الخصوصية هى قلعة أسرار البشر
اللواء. أ.ح. سامى محمد شلتوت.
※ الناس لا يستطيعون تدمير ما لا يعرفون أسراره. هذه المقولة المفتاح الرئيسي في كل ما يحدث لنا من أمور مهلكة.. و ذلك لجهل البعض منا بثقافة الصمت، تعودنا علي الكلام و القيل و القال و إفشاء الأسرار، فكثيرا ما نجد أننا نسعى إلى ذلك دون أن ندري أننا نحطم الإطار الخاص بنا من الخصوصية، و لا نعلم أننا سنحصد سلبيات ذلك، سواء كان فى إنتهاك خصوصيتنا، و إفشاء أسرارنا حتى يأتي الوقت المناسب و نندم علي حصاد ألسنتنا، أو تحت مسمي الفضفضة. و لو يعلم المرء عواقب الفضفضة لفضل الصمت أبداً.
※ مع التطور التكنولوجي للأسف، بدأت الخصوصية تتلاشي و تنتهك داخل المجتمعات في ظل وجود عالم السوشيال ميديا فنجد أحيانا الكثيرين يشاركون البعض بخصوصياتهم و يومياتهم كالصور الخاصة بهم و خروجاتهم و أكلاتهم و سفراتهم و إختيار ملابسهم، حتي إختيار ألوان جدرانهم، و أحيانا مشاركة البعض فى إختيار شركاء حياتهم.!!. و أحيانا أخري إختيار أسماء أولادهم وقد ننقل لهم مايدور بين جدران منازلنا بل غرف نومنا وملابسنا داخل غرف النوم وخصوصيتها.. و الكثير من ذلك. وقد تجد أحدهم لا يكاد يتحرك إلا ويشارك الجميع ذلك، وهو لا يعلم أنه ينتهك خصوصيته بيده، و يعطي مساحة للجميع لإبداء رأيه في شيء يخص ذاته و حياته.
※ نحتاج و بصفة عاجلة أن يتعلم البعض أن عدم إحترام خصوصية الآخرين نابع من الجهل!. و الجهل هنا ليس المقصود به الأمية، و لكن المقصود به إنعدام الثقافة، و تدني الأخلاق الحميدة، و هذا أمر طبيعي جداً، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، لا تنتظر من شخص تعود على عدم إحترام الغير، إنه سيحترم خصوصيتك. ببساطة لابد أن يتعلم البعض ثقافة إحترام خصوصية الغير.
※ لابد أن نتيقن أن لكل منا شأن يخصه فقط.. فى أمور حياته من طموحات و مرتبات و تعليم و سفر، و زواج و إنفصال و غيرها من الأمور الخاصة.. كل ما هوخاص بالشخص نفسه و لا يحق لأحد إقتحام الإطار الخاص به.. فكل هذه الأشياء تخصه فقط، و لا تعنينا إطلاقًا. لابد أن نعي جيداً أن هناك مساحة لكل إنسان في حياته ينبغى علينا إحترامها.
و أيا كانت تلك الأشياء ليس للمرء يد فيها أبدًا، بل هي أرزاق قسَّمها الخالق سبحانه و تعالي و لا تعنيك، فلا تندهش أيضا بأى تغير مفاجيء يطرأ علي حياتهم لأن كل شيء بقدر و لحكمة لا يعرفها إلا الخالق.
※ فكل ما عليك فعله هو تبادل الإحترام و المشاركة فى الفرح والمؤازرة فى الألام. فالحياة صعبة بطبيعتها، فلا تجعل صدور الناس تضيق بكلامك و تدخلاتك، و من الأفضل أن تنشغل بحالك بدلاً من التطفّل على خصوصيات البشر، حاول آن تتطفّل على المناطق المظلمة في عقلك، تلكَ البقع التي لم تحظَ بنعمة الفهم و الإدراك حتى الآن.
※ يقول أحد دهاة العرب ما غلبتني إلا جارية كانت تحمل إناء مغطّى، فسألتها« ماذا يوجد في هذا الإناء؟». فقالت «و لِمَا غطيناه إذن».. فأحرجتني!!!!!.
نصادف شخصيات كثيرة فى حياتنا، كل شخصية هى عالم بحد ذاته، و التعامل مع كل هذه
الشخصيات بنفس الأسلوب، يعتبر ضربًا من الجنون، فمن أهم طرق الدفاع عن نفسك، و حمايتها من الآخرين أن تعرف كيف تتعامل مع كل شخصية تقابلها. أحيانًا نصدق كل ما يقوله الآخرون عنا، لأننا نثق بهم و نحسن الظن بهم أيضًا، لكن ليس الجميع يتعامل بصدق و شفافية، فهناك من يتعمدون التقليل من قدرك و إمكانياتك، و هناك من يسعي للتشهير بك، لهذا عليك أن تكون يقظًا لا تصدق كل ما يقوله الآخرون عنك، أستمع لهم جيدا.. و لكن لا تجعل لكلماتهم أو لما يعتقدونه عنك تأثير سلبياً عليك، إنهم
يطلقون أسوأ الكلمات بلا مبالاة، ظنًا منهم أنهم بهذه الطريقة يقدمون لك نصيحة عظيمة، لكن هذا غير صحيح بالمرة، هذه الكلمات لها تأثير سلبي على نفسك، و على مشاعرك، و على ما تعتقده أنت عن نفسك، فلا تسمح لأحد بأن يقرر ما تكونه أنت، لا تدع ضعفاء العقول و فقراء المشاعر يقنعوك بأنك لست قويًا بما فيه الكفاية. ولو فكرت للحظه ستجد أنك الوحيد المخطئ في حق نفسه، لأنك هدمت مساحه الخصوصية الخاصة بك،وأصبحت مشاعا و تحت سيطرة آراء وأحكام الجميع.
※عندما تشعر بأنك فقدت السيطرة على مجريات الأمور في حياتك، وتجد أن آخرين هم من يقررون عنك، وهم من يختارون لك الطريق الذي تسير فيه، إعلم هنا بصدد كارثة!.. إن أسوأ ما يمكنك فعله بحق نفسك أن تسلم زمام أمورك لشخص آخر، هو من يفكر ويخطط ويقرر عنك، إنك بهذه الطريقة تمنح الآخرين السلطة المطلقة عليك، تضع أيديهم حول عنقك بمنتهى الرضا، إذن توقف عن الاعتماد على الآخرين وجعل القرار لهم، أستمع إلى صوتك الداخلي وإحترام ذاتك، حاول وجرب وقرر حتى لو أخفقت مرات، لا يهم،المهم أن تتعلم كيف تكون مسئولا عن نفسك، ولا تدع الآخرين يختارون لك أحلامك ويقررون كيف سيكون مستقبلك، إنها حياتك وأنت الذي سوف تعيشها. إغلقّ بابك أمام محاولات الآخرين في حب الإستطلاع والتطفل على حياتك الخاصة. تعلم أن تقول لا وألف لا للتطفل وعدم إحترام الخصوصية.. ※ولا لتخطي أي حدود أنت رسمتها لنفسك والآخرين، وأعلم جيداً أن نصف الراحة هو عدم مراقبةّ الآخرين.. ونصف الأدب عدم التدخل فيما لا يعينك.
※رسالة موجهة لمن يهمنى امرهم...