالم التوحد ..
ولي أن أضرب مثلاً عن الإذاعات التي كنتُ أستمعُ إليها قبل عهد السوشيال مديا . وهي كثيرة ومن أبرزها هيئة البي بي سي البريطانية بمختلف برامجها . وكذلك إذاعة طرابلس أف أم الليبية. والإذاعة الجزائرية ثم الإذاعة الرائعة ذات البرامج الطموحة والإبداعية، ألاَّ وهي إذاعة مصر .. سيما إذا كانت المناسبة كبيرة كعيد الأم .أو كان البرنامج مواسيا للمغتربين .ويبحث عن إسعادهم وتذكيرهم بالوطن برنامج الطيور المهاجرة ..
((بدأ البث الإذاعي في مصر في عشرينيات القرن العشرين وكانت عبارة عن إذاعات أهلية، وبدأ بث الإذاعة الحكومية المصرية في 31 مايو 1934 بالإتفاق مع شركة ماركوني، وقد مُصِّرَت في عام 1947 وألغي العقد مع شركة ماركوني. كان عدد محطات الإذاعة المصرية في بدايتها أربع محطات حتى وصلت الآن إلى عشر محطات. ))
وفي الجزائر بلغت الإذاعة قمة التطور وإنتشرت أوسع إنتشار على مدى شساعة أرض الوطن . الذي خصصت دولته منذ سنة 1991 مشاريعها الإذاعية لعموم ربوعه. إذاعة ناطقة بإسم وثقافة كل ولاية . الأمر الذي ساهم ((في تنويع عرضها البرامجي وتوسيع إنتشارها الأثيري ))
وبذلك إمتلكت البنية التحتية الوطنية شبكة الإذاعات المحلية بمجموع 55 قناة . منها 48 إذاعة محلية بمعنى لكل ولاية أثير. و 03 قنوات وطنية ناطقة بثلاث لغات (القناة الأولى بالعربية، القناة الثانية بالأمازيغية والقناة الثالثة ) أضف إليهم قناة القرأن الكريم وقناة الإذاعة الدولية الجزائرية والقناة الثقافية . فعلاً إن الإذاعة هي اللغة والغناء والخبر وبرامج تكاثرت حتى نجحت في زمن يحترمه الجميع . سيما البشر السميع فيرضيه حين يسميه بالزمن الجميل . الذي ولدت فيه ثقافات ولغات وعبر وعبارات من أبرزها جملة هنا القاهرة جملة شهيرة قالها مذيع شهير هو أحمد سالم . كانت من أولى الكلمات التي إنطلقت عبر الإذاعة المصرية في إفتتاحها عام 1934 م ، ((وهي عبارة جميلة تتألق بها إذاعة البرنامج العام وخاصةً عندما يقولها المذيعون والمذيعات قبل بداية البرامج وفي الفواصل بكل حماس وبكل إنتماء ومن أعماق قلوبهم يهتفون هنا القاهرة. ))
كذلك كانت هناك أصوات إذاعية عملاقة بسبب تعلق المستمعين بها .. وإن كل من إلتقط أمواج الإذاعات المتوسطية من سكان شمال إفريقيا وجنوب أوروبا يعرفون أنه كان في الأصوات الإذاعية العمالقة ، صوت فلسطين .الذي يبث من ليبيا قبل أن يغلق ويصبح إذاعة إفريقيا صوت الإتحاد ألإفريقي الذي أسسه الراحل معمر القذافي في سنة 1999م .
أما اليوم فقد تعود اللسان في مصر والعالم العربي والعالم على إسم أخر يطلق على الإذاعة والتلفزيون في مصر . وهو ماسبيرو . ويعود أصل التسمية إلى إسم عالم كبير وشهير من علماء المصريات الفرنسيين جاستون ماسبيرو. الذي شغل منصب رئيس هيئة الآثار المصرية. هذا من ناحية الإسم الذي أطلق على المكان أي المبنى المشيد في عهد الراحل جمال عبد الناصر بقراره الرئاسي . في أغسطس عام 1959 م بدأ البناء وأنجز في 21 يوليو 1960م . ورغم قصر المدة وعدم كفايتها لإنجاز المشروع تم الإنتهاء منه في أجله المحدد وإستطاع عبد الناصر بث برنامج الإذاعة والتلفزيون من ماسبيروا في الذكرى الثانية لثورة يوليو .
من أثرى نشاطات الإذاعة المصرية حتى اليوم برنامجها الثقافية الموجه إلى المثقفين في عموم مصر والعالم العربي . وكان أخر برنامج ثقافي إذاعي مصري في سنة 2022 م بحضور الناشر دار الأديب للنشر والطباعة والترجمة ممثلة في شخص رئيسها المدير التنفيذي والمؤسس د سيد غيث سليل عائلة غيث . ودار الحديث عن أهم إنجازات مؤسسته الناشرة في سنة2022م (( والتعليق على المشهـــد الثقافـي المصري في ظل استقبال عام ميلادي جديد .. اعداد الاعلامية الموهوبة والمائزة…أستاذة ، هبة محمود)).
وكانت إذاعه البرنامج الثقافى المصرية قد بدأت الإرسال ((من القاهره فى 5 مايو 1957 بإسم “البرنامج الثانى” )) بنشاط يسمح لها بالتخصص في الشأن الثقافى(( و بيرجع الفضل فى تأسيسها الى سعد لبيب.)).
لثلاثة ساعات كاملة كانت الإذاعة الثقافية تبث شقاً لطريق البداية . في مساء كل يوم كلما حلت الساعه التاسعة حتى الساعه حداشر ثم مدد البث ليصل نفس الإرسال إلى أربعة ساعات (من تمانيه مساء لنص الليل) . إلى أن أصبح البث على مراحل . واليوم يقدر زمن البرنامج الثقافي ب12 ساعة يوميا من الثالثة مساءً إلى ثالثة الفجر.
((أحمد سالم (20 فبراير 1910 – 10 سبتمبر 1949)، ولد في أبو كبير بمحافظة الشرقية، هو أول مذيع مصري بالإذاعة المصرية سنة 1936. من مواليد مدينة أبو كبير محافظة الشرقية.))