صباح مصري
” و ياما في الزوايا من خبايا ” ؟
بقلم: سمير المصري
هناك الكثير من “هل” التي تستحق أن تكون سلوكا وممارسة للقائد وفريقه ، لبناء قاعدة شاملة لليوم التالي،
أقارن بين حال المسؤول ، أو المثقف وهو في منصبه، وحاله وهو خارج المنصب ، فإذا الفرق شاسع و بعيد ، فأتساءل عن تلك التناقضات من أين نتجت ؟ وإلى أين تنتهي ؟
المدير المسؤول وهو في المنصب يكون السكوت عنده سيد الموقف ، إقراراً بالهزيمة ، أو اعترافاً بالظلم ؛ ولأنه فقد القصد والاعتدال في تفكيره ، وظل واقفاً مكانه لا يخطو خطوة إلى الأمام ، أو في طريق الإصلاح والتقدم ، وهو ما ظل ينظر إلى الناس وحقوقهم بعين الازدراء والامتهان ، فلا وزن لهم ولا تقدير .
أما حاله وهو خارج المنصب ، فيوم يعود إلى الانضمام للعامة يوهم الناس بأنه كان – أثناء عمله – البطل الحريص على مصالحهم ، والمدافع عن مشاكلهم ، ويبدأ في إعادة رسم الخارطة بكل مقاييسها وأبعادها .
ولكن على مزاجه الخاص، يكتب إنجازاته ومذكراته، ويريد أن تتقبل كل ما يكتبه بسرعة فائقة ، ولكن الحاسة الذكية تدرك أنه كان بطلاً من ورق!!
عندها يُواجَه هذا المسؤول بالحقيقة التي رسمت سلوكه حين كان الآمر الناهي، يملؤه الغرور، ويرى الواقع في عيون أهله وأصدقائه ممقوتاً من المجتمع ، ورافضاً كل ما يكتبه؛ لانفصاله عن الواقع المعاش.
ويجوز أن يكون للناس في هذا الموضوع مذاهب أخرى!!
لكن ما لم يدركه أن الصراحة الدائمة تعتبر عيباً للمدير ، اوالمسئول السياسي ، أو المثقف وهو في منصبه ؛ لأنها تدخله في مآزق وتفوت عليه مقاصده ، فليس كل ما يعلم يُقال، وليست كل المحاولات متماثلة حتى يقال في كل موطن ما يقال في سواه.
أفلم يرد في الأمثال ما كل ما يعلم يقال ؟
تذكر القول …
ومن لم يصانع في أمور كثيرة يضرّس بأنياب ويوطأ بمنسم؟!
الخلاصة
وفي النهاية، تذكر أيها المدير المسؤول أن ما تزرعه إبان عملك تجنيه بعد خروجك منه، ولا تبقى لك إلا الذكرى الطيبة والسيرة الحسنة . ستذهب الي طي النسيان …. وسوف يتم تنحيتك جانبا.. لتصبح من خبايا … الزوايا .
” و ياما في الزوايا من خبايا “
كلام يبدو أنه مستوحى من الاعتقاد بأن الزاوية عندما ترد على الخاطر فإنما ترد بوصفها المكان الغامض الذي يخفي داخله أو حوله أسراراً وحكايات وتساؤلات .
تبدو الزاوية بهذا المعنى ركناً ضيقاً ، معتماً ربما، بالقياس إلى الحيز الواسع، إلى الفضاء الذي تبدو فيه الأمور واضحة ومكشوفة .
نحن نقول عن شيء ما نحيناه جانباً لقد ” ركناه في زاوية”، فيما معناه عن أننا أبعدنا هذا الشيء عن محط أنظارنا وعن مركز الثقل في تفكيرنا ، ابعدناه عن بؤرة النظر … والقيناه الي هامش النظر … لقد قررنا واعين. … ألا يشغل هذا الأمر بالنا ، ربما مؤقتاً وربما دائماً .
وما يصح على الأشياء قد يصح على الأشخاص . يحدث أحياناً أن يتوارى بعض الأشخاص إلى “زاوية النسيان”، ونلاحظ هنا هذا التعبير الدارج الذي يقرن الزاوية بالنسيان بوصفها مستقراً أو موضعاً له .
لكننا بالتأكيد لا نستطيع أن نجزم ما إذا كان هذا الركون إلى النسيان قاطعاً أو نهائياً أو أنه من النوع المؤقت ، لأننا لا نعلم على وجه اليقين ما الآلية التي تقصي أشياء معينة إلى الجانب المعتم من الذاكرة ، إلى الزاوية ، الي هامش النظر .
الزوايا تحضر في خطابنا اليومي بدلالة أخرى مختلفة، كأن نقول حين ننظر إلى الموضوع من زواياه المختلفة فإننا نجد الصورة التالية له ، وهذا القول دالة النظرة الشمولية للأشياء والمواضيع ، رؤيتها وتفحصها من جوانب مختلفة لتكوين صورة تقريبية أو أقرب إلى الدقة .
وما هو لافت للانتباه أن صورة الشيء تتبدل تبعاً لزاوية النظر إليه، حين ننظر له من أعلى فإن صورته غير ما هي عليه لو نظرت له من أسفل، وهكذا الحال لو نظرت له من اليمين أو الشمال . . وهذا يطرح على بساط البحث نسبية الأشياء ، فما تراه أنت صحيحاً يراه سواك خاطئاً لأنه ينظر إليه من زاوية أخرى مغايرة، ولو تمثلنا هذه الحقيقة في الممارسة وفي الفكر لربما كنا أكثر تسامحاً ومرونة .
لا تستصغروا الزوايا . أحد الكتب المقدسة يقول :
“حجر الزاوية هو الحجر الذي تجاهله البناؤون ” . وحتى لو كان البناؤون قد تجاهلوا هذا الحجر، فإنه بالذات ما يقوم عليه المعمار ، وذهب القول إن حجر الزاوية في مشروع ما أو فكرة ما هو بمثابة مكمن القوة أو الركن الأساسي الذي إليه يستند هذا المشروع أو تلك الفكرة.