صاحب القرآن
بقلم : أشرف عمر
صاحب القرآن
{ إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ ، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا ، وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ }.*
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ( رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ ).
شرح الحديث
القرآنُ الكريُم هو كلامُ اللهِ المقَدَّسُ، والمسلِمُ مطالَبٌ بأن يقومَ بحِفْظِه ومعرفةِ ألفاظِه ومبانيه ومعانيه؛ فهو طريقُ الهِدايةِ والصَّلاحِ، فينبغي تعَهُّدُه والمداومةُ على قراءتِه ومراجعتِه حتى يظَلَّ ثابتًا في العَقلِ والقَلبِ، وقد شَبَّهَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ حافظَ القرآنِ وحامِلَه بصاحبِ الإبلِ المربوطةِ المشْدودةِ بالحِبالِ، فقال: «إنَّما مَثَلُ صاحِبِ القرآنِ» وهو الذي ألِفَ تِلاوةَ القرآنِ «كمَثَلِ صاحبِ الإبلِ المعقَّلَةِ » وهي الجِمالُ التي عَقَلَها صاحبُها، فربط أرجُلَها بالحبالِ؛ لأنَّها شَرُودٌ، وقد تهرُبُ وتبعُدُ عنه بحيث لا يمكِنُه استرجاعُها، ولكن «إنْ عاهَدَ عَليها» بأنْ راقَبَها، وأبقاها مَربوطةً، بَقِيَت عنده محفوظةً من الضَّياعِ، «وإنْ أطْلقَها ذَهبَتْ»، أي: وإنْ فَكَّها مِن حِبالِها -وهي شَرُودٌ- هَربَتْ وانْفَلتَتْ، والحَصْرُ في قوله: «إنَّما» هو حَصْرٌ مَخصوصٌ بِالنِّسبةِ إلى الحِفظِ والنِّسيانِ بِالتِّلاوةِ والتَّركِ، وشَبَّه درْسَ القَرآنِ واستمرارَ تِلاوتِه بِربْطِ البعيرِ الذي يُخْشَى منه أنْ يَشْرُدَ؛ فما دامَ التَّعاهُدُ مَوجودًا فالحفظُ مَوجودٌ، كما أنَّ البعيرَ ما دامَ مَشْدودًا بالعقالِ فهو مَحفوظٌ، وخَصَّ الإبلَ بالذِّكرِ؛ لأنَّها أقربُ شَيءٍ إلى الهروب، وكذلِك القرآنُ يَتفَصَّى ويَذْهَبُ مِن صُدورِ العِبادِ إنْ لم يُتاعَهَدْ ويُقْرَأْ أبدًا ويُتذكَّرُ؛ فبذلِك التَّعاهُّدِ وبتَيسيرِ اللهِ تعالَى وعَونِه لعبادِه عليه، يَبْقَى في صُدورِهم.