كتبت / ربيعة جوامع
لو التفت الواحد منا نحن العرب حوله وأمامه وفوقه وشماله ويمينه وتحت قدميه لوجد أن وضعنا وحالنا لا يسر، وأن مستقبلنا لا يبشر بخير, فالأزمات تتوالى والمشكلات تتفاقم ونحن ننزلق أكثر وأكثر في التنظير لعجزنا والتبرير لضعفنا والتشبث بماضينا ونسيان حاضرنا. ولولا الإيمان الذي نتحصن به والإسلام الذي نتعبد به لوجدنا أنفسنا من دون أمل، فلا عندنا قوة نسترجع بها حقوقنا وليس عندنا ثقافة نستعيد بها هويتنا وليس عندنا تعليم نعدل به أفكارنا ونشخص به مشكلاتنا وليس عندنا منهجية إدارية ننظم بها أمورنا وليس عندنا حكمة نرشد بها مواردنا وليس عندنا رؤية نؤسس عليها مستقبلنا. ولعل هذا الكم الكبير من المفقود في حياتنا جعلنا نشوّه كل معالم الحياة عندنا, قرأنا الدين بسماحته وعلو قيمه فأنتجنا منه مذاهب تكفر بعضها وجماعات تذبح وتقتل من يخالفها في فقها، ويرى رأيا غير رأيها وخرجنا بممارسات تكرّس حالة الجهل والتخلف عندنا. وقرانا تاريخنا فأخذنا منه ثوبا نغطي به عوراتنا، وكلما أرادت الحياة أن تسير بنا إلى الأمام وجدنا من يشكك في نوايانا لأنه لا يريد أن نخالف من سبقنا, فتاريخنا كله مقدس وأجدادنا كلهم أولياء, فعدم الاقتداء بهم والنظر في أعمالهم هو فتنة وبلاء. ونظرنا إلى الآخرين وهم يعمرون الدنيا ويفتحون بعلمهم ومعارفهم آفاق السماء ويصنعون من حبات الرمل رقائق لا تراها العين ولا تحس بوجودها اليدان ليستودعوا فيها من العلوم والمعارف ما تعجز عن حمله بطون الملايين من الكتب والقراطيس, وبعد أن نفخ الإنسان في هذه الرقائق الميتة من علمه وعقله دبت الحياة فيها وصارت حياتنا بذكائها وفطنتها أكثر تطورا وأكثر رقيا وأكثر أمانا وحتى أكثر قربا وخشوعا لله سبحانه وتعالى, كل هذا لم يغير من نظرتنا لهؤلاء الآخرين ولم يبدل من موقفنا تجاههم, فهم إما كفّار أو أعداء أو متآمرون أو ضالون. وفي المقابل نرى أنفسنا أننا أصلح منهم وأكثر منهم إنسانية، علومنا التي هي مشغولة بمخاطبة الجن والشياطين التي أوجدها خواء عقولنا والمرض الذي أصاب نفوسنا وخلخل أرواحنا, وأن معارفنا المهتمة بتفكيك شفرة
أن الوضع لدينا مؤسف وسيء للغاية، ويزداد سوءا وظلما للمرأة طوال الوقت، وأنه لابد من وقفة ورؤية تحليلية للأمور، ويكون الحل بداية من التغيير الجذري للثقافة وإصلاح المفاهيم وتعديل نظرة المجتمع الذكوري
