بقلم الباحث التاريخى السيد / أحمد ُحزين شقير
………………………………………………………….
الخميس الموافق 6 – 8- 2020 م
جميعنا نعلم أن المدارس هي المنشآت التي يتم بنائها لنشر العلم وتلقيه فهي المكان المفضل لدي الكثير من الطلاب يستطيع الطالب داخل المدرسة بناء الكثير من الصداقات وتلقي الكثير من المعرفة.
كانت عبارة عن مجلس بسيط لتلقي العلم كان الطالب يتعلم الكثير من هذا المجلس دون امتلاك الكتب فقط يجمع المعلومات والمعرفة من المعلم فإن أراد الطالب تعلم شيء جديد فكان عليه البحث عن معلم جديد.
المدارس قديما كانت لا تضم الكثير من الطلاب فكان القليل فقط من أعيان الشعب هم الذين يترددون على دخول المدارس المدارس قديما كانت حلم كبير لدي الكثير التي حرموا من دخولها. في المدارس قديما كانت عبارة عن لوح من الخشب يوضع فوق كرسي يقف بجانبه معلم يلتف حوله عدد بسيطا من الطلاب التي يودون تلقي العلم كانت الطلاب تكتب على ألواح خشبية. مع زيادة عدد الطلاب التي كانت تقبل على التعلم بدء بتطور مجالس العلم إلى بناء غرفتين في مكان منعزل تم تخصيصه لتلقي العلم وأطلق عليه المدرسة التي تطورت بعد ذلك وضمت الكثير من الغرف.
كانت المدارس قديما تعلم العلم وتفهم الدين وتزرع القيم وتربى الأخلاق فى الطلاب
فقد كانت بحق مدارس تربية وتعليم .
أما الان فنجد غياب نهائى لدور المدارس فى تربية الأخلاق والقيم مما أثر على شبابنا فى المجتمع من إنحطاط أخلاقى فى كل شىء مع اضطراب فى الذوق العام واضطراب فى السلوكيات .
ومن المدارس الشهيرة فى حى الظاهر بالقاهرة التى أشتهرت فى نشر الأخلاق والقيم وتربية الاجيال دينيا وخلقيا مدرسة العباسية التجريبية بنات التى تغير اسمها حاليا الى الشهيد الطيار محمد فرحات.
أنشأت مدرسة العباسية التجريبية 1953م عقب ثورة يوليو 1952م وقد مر عليها كثير من بنات حى الظاهر والعباسية حتى انه قلما تجد بيت فى حى الظاهر لايوجد به طالبة بمدرسة العباسية التجريبية قديماوكذلك بعد الأماكن الاخرى من احياء القاهرة
لعراقتها ولتميزها فى مجال تربية الدين والأخلاق وزرع القيم ولأجل شهرتها وعراقتها قامت الصحف والمجلات فى منتصف الستينات بعمل تحقيقات صحفية عن هذه المدرسة العريقة حيث قامت الصحفية حكمت احمد على بعمل تحقيق صحفى فى منتصف الستينات لأحد المجلات الدينية حيث كتبت عن التجربة الدينية فى مدرسة العباسية التجريبية ووصفتها داخل التحقيق بإنها مصدر للإشعاع الدينى والثقافى والاجتماعى حيث جاء بالتحقيق ان المدرسة تضم 700 فتاة من فتيات المستقبل والمدرسة ليست تابعة لهيئة دينية حيث انبهرت بالفتيات واحتشامهن وباللوحات المكتوب عليها الآيه الكريمة (ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا )
وصورة للرئيس جمال عبد الناصر رئيس مصر فى هذه الفترة الزمنية وهو يصلى وعبارة من الميثاق : ان جوهر الرسالات الدينية لا يتصادم مع حقائق الحياة كما لاحظت الصحفية العلاقة الجميلة من الحب والترابط بين الفتيات المسلمات والفتيات المسيحيات وقمات الصحفية حكمت احمد على بعمل لقاء وحوار مع ناظرة المدرسة السيدة فاطمة عنان التى استقبلت الصحفية بإبتسامة مرحبة
حيث كان الحوار التالى : قلت للسيدة فاطمة : نريد ان نعرف قصة التجربة الدينية من أولها.
قالت : ليست التجربة حديثة بل بدأت من أيام منزلنا فوالدى كان متدينا يعمل مفتشا للغة العربية نشأنا منذ الصغر على التربية الدينية وكان والدى يعتز جدا بهذه الناحية فى تربيتنا فكان دائم الاعتقاد بأن الدين هو عماد الحياة يعصم الانسان من التيارات التى قد تعترض حياته ولذلك نشأت على حب الدين فعندما تكون البيئة متدينة فإن الدين يمتد فى حاياة الانسان العملية وكان والدى دائما يقول لنا : ان الدين عصمة والوضوء حصن المؤمن ولا يجعلنا نخرج من المنزل إلا بعد ان نتوضأ فتغلغل الإيمان فى نفوسنا ولهذا طبقت واهتممت بالتربية الدينية داخل المدرسة فالدين له الصدارة فلابد من تدريسه فى الحصة الأولى هذا وفى طابور الصباح الطالبات يكبرن اربع مرات الله أكبر بغير تفكير … ففكرت ان تكتب كل طالبة موضوع انشاء عن الاثر النفسى الذى يحدثه هذا اللفظ القدسى الكريم كلما سمعته أو رددته وكانت كتاباتهن فى منتهى الجمال عن هذا الموضوع وتستهل الحصة الأولى بتلاوة القرآن الكريم من المصحف المرتل لمدة خمس دقائق ففى كل فصل توجد سماعة لإذاعة المدرسة المحلية يتلو القراءة شرح لما قرىء أو تفسير لبعض الاحاديث النبوية التى تكتب يوميا على السبورة فى قناة المدرسة ويوجد شريط مسجل للآذان بإذاعة المدرسة يؤذن للظهر فتذهب الطالبات للصلاة فى مسجد المدرسة الذى يتسع لأكثر من 400 طالبة يصلين فى وقت واحد جماعة وراء إمام معين من وزارة الاوقاف … والمسجد مفتوح ايضا يوم الجمعة دائما لبنات المدرسة وأولياء أمورهم وسيدات الحى يجتمعوا جميعا للصلاة وكذلك كانت تذهب زميلاتهن من البنات المسيحيات حتى يتقابلوا جميعا .
ثم سألت الصحفية حكمت سؤال الى ناظرة المدرسة فاطمة عنان :
هل أثرت هذه التجربة فى الطالبات ؟؟
الناظرة : هذا السؤال يجب ان ينصب على الخريجات ولا أستطيع ان اقول ان مائة فى المئةمن الطالبات قد أثرت فيهن هذه التجربة
كما تحدثت الناظرة خلال الحوار عن وجود نشاط تمثيلى واقامة حفلات داخل المدرسة وختمت السيدة فاطمة ناظرة مدرسة العباسية التجريبية حديثها بقولها : أريد ان أنشىء جيلا من البنات وأمنيتى أن أرى البنات فى القمة من الناحية السلوكية وفى القيم …. أنتهى الحوار
وجلست أفكر وانا اقرأ هذا الحوار القديم الى ما وصل اليه حالنا فى مجال التربية والتعليم لقد كانت المدارس قديما قبلة للأخلاق وصلة الرحم وزرع القيم وتربية وتعديل السلوك والأخلاق
حيث أصبحنا الان فى زمن حمو بيكا والبنطلونات المقطعة والبنات تشرب شيشة وتتراشق بالشتائم القبيحة وأصبحت شوارعنا غابات من قلة الأدب وسوء السلوكيات
ان تجربة ناظرة مدرسة العباسية التجريبية كانت تجربة عظيمة أخرجت لنا كثير من بنات أصبح لهن شأن عظيم بمصر فى حى الظاهر حيث خرج من مدرسة العباسية التجريبية بطلات فى تاريخ الرياضة المصرية مثل اللاعبة الكابتن / فايزة مصطفى لاعبة منتخب مصر لكرة الطائرة …
والكابتن / هالة حمودة وكابتن امينة الخولى لاعبات السباحة وأبطال الجمهورية فى فترة الثمانينات…