حوار مع الشاعرة هدى عز الدين شمس الأصيل
متابعة غادة سيد
تحت شمس الصعيد الساخنة، نبتت شمس ساطعة ناصعة أطلت على الكون من عليائها تنشر النور والألق تذهب بأبصار المحدقين بسطوع التحدي و بربق التمرد. يذيب كيانها القيد والطوق.. تصهر التحدي وتسبك منه عزيمة و إرادة.
حروفها؛ طلقات جريئة تصيب الحقيقة في كبدها دون مواربة او مهادنة. تنتصر للمهمشين وتعلي من شأن الحق والحقوق والحقيقة تثأر لانوثتها ممن يحاول سلبها حريتها وجرأتها.
يسعدنا أن نلتقي بشمس الأصيل التي لا تغرب؛ ونرحب بالشاعرة المبدعة أستاذة هدى عز الدين.
︎▪︎ في البداية نتعرف عليك..
▪︎الإسم هدى عز الدين محمد
من أصول الصعيد المصري
محافطة سوهاج
ومن مواليد الإسكندرية
وأيضا من مواليد الربيع
وهذه الطباع النارية تجعلني لا أعترف بعدد أيام العمر.
من عائلات طنطاوي المعروفة
تزوجت صغيرة أنجبت ولد
وبنتان.
حصلت على الشهادة التجارية
وكنت من المتفوقات في دراستي رغم ما تعرضت له من أزمات صحية. إلا أن القدر قام بمساندتي كما قام بعنادي.
ولا أخفيك سرا أستاذة غادة، أنك فتحتِ لي أبواب الذكرى وهذا الأمر ليس بالسهل.
تخصصت بالمحاسبة وكنت أعشق مادة الرياضيات ولي الكثير من الذكريات والمواقف المضحكة
والغريبة التى لا يمكن للأيام أن تمحو جزءََ
منها
▪︎ كيف اكتشفت موهبتك الشعرية؟ وهل اخترت القصيدة النثرية أم هي من اختارتك؟
▪︎موهبتي الشعرية︎ كانت منذ طفولتي وأنا أقرأ نصوص الشعر في المنهج الدراسي لإيليا أبي ماضي
وجبران خليل جبران وأتابع موضوعات التعبير
وأدب الرسائل وغيرها مما فُرض علي أنا وجيلي.
وفي السهرة أكون بين أيادي الشعر والليل وصوت فاروق شوشه.
وكنت أترقب مأمنا في الحصول على كتاب من مكتبة المدرسة أو التسلل سرا بعد اليوم الدراسي الي مكتبة قصر ثقافة قريب من مدرستي. بعد يوم مرهق وطويل؛ نظرا لحالتي الصحية وما عانيته من آلام بالقلب.
مازلت لا أعي أننى شاعرة لكنني أكتب عن تلك التي تسكن داخلي.
تلك العوامل يا سيدتي أفرغت عن بعض مما بداخلي.
▪︎ماهي العوامل برأيك التي أثرت بك وساعدت على تفجر موهبة الشعر لديك؟
▪︎ وعن تلك العوامل التى رسمت وساعدت على تفجر موهبتي
أولها المرض.
وثانيا الطموح الذي لا يمكن لأي قوة أن تنال منه
رغم المحاولات العديدة التى مازالت تحاول إرخاء يد لا يستطيعون بترها وأدعو الله الثبات.
ومن هذه العوامل أيضا .. هذه الشخصية المتمردة التى وضعتها إرادتي
وإيمان أمي بي، وهذا البحر الصديق، وبئر مسعود.
▪︎ شخصيات تأثرت بها على المستوى الإنساني و الأدبي.
▪︎ تعلمت أن أتجول داخلي كي لا أنطق إلا صدقا.
وتأثرت بشخصيات البسطاء في المجتمع من خلال التأمل في كل تصرفات السيدات اللواتي يجلسن على أرصفة الشوارع للبيع والكسب من طريق شريف.
السيدات اللواتي يعانين بطش الرجال
ومن بعد التأمل والتفكير أنام على وسادة التغير.
لا أغالي أيضا عندما أفشي سرا من سراديب نفسي؛
أن نتاج هذا التأمل ( هدى عزالدين)
بعدما حاول الكثير قتل العفوية داخلها ولكنها رفضت أن ينال منها الكبر.
▪︎ كيف بدأ مشوارك في عالم الشعر؟
▪︎ مشواري يا غاليتي بدأ
بعدما قررت أن أحكم قبضتي على صدري
وبعد أن خرجت من جلباب أمي. وها أنا الشعر يكاتبني.
وبعدما تعرضت لحالات من التنمر في أول حياتي من الدائرة الأولى وهم الإخوة، ما مات عندي التحدي .. بل ولدت هدى عزالدين من جديد.
▪︎شخصيات تأثرت بها على المستوى الإنساني والأدبي..
▪︎ أولهم الشاعر محمود درويش، أدونيس،
والجواهرى من العراق.
والكاتبة غادة السمان والكاتب الإسباني لوركا، والكاتب جاك لاكان، وجاك جان روسو، وكتابة العقد الاجتماعي،
وأثر الحياة الاجتماعية في اللجوء إلى جانب آخر من الفرار.
▪︎ عوامل أخرى كان لها دور بارز في مشوار النجاح..
▪︎ تأثرت كثيرا بالفلسفة التى كانت داخلي قبل القراءة والكتابة. كنت أداعب نفسي وأغوص في بحورها. كم اندم على كل دقيقة ضاعت من غير كتابة آرائي
ومن غير تأمل وقراءة.
▪︎ كيف اكتشفت موهبتك؟ متى كانت البداية؟
▪︎ اكتشفت موهبتي بعد قراءتي المتواضعة للعديد من اللوحات الفنية والتشكلية لبعض الفنانين.
ومن هنا بدأت رحلة البحث والاستكشاف عن هدى عزالدين.
▪︎ أنواع الشعر الذي تكتبينه.. وما أحبها إلى قلبك؟
▪︎ أحببت القصيدة العمودية والتفعيلة لكن قصيدة النثر الحديثة بعمقها كانت تنادي هدى. لقد وجدتها جزءا من نفسي. وكان لها الأثر الأقوى على قصائدي.
▪︎دورك في المحافل الأدبية والشعرية وتجربتك الفريدة في قصر ثقافة ٢٦ يوليو.
▪︎دوري هو مشاركة مع أحبتي وزملائي وأستاذتي
أتعلم منهم. وهذه إضافة إلى رصيدي المعرفي
مع بعض من الإصرار والعزيمة
أحاول جاهدة أن أنال حب الجميع وهذا الأمر أحسبه صعباً للغاية.
مع المبادئ التي أحارب من اجلها وهى قول الحق، والبعد عن المداهنة، المطلوبة.
فكرت كثيرا.. هل يليق بالأديب أن يخسر نفسه كي. يصل؟ و قررت بعدها ألا أقول إلا الحق، والحق ناصري
دوري في قصر ثقافة 26 يوليو ما هو إلا أثر تفكيري في الحق؛ بعدما رأيت أن العديد من الأدباء والشعراء لا يأخذون حقهم في إلقاء الضوء عليهم
وبعد مناقشة هذا مع الزميل الناقد أستاذ وحيد مهدي
كان هذا الدور الذي أسفر عن اثر إيجابي نال إعجاب الجميع ومنهم الهيئة العامة لقصور الثقافة.
▪︎ دور الأسرة في حياتك.. ودورك في حياة أسرتك. فأنت من الشخصيات المقدرة لقيمة المسؤولية وتحملها كاملة..
▪︎ أسرتي هي صاحبة الفضل علي. أولهم زوجي الذي قام بمساندتي بكل السبل المتاحة.
وثانيا إبني الكبير الذي أحب الشعر من أجلي
لا بل هو أخي وصديقي.
وعن بناتي ميار وهي ليسانس اداب لغة عربية
لها دور مؤثر جدا في حياتي واول من يسمع قصائدي
وتلك الصغيرة الكبيرة مريم
التى تؤمن كل الايمان بي
أما دوري أنا..أعتبر نفسي اوكسجين حياتهم. أخاف أن يغرقني الوهم وأنام ولا اقف ولكن رغم خوفي علي هؤلاء القلوب التي تتنفس من نبضي دائما يقودني اليقين أن الله موجود.
لي شخصية قوية لكن لا أستخدمها معهم الا في الأمور الهامة جدا.
▪︎ حافظتِ على الأنثى شكلا ومضمونا رغم كل هذا الجهد وهذا الإنشغال. فما هي الوصفة السحرية لذلك؟
▪︎من هذا السؤال أيتها الأنثى سأجيت حالا..
كتبت منذ أعوام عدة مقالات عن تنمية الأنثى في المجتمع العربي..
ومن هنا أخبرك أن الانثى هى الداعم الأول لنفسها.
وجدت أن جمال الروح والنقاء والبساطة هم أول مترجم للأنوثة.
واهتمام المرأة بنفسها لا يستوعب اكتر من ثلاثة نقاط
الإيمان بنفسها. وأنوثتها وقدرتها على التغير وهذه النقاط الممنوحة مني إليّ
تسمح لكل انثى جريئة
ان تؤمن بنفسها وتعطي لها الحق في الحياة ولو كانت ساعة واحدة.
▪︎ نبذة عن أعمالك وما أحاط بها من كواليس.. وأحب أعمالك إلى قلبك
▪︎ من المؤكد أن جميع اعمالي جزء لا يتجزأ مني
ولكن أقربها أوجعها
التى رسمتها الذكرى على قلبي
أتذكر ملامح أمي والحنين إلى قلب أبي وأمي
وأذكر قصيدة: “ذِكرى أصابَها مَسٌّ…”
مُتعمدةً الطُرقَ؛ هلَكَتْ أقدامُ الذِكرى
لكنَّني أمسِ الأوَّلَ مَشيتُ فوقَ رمالِ حنينٍ
رأيتُ إسفلتاً جديداً
وأرصفةً أرادتْ أنْ تُجبرَني على النسيانِ أو تحقنَ عُمري
بفيروسِ الزهايمَر
هنا أوَّلُ حارةِ الحبِّ
جدارٌ عتيقٌ يُناديني بصوتِ أبِي…
مُشاجرةٌ بالكلماتِ تخرجُ مِن نافذةٍ قديمةٍ
حوارٌ بينَ المُصالحةِ والعتابِ
مَن سيموتُ اليومَ ومَن هنا ينتظرُ مناقشةً مِن أهلِ الجنةِ؟
من ناحيةٍ أُخرى تَسلَّلَ
طفلٌ صغيرٌ يُنادني: ارجِعي فهذا المنزلُ
يَسكنُهُ عفريتٌ
ابتلَّ وَجهي بقطراتٍ مِن مُرٍّ
وثغري تُبادلُهُ الضحكاتِ الكاذبةَ
لساني الطويلُ وصوتي المُرتفعُ
يهمسُ في أذنِ الحيرةِ
أنا مِن هنا
سأجمعُ بعضَ ثمارِ الذكرى وأرحلُ إلى مستقبلٍ يسكنُهُ ألفُ ألفُ عفريتٍ…
وكواليس تلك القصيدة ..
كنت في طريقي ولا أتعمد
المرور على منزل العائلة
المهجور حاليا ولكنها أقدام الشوق
تعمدت الطرق
ولا أخفيك سرا
يا صديقتي
إنها أصعب انواع الكتابة
وأوجعها
▪︎ كيف تجيدين تنظيم الوقت بهذا الشكل الرائع؟ وتشاركين مشاركات حقيقية جادة في كل هذا الزخم الأدبي والثقافي اليومي؟
▪︎أهِ يا غاليتي.. سؤال شديد الصعوبة
ولكنني سأجيب عليه من آخره..
مرت علي أعوام من التحديات ومن طبعي الناري كما ذكرت سابقا أنني إنسانة أجيد لعبة التحدي. وللتمرد فضل علي. ومن التحدي والتمرد خلقت إرادتي
وهذا وصف العديد من النقاد لي من خلال دراستهم النقدية.
بالنسبة للجزء الاول من السؤال
هل شاهد منكم محروما؟
نعم أنا هذا المحروم الممنوع من حقه المعرفي والأدبي
انا من أكلت الصخر والجبال
انا من بكت عيناي شوقا للقراءة والكتابة
وإثبات الذات
انا من تسللَت سرا كي تشتري كتاباً
فأصبحت كالسيف
وما الوقت سيفا
وتحضرني الآن قصيدة
إمرأة من سالف الحكايا
من ديوان أحضان الوجع
ساذكر جزء منها..
الأيامُ أكلت أعمارنا
لا نبالي بالجروح والندوبِ
يعضنا منشارُ الوقت
والنحرُ على أبواب الخير.
فداءً لِأحلامٍ هالكة،
نقفُ أمام اشباح الذات.
تعكسُنا بمرايا مخيفة
تتلون الذكرياتُ فوق أشرطةٍ سودٍ.
نضحك … نبكي بلا دموعٍ.
▪︎ مبدأ او حكمة تؤمنين بها ولا تتخلي عنها مهما كانت الظروف.
▪︎ هو بيت شعر لأبي الطيب المتنبي
إذا أنت اكرمت الكريم ملكته وإن أنت اكرمت اللئيم تمردا
▪︎رسالتك في الحياة.
▪︎ هي رسالة أن يكون للأنثى دور فعال في المجتمع
وعلى وجه الخصوص فى مجال الشعر والأدب
وان يكون لي تأثير في المجتمع ولو بجزء بسيط.
▪︎ شخصية تتمنين لو كنت التقيت بها..
▪︎ كنت أتمنى أن أقابل
أمير الشعراء احمد شوقي
والشاعر محمود درويش
والأديب صلاح عبد الصبور.
▪︎ أهم رحلاتك الأدبية.
▪︎ رحلاتي وهو أول لقاء مع رابطة المجالس البغدادية الثقافية بالعراق
ولقاءات منذ أيام في الأمسيات الرمضانية
تابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة
تحت رعاية وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني
ورئيس الهيئة أستاذ هشام عطوة
▪︎ رسالة شكر.. أو لوم توجهينها لمن؟
▪︎ أتوجه بالشكر الجزيل إلي أمي وأبي وأساتذتي
وأولهم دكتور مديح الصادق تعلمت منه الكثير من قواعد النحو والصرف.
ومن ساندي صادقاً .
واللوم لنفسي بما قمت به من تقصير في حق نفسي
وثقتي في البعض مما هم ليسوا أهلها.
▪︎في نهاية الحوار هل تودين إضافة شيء.
▪︎ الشكر لكم جميعا وكل عام وانتم بخير.
جزيل للشكر لك أستاذة هدى. استمتعنا بحوارك القيم. وكل عام وانت بخير. عيد فطر مبارك.