كثيرا ما تحدث الرئيس الروسى فلاديمير بوتن ومسؤولين آخرين، عن هدف روسيا في حماية الأشخاص الذين تعرضوا على مدى 8 سنوات إلى “سوء المعاملة” و”الإبادة الجماعية” في شرق أوكرانيا، وسعيها إلى اجتثاث من تسميهم “النازيين الجدد” من الجارة الغربية.
كما كشف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أن بوتن يشير إلى خطط موسكو لتحرير أوكرانيا من “النازيين الجدد” وأنصارهم وأيديولوجيتهم، لافتا إلى أن كييف اجتذبت ما يسمى “الكتائب الطوعية”، وهي حسب التوصيف الروسي مجموعات من القوميين المتعصبين تقوم بتمويل وتجهيز رجال الأعمال الأوكرانيين المقربين من حكومة ما بعد 2014.
ووفقا لصحيفة “واشنطن إكزامينر” الأميركية، فإنه من المرجح أن بوتن كان يشير إلى “مقاتلي آزوف”، عندما قال إن جزءا من الهجوم الروسي الجاري حاليا، يرمي إلى “اجتثاث النازية” من أوكرانيا.
“مقاتلو آزوف”…. وما سر كراهية الروسي لهم؟
“كتيبة آزوف” هى وحدة مشاة عسكرية يمينية قومية، متهمة بتبني أيديولوجية “النازيين الجدد” وخطاب كراهية يدعو لتفوق العنصر الأبيض، وقاتلت لأول مرة إلى جانب الجيش الأوكراني في شرق البلاد عام 2014 ضد الانفصاليين الموالين لروسيا.
وبعد جهودها في استعادة مدينة ماريوبول الاستراتيجية الساحلية ومينائها من الانفصاليين المدعومين من روسيا، دمجت الوحدة رسميا في الحرس الوطني الأوكراني في 12 نوفمبر 2014، وحصلت على إشادة كبيرة من الرئيس آنذاك بترو بوروشينكو، حيث قال في فعالية إن “هؤلاء هم أفضل محاربينا. أفضل متطوعينا”.
ووفقا لـــ سكاى نيوز ، المحللة الأمريكية المتخصصة في الشؤون الأمنية إيرينا تسوكرمان، قالت :
إن “كتيبة آزوف وحدة قومية متطوعة دمجت في النهاية في الجيش الأوكراني، ورغم اتهام بعض أعضائها بالإعجاب بشخصيات أوكرانية يمينية متطرفة شاركت في معارضة الاتحاد السوفيتي وانحازت إلى النازيين، فليس صحيحا أن الوحدة تنتمي إلى النازيين الجدد أو المتعصبين للبيض”.
وأضافت تسوكرمان : “أصبحت هذه الوحدة التطوعية جزءا من الاحتياط العسكري للحرس الوطني لأوكرانيا، وهي معروفة بقتالها الشرس، وباتت جذورها وميول بعض أعضائها ذريعة لبوتن لوصف كتيبة بأكملها بأنها مجموعة نازية، والضغط من أجل نزع النازية عن أوكرانيا”.
وفي الواقع فإن جزء من معارضته لتلك الكتيبة لا علاقة له بالأيديولوجية، بل له علاقة أكبر بنجاحها في استعادة مدينة ماريوبول ومينائها الاستراتيجي من القوات الموالية لروسيا.
ولفتت تسوكرمان إلى أن كتيبة آزوف “بدأت كميليشيا، ثم دمجت في القوات المسلحة الرسمية، وتتبع الآن الخط الرسمي للجيش الأوكراني.
في الماضي، كان بعض الأعضاء يرتدون صليبا معقوفا وشارات نازية أخرى، واتبع مؤسسها أيضا الأيديولوجية النازية وكان ينتمي إلى منظمة تفوق البيض”، مشيرة إلى أن “الولايات المتحدة كانت قد منعت التدريب المشترك مع هذه الوحدة بينما كانت لا تزال ميليشيا، وأكثر من نصف أعضائها من ناطقين بالروسية، وكثير منهم من دونيتسك ولوغانسك” اللذين تعترف موسكو باستقلالهما.
وتابعت: “مع انضمامها للجيش حققت الكتيبة نجاحات عسكرية كبيرة، وهي الآن كتيبة كاملة وأصبح دمجها في الجيش مؤثرا من حيث قدراتها العسكرية، لكن الحديث عن الأيديولوجية تلاشى. تمت ترقيتها إلى فوج، وأعيد هيكلتها كأي وحدة رسمية للجيش الأوكراني بتدريب رسمي، وبمرور الوقت انضم العديد من المتطوعين الأجانب، وبعضهم من كرواتيا، إلى هذه الوحدة. كان بعضهم قد غادر بعد أن دمجت في الخدمة العسكرية، بينما حصل آخرون على الجنسية الأوكرانية. وتغيرت النظرة تجاهها بمرور الوقت فتم رفع الحظر الأميركي على التدريب المشترك معها، ولم تعارض مجموعة يهودية أوكرانية رفع الحظر، مما يشير إلى إصلاحات وتغييرات كبيرة”.
وأوضحت تسوكرمان أنه “منذ عام 2016، انخرط هذا الفوج بأغلبية ساحقة في القتال ضد الانفصاليين الموالين لروسيا شرقي أوكرانيا، بحيث أصبحت البعبع المناسب لدعاية بوتن”.
وأكدت على أنه “في ذروة اجتذاب اليمين المتطرف، كانت الوحدة أيضا مختلطة، وجذبت الليبراليين والفوضويين واليساريين وغيرهم. وبمرور الوقت، ومن خلال جهود متضافرة، اتخذت الوحدة خطوات لنزع الطابع السياسي عن نفسها”، لافتة إلى أن “الوحدة حاليا ليست ميليشيا وليست وحدة مستقلة، ولا تختلف عن أي وحدة عسكرية أخرى في القوات المسلحة الأوكرانية”.
وعقب تصريحات بوتن عن “النازيين الجدد”، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مخاطبا الروس: “أوكرانيا في نشرات أخباركم وأوكرانيا في الواقع دولتان مختلفتان تماما. والفرق بينهما هو أن بلدنا حقيقي. قيل لكم إننا نازيون، لكن هل يمكن لشعب فقد أكثر من 8 ملايين شخص في المعركة ضد النازية أن يدعم النازية؟”.
وتساءل زيلينسكي مستنكرا: “كيف يمكنني أن أكون نازيا؟ اشرحوا ذلك لجدي الذي خاض الحرب بأكملها في مشاة الجيش السوفيتي، ومات عقيدا في أوكرانيا المستقلة”.