اهلك لتهلك
بقلم عبير مدين
وقف أمامها رغم شاربه الكثيف كطفل منكسر تحشو رأسه الكبير بنصائحها وخلاصة تجاربها
وانا بجدائلي الطويلة العب إلى جوارهما تناثرت منها بعض الكلمات هنا وهناك
فعلقت جملتها اهلك لتهلك بأذني ظننتها اغنية رحت أرددها
ربما لم يستوعبها عقلي فقط راق لي وقتها إيقاعها!
وعندما تقدم بي العمر وأوشك اندفاع الشباب وطيشه أن يغادرني أراها تتجسد امامي من آن لآخر
أحاول تذكر كلماتها بل كنوزها إن خير ميراث تتركه لأبنائك هو عائلة يشرف بها وتكون حصنه حين تهب نوائب الدهر
هذا الحصن لم يبنى ويرتفع وتقوى جدرانه فجأة
وبدون أن تتكاتف مع اخوتك وأهلك لبنائه هذا البناء قائم على جملة من التنازلات من هنا وهناك
وجملة من الايثار من هنا وهناك أيضا والاحتفاظ بشعرة معاوية ميزان بقاء العلاقات صحيحة قوية وصبية
نسيان الذكريات الحلوة أول مسمار في نعشها وإضاعة خاطر عظام التربة كما نقول بالبلدي
كفنها وكسرها تصبح بعدها كالغصن الهزيل المقطوع من شجرة لا يصمد أمام عاصفة ولا يقوى على حمل قطرة ندى!
إن صلة الرحم ليست بالأمر الهين لتؤجر عليه الأجر على قدر التعب والتحمل والعطاء
كثير من بعد زواجه وتكوينه عائلة جديدة ينسى عائلته الاصلية
وينشغل ويبتعد برغبته أو بفعل فاعل و نتيجة إهماله في تقويتها وصيانتها تظهر مسافات وشقوق في هذه العلاقات
والذكريات يتباين حجمها وربما وجد العنكبوت فرصة يبني بيوتا في هذه المسافات وشقوق
حتى تصبح هذه سدودا يصعب اجتيازها!
الكثير يتزوج ويترك أذنه وعقله للطرف الآخر إن قال حسنة صدق وسلم وإن قال سيئة آمن و أمن
وينسى أن ما يربطه بهذا الطرف الآخر ورقة قبل أن تكون مودة ورحمة وأن ما يربطه بأهله دم ولحم وعشرة عمر.
ولو حدث لا قدر الله الطلاق تجد نفسك مزقت الورقة وضاع منك مكانك بالشجرة وأصبح عليك السلام!
الآن وأنا أطرق ابواب الشيخوخة أنصحك أن تتريث وتتحرى العدل والإحسان لاهل بيتك ولعائلتك وأوصيك ونفسي انا أيضا بأهلك لعلك الكلمة تعلق بأذنك ويعيها عقلك أهلك لتهلك.