الورقة والشعاع
كتبت / حميدة شنب
في غابة واسعة، أزهارها حمراء وبيضاء، أشجارها خضراء عالية، تغرد العصافير في كل مكان، تنطلق الحيوانات باحثة عن طعامها، ويأتي الليل فتعود إلى أوكارها؛ فتختبئ من برودة الجو، وعتمة الليل
في الصباح تشرق الشمس؛ فيشع نورها كخيوط من ذهب تملأ المكان بالدفء والحياة
الشمس تنادي: أبنائي الأشعة
إنني اليوم أدعوكم لمسابقة شيقة
الأشعة : فرحين وما المسابقة؟!
الشمس : من يتمكن من إنقاذ حياة كائن اليوم فسوف أضاعف له قوته في الغد
الأشعة : صائحين؛ موافقون
بدأت الأشعة في الانطلاق لأداء مهمتها اليومية، فتمر بين أغصان الأشجار لتصل إلى الأرض وتملؤها دفئا وحياة
لكن أحد الأشعة ويسمى نور اصطدم بغصن كبير لشجرة عتيقة ممتلئ بالأوراق الكثيفة، فحاول إزاحة الورقة التي في طريقه ليصل إلى الأرض ليضيئها إلا أن الورقة تأبى أن تتزحزح
قال نور : ما اسمك؟
الورقة : اسمي ريري
نور: ألا تتزحزحين حتى أمر؟!
ريري/ لا، لن أتزحزح
نور / لماذا أيتها الورقة الأنانية؟!
أريد أن أنفذ كلام أمي
ريري : ومن أمك ؟
نور: ألا تعرفينها؟!
إنها سر الحياة على الأرض
هي الشمس
ريري / يا لجمالها!!
أنا أحبها كثيرا
هي ضرورية ليعمل مطبخي، وللقيام بعملية البناء الضوئي، وتكوين الغداء لأمي
نور : ومن أمك ؟
ريري : هي الشجرة
نور : نعم نعم
إذا تزحزحي قليلا لأصل إلى الأرض
إني أرى فراشة ضعيفة؛ إنها ترتعد من شدة البرد
أريد أن اصل إليها وإلا ماتت من البرد
ريري : يا إلهي، لا أحتمل المنظر!!
نور : إذا اتركيني أمر
تبكي ريري؛ فتتساقط دموعها حول الفراشة حتى تكاد تغرقها
نور : صارخا!! ماذا تفعلين؟!!
إنك تقتلينها
كفي عن البكاء!!
ريري : تتوقف عن البكاء؛ يا إلهي، ماذا فعلت ؟!!
نور : هيا تحركي أريد المرور إلى الفراشة المسكينة كي أجفف عنها دموعك
إنها تكاد تغرقها
ريري : لكني لا أستطيع الحركة؛ فأنا ملتصقة بالغصن، إنه لا يتركني
نور: وماذا نفعل ؟
نور مع ريري / يتلفتون من حولهم باحثين عن حل
نور : يصيح فرحا وجدتها
ريري : أخبرني؛ وجدت ماذا؟!!
نور : إني أري عصفورين يطيران بعيدا سأنادي عليهما ليساعدانا
نور وريري : يصرخان ساعدونا ساعدونا
ولكن العصفورين بعيدان؛ إنهما قد لا يسمعان
نور ينادي : يا أمي يا أمي
الشمس / نعم يا بني
نور : لا أستطيع المرور للفراشة المسكينة؛ ساعديني!
الشمس : وكيف أساعدك ؟
نور : أحضري العصفورين ليزحزحا الورقة قليلا
الشمس : إذا ناديت لن يسمعني؛ فأنا بعيدة جدا عنهما
الشمس: لدي فكرة سأخبر الأشعة المحيطة بالعصفورين أن تنادي عليهما
الشمس : يا مصباح .. يا ضياء
مصباح وضياء : نعم يا أمي
الشمس : عليكما إرسال العصفورين لمساعدة أخيكما نور للوصول للفراشة لإنقاذها من الموت
مصباح وضياء : سمعا وطاعة
مصباح وضياء: يا لكما من عصفورين جميلين، لكما ألوان جذابة متعددة أبيض وأزرق وأصفر!!!
كما أن أصواتكما رائعة يسعد بها الجميع
العصفوران.:شكرا لكم؛ نحن فعلا نريد أن نسعد كل المخلوقات
مصباح : ما اسميكما ؟
العصفور : أنا زقزق
الآخر : أنا زقزوق
ضياء : بصوت حزين لكن هناك فراشة حزينة تكاد أن تموت
زقزق : في فزع؛ لماذا ؟!!
مصباح : لنا أخ يريد أن يصل إليها ويدفئها لكنه لا يستطيع الوصول إليها؛ فهناك ورقة شجر تمنعه
زقزق وزقزوق في صوت واحد : تمنعه !!!
دلنا عليها لنفتتها بمنقارينا
ضياء :لا لا، نريد منكما فقط أن تثنيا الورقة ليستطيع أخونا المرور
زقزق وزقزوق : سمعا وطاعة
وأين هي ؟
ضياء ومصباح : هناك عند الشجرة الكبيرة
فأسرع زقزق وزقزوق بالطيران صوب الشجرة، وعندما وصلا وجدا نور يتلوى حزنا، وريري تصرخ: أنقذوا الفراشة !!
فقال زقزق وزقزوق : فريق الإنقاذ قد وصل
نور التفت إليهما وصرخ : أسرعا
وقف زقزق وزقزوق على غصن الشجرة
قال زقزق: أنا أمسك ريري بمنقاري من جهة وأنت من الجهة الأخرى
فقام زقزق بمسك ريري بمنقاره وقبل أن يمسك زقزوق الجهة الأخرى
إذا بريري تصرخ بعلو صوتها :
ابتعد عني؛ أنت تؤلمني
تكاد تمزقني
زقزق : آسف يا صغيرتي؛ سأمسكك برفق!!
ولكنك ستتألمين قليلا
عليكِ أن تتحملي الألم من أجل الفراشة المسكينة
ريري : نعم سأحتمل
أمسك العصفوران ريري وأخذا يثنياها، وريري تكتم انفاسها من الألم
وهنا مر نور سريعا إلى الفراشة، وأخذ يصب حرارته ليجفف دموع الورقة
نور : يا للكارثة!!
حرارتي ضعيفة فنحن مازلنا مبكرين
ماذا أفعل ؟
تكاد الفراشة تموت
الشمس / تنادي يا بني،
هل أديت مهمتك ؟
نور: مع الأسف حرارتي لا تكفي
الشمس / إذا سأمدك بحرارة أكثر
نور : متعجبا !!
ماهذه القوة التي تسري بداخلي؟!! ما أجملها!!
وسرعان ماجفت الدموع، وبدأت الفراشة تدفأ، وتستعيد قوتها وجمالها!!
وبدأت ترفرف بجناحيها الممتلئة بالألوان المبهرة!!
شكرت نور، وصعدت لتشكر ريري وضياء ومصباح،
فوجدتهما مازالا يثنيان الورقة، وهي تتألم
فقالت لهما: كفى كفى!!
أنقذتموني؛ أشكركم جميعا
فترك زقزق وزقزوق ريري
وتأسفا لها على ما سبباه لها من الألم
ريري : الآن لا أشعر بأي ألم؛ فقد أنقذت حياة مخلوق؛ لذا أنا سعيدة جدأ
الجميع في صوت واحد : نعم، إنها السعادة؛ كل السعادة في مساعدة الآخرين
وهنا نادت الشمس.:يانور، أنت الفائز اليوم؛ كان بإمكانك أن تتجاهل الفراشة لأنك لا تستطيع الوصول إليها، ولكنك جاهدت لمساعدتها
سأضاعف لك الشعاع من الغد
وهنا صفق الجميع وملأت السعادة المكان