بقلم : د . حنان عبد القادر محمد
حلول التابلت تخطيط خارج الصندوق
عَزيزِي القَارِئ مما لا شك فيه إن الإنسان هو مَقصِد التربية وغَايتها، ونجاح التربية يُقَاس بِسرعة استجابتها وتَجاوبها مع اَلْمُتَغَيِّرَات الاجتماعية، والعَالم يَعيش في زمن تَتسارع فِيه خُطَى الأحداث والوقائع العَالمية نَحو اَلْمُسْتَقْبَل بِشكل مُلْفِت في جَميع المجالات وأهمها التعليم، حيث تُعَدّ اَلتِّقْنِيَّات مِن أهم الأهداف والوسائل الاستراتيجية لِتَطَوُّر العملية التعليمية، والاستفادة من الثورة الهائلة في المعلومات، والتطوير الحَقيقي الذي يَتمثل في المناهج وصِياغة دور اَلْمُعَلِّم, والكِتاب, وَالصَّفّ, وبما يَخدم عَملية اَلتَّعْلِيم والتعلم بِجُهْد أقل ونَوعية أجود. وكُلّ ما هُوَ جَدِيد في البِداية يَحتاج وسائل وَطُرُق مُخْتَلِفَة ويَحتاج أيضاً لتقبل أفراد اَلْمُجْتَمَع، فتغير اَلْعُرْف اَلسَّائِد وَالطُّرُق التقليدية يَحتاج وقَت وتدرج لَيس بالقَليل، والا وَاجه بَعض اَلْمُقَاوَمَة اَلظَّاهِرَة اَلْمُتَزَايِدَة لرفض اَلتِّكْنُولُوجْيَا من البعض. وهذه اَلْمُقَاوَمَة لم يَتم فَهمها للآن، ولَكنها يُمْكِن أن تَحول دُون تَنفيذ خطة التطوير.
وبغض النظر عن مَدى أهمية دور أجهزة الكٌمبيوتر والتَابلِت وَالتِّقْنِيَّات اَلْأُخْرَى في عَصر الرقمنة، فَهي مُجَرَّد وسيلة، لتحقيق الغاية الأكبر اَلْمُتَمَثِّلَة في تَمْكِين اَلطُّلَّاب من اَلتَّعَلُّم من خِلال التفاعل مع مُخْتَلِف جوانب الحياة، فالتعليم أعظم استثمار لِلْمُجْتَمِعِ، وإذا لم يَقترن اَلتَّعْلِيم باتجاهات ووجدانيات فسيبقى جَامداً لا يتحمس له اَلطُّلَّاب يَنْتَهِي دوره بانتهاء الاختبار. فالتعليم تَدريب لا يَنْفَصِل عَن اَلْمُجْتَمَع ولا يُؤَدِّي دوره ما لم يُلَاحَظ الطالب ثمرته في الحياة. فَالتِّكْنُولُوجْيَا تعمل بِشكل أساسي على تَوسِيع وتعزيز اَلْقُدُرَات البشرية ووسائل الراحة، بينما يدرس علم الاجتماع مثلاً اَلْمُجْتَمَع، وَيُسَاعِد فهم الطريقة التي يتم بها تضمين اَلتِّكْنُولُوجْيَا في سياقها الاجتماعي في تقدير التفاعل بين تلك اَلتِّكْنُولُوجْيَا وهذا اَلْمُجْتَمَع. ويتشابك اَلْمُجْتَمَع وَالتِّكْنُولُوجْيَا ويتطوران معًا – فالثقافة والهياكل الاجتماعية تُشَكِّل تصميم واستخدام اَلتِّكْنُولُوجْيَا، وَتُؤَثِّر اَلتِّكْنُولُوجْيَا بدورها على التجربة الثقافية والاجتماعية.
فالرحلة مَلِيئَة بالمَطبات والمصَاعب وَالتَّحَدِّيَات التي يجب اَلتَّخْطِيط لها بِشكل جَيد، حَتى لا تَكُون حائل في طَريق اَلتَّطْوِير، ففي مجال التعليم أطلقت وزارة التربية والتعليم في مُحَاوَلَة لأحداث نَقلة نَوْعِيَّة في مَجال التعليم، نظام تقييم جديد، بوسيلة جديدة وهي التابلت حَيث تَسعى الوزارة من خلاله إلى تغيير أُسْلُوب تَقْيِيم الطالب واعتماد وسائل الفَهم بدلاً مِن اَلتَّلْقِين والحِفظ، فكثرة اَلْمَعْلُومَات مُرْبِكَة إذا لم تُنَظِّم، والتعليم التقليدي اَلْعُنْوَان الأكبر لتكدس المعلومات، فالطالب يَجلس لثمان حصص تقريباً في ضخ مَعْلُومَاتِي، ولتجنب هذه اَلْمُشْكِلَة لا بدَّ من تَقسيم الدرس إلى حِصص تفاعلية يٍشترك فيها الطالب في العَملية لنقله من متلقٍّ إلى مٌشارك، أو عن طَريق التعلم على نحو أقل وليس الإغراق في المعلٌومات، فالمٌهم هٌو الاستمرار وليَس مٌجرد الحَشو الذي يٌؤدي إلى الانهيار.
ورفض وسيلة اَلتِّكْنُولُوجْيَا من البَعض ترجع لقِلة الثقافة أو مصالح البعض في التقييم التقليدي، أو خُوِّفَ البعض على مَصير أبنائهم في حَال إِخْفَاق تَطبِيق النظام الحديث للامتحانات والتي يَعتمد عَليها الجَميع كتحديد مصير للانتقال لمرحلة دراسية أخرى، فعدم دُخُول ولو طالب واحد على النظام الجديد سَتَكُونُ سَبب لِفشل النظام بِشكل كَامل، ولكن هل هُنَاكَ حُلُول لتخفيض حِدة اَلشَّدّ بين الأطراف حتى لا تَتَكبد اَلدَّوْلَة أي خَسائِر من أي نُوِّعَ ويَتحقق اَلتَّطَوُّر اَلْمَنْشُود والذي أصَبح لزاماً عَلينا في ظِل ظُرُوف إجراءات احترازية يعلم الله متى تَنْتَهِي. والإجابة هي نعم:
هُنَاكَ حُلُول كَثِيرَة مِن وجِهة نَظري خَارج عن اَلصُّنْدُوق، ومِنها أنه في حَال عدم اَلتَّمَكُّن مِن إجراء الاختبارات للمواد الأساسية على التَابلت فَيُمْكِن أن نَقُوم بتحديد مواد مُعِينَة يتم تطبيق الاختبارات الإلكترونية عليها كَخُطْوَة تجريبية فَهُنَاكَ مواد خارج المجموع يُلْتَزَم اَلطُّلَّاب بأداء امتحاناتها ولا تؤثر على مصير الطالب في حال إخفاق النظام أثناء أداء الامتحان، لماذا لا يتم تجربة النظام على هَذه المواد أولاً وبَعد نَجَاح التطبيق تُعَمَّم على جميع المواد في السنوات التالية، ويتم التطبيق بِنفس الإجراءات الحاسمة المنظمة اَلْمَوْضُوعَة للمَواد الأساسية إلا أن يتم اَلتَّأَكُّد من سلامة جميع التقنيات اَلْمُسْتَخْدَمَة وبدلاً من هَدم اَلنِّظَام بأكمله وتَحويلة لورقي والعَودة لنقطة الصفر.
عَزيزِي القَارِئ أي نِظام جَديد يَحتاج مِن الجميع التحلي بالصبر والشجاعة وَالْمُرُونَة لتخطى الأزمات وَالصِّعَاب التي تُوَاجِه هذا اَلنِّظَام ويَحتاج مُشَارَكَة من يهمهم الأمر وأخذ الآراء أولاً وخَاصة اَلْمُخْتَلَف والمتميز منها والذي يُؤَدَّى لتطبيق هذا النظام بِشكل لا يُؤَثِّر على موارد الدولة ولا على إنتاجها من جِيل قَادر على مُوَاكَبَة عَصر التطور جيل يصنع المجد لبلادة فلن يُصْنَع المجد إلا بالتعليم. . وللحديث بقية، ،