حكاية تمثال
بقلم: إبراهيم فرحات
في البداية وجب التنويه، ان الفن والأدب والإبداع بصفة عامة لا يعترف بقواعد التحجيم، ولا ينحاز إلي فئة بعينها، ولا يصادر الأفكار والتوجهات بمختلف أنواعها،
في البداية، تمثال نوبار باشا يعتبر من أجمل التماثيل التي صممها ونفذها المثال الفرنسي بوشيه بباريس عام ١٩٠١ م، إبان حكم أخر خديوية مصر(عباس حلمي).
نوبار باشا هو اول رئيس وزراء مصر بالعصر الحديث وشغل هذا المنصب ثلاث مرات خلال الفترة من ١٨٧٨ _١٨٩٥ م، من اهم انجازاته المفاوضات مع الانجليز لإنشاء أول سكة حديد بمصر وافريقيا، ويراه البعض غير محبوبًا بسبب تعيينه للأجانب وتاسيسه للمحاكم المختلطة آنذاك، واعتبروها ضد المصريين رغم مذاكراته انها ساهمت في تحقيق العدالة للجميع.
نعود إلي التمثال، موضعه الاصلى كان بحدائق الشلالات المطله على الحى اللاتينى بالإسكندرية في مطلع القرن العشرين، وفي منتصف ستينيات القرن الماضي تم سحبه وإيداعه المخازن لاسباب غير مفهومة، وتم وضع منحوتة (منسوخة) كاتمة الأسرار للمثال المصري محمود مختار وماتزال قاعدته الى الان تحمل كلمات عربية وفرنسية للتمثال الاصلي (العدل أساس المُلك) نظرًا لتأسيسه المحاكم المختلطة .
تم الإفراج عن التمثال الحبيس بعد ٤٠ عام، ليتصدر مدخل مسرح سيد درويش(دار اوبرا الإسكندرية) وهو ما أثار دهشة الوسط الثقافي والمهتمين بالفن لعدم وجود علاقة بالمكان وقبل ذلك من أجل تاريخه الغير جيد علي حد قولهم ..
وكما ذكرت آنفا، ان الفن والأدب هو إبداع يمثل القوة الناعمة في المجتمع، ولا يجوز خلط الأوراق أو التحيز لفئة أو حزب سياسي أو رأي جمعي ينكر الإبداع.
إذا تعاملنا بالعاطفة، ضاع الفن وتم إيداعه بالمخازن التي ماتزال حبيسة منحوتات فنية رائعة أتمني أن تخرج للنور قريبًا وتزدان بها الميادين بمصرنا الغالية.