رَمَضَانُ شَهْرُ مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ
======================
الحلقة الثانية من سلسلة حلقات (الاالصيام فانه لى )
للاستاذة الدكتورة مفيدة على ابراهيم عميدة كلية الدراسات الاسلامية والعربية بالازهرالشريف
=============
رمضان شهر خير وبركة يهل علينا كل عام محملا بالهدايا والهبات، ونستشرق فيه الخير ونسعى جاهدين إلى إحداث تغيير كلي في حياتنا بالتقرب إلى الله تعالى بالطاعات. ورمضان للمسلم يعتبر مدرسة للأخلاق والقيم الفاضلة ومراجعة للنفس وتربيتها لتغيير السلوك نحو الأفضل.
و من أهم ما يتعلمه المسلم من الصيام هو حسن الخلق؛ لأن الصيام الحقيقي هو صيام الجوارح، ووسيلة لتحسين الأخلاق عند المسلمين. وشهر رمضان مدرسة لغرس القيم النبيلة والسامية في نفوس المسلمين وهو شهر مبارك يعتبر فرصة ذهبية لتزكية النفس والتحلي بالقيم والأخلاق التي بُعث بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وإن عناية المسلمين بشهر رمضان لا ينبغى أن تقتصر على أداء العبادات وقراءة القرآن بل ينبغى أن يصاحب ذلك غرس القيم السامية التي تزكي النفس وتنفع الناس وتخدم الفرد والمجتمع وترتقي بالأمة.
إن مجتمعنا الإسلامي له ثوابته وأخلاقياته وقيمه المستمدة من طبيعته، وطبعه، وما حظي به من كونه نقطة انطلاق الديانات، والحضارات، وبالتالي فإن ما يعانيه من غياب في قيمه وأخلاقياته يعد فعلاً تحديًا يجب مواجهته , فالقيم ليست شعارات تُرفع أو أفكار تناقش وإنما قناعات تُترجَم من خلال تصرفاتنا وسلوكنا وتعاملنا مع الآخرين. هي مبادئ متضمنة في أفعالنا وعلاقاتنا فقد جاء في الإسلام “الدين هو المعاملة” وفي القرآن الكريم على لسان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، وجاء على لسان المسيح عليه السلام إذا قال: أحدكم أنه يحب الله ولكنه يكره جاره فهو كاذب. و تؤكد العبارتان على أن المعيار هو علاقتنا مع الآخرين، كيف نعاملهم ومدى صدقنا معهم ومحبتنا لهم .والقيمة الأكثر جوهرية هي الأنسنة الصالحة .
شهر رمضان المبارك دورة تدريبية مجانية ومحطة لتربية النفس وتهذيبها، وهو مدرسة ليست كباقي المدارس فهو مدرسة تربوية وأخلاقية، يتعلم فيها الصائم أمورا كثير تعينه باقي أيام السنة.والصوم في الإسلام ليس المقصود منه الجوع والعطش لذاتهما، بل ما يتبع ذلك من أخلاقيات فهو مدرسة سلوكية تربي النفوس على التقوى وطاعة الله .
والأخلاق هي المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني والعبادات. وهي تمارين لتعويد المسلم على أن يتحلى بالأخلاق الحميدة وأن يلتزم بها في كل الظروف، لتكون جزءا من حياته أينما ذهب ومع أي شخص تعامل. والأخلاق هي رصيد الإنسان عند الناس فحَسَن الخلق هو أغنى الناس وسيئ الخلق هو المفلس.- أن الإسلام بكل ما اشتمل عليه من عقيدة وعبادة وأحكام فقهية، مرتبط بالأخلاق ارتباطا وثيقا، لا نحتاج في بيانه إلا أن نتأمل قليلا بعض آيات القرآن الكريم، وبعض أحاديث النبي صل الله عليه وسلم في قوله تعالى :«إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ » العنكبوت -45, وقوله تعالى : «كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» البقرة -183 .
أ . د / مفيدة إبراهيم علي