السيد فريج حسن
…
تدهورت الأحوال الإقتصادية والاجتماعية فى مصر تماما فى عهد العثمانيين نظراً لأنَّ الوالى كان يعين عن طريق دفع الرشاوى الضخمة لكى يصل إلى ولاية مصر ، وحين تعيينه ، كان يقوم بجمع الضرائب الباهظة من الفلاحين لكى يعوض ما دفعه ، وقد كان قصر فترة حكم الولاة سببًا في اهتمامهم بجمع الضرائب الثقيلة والحصول على أكبر قدر من المنافع في هذه الفترة القصيرة ، وهو ما يعني أن السلطان كان يعين على مصر مجموعة من الفاسدين يصلون للحكم عن طريق الفساد ثم يعوضونها بفساد أكبر وأكبر ، ولم تكن هناك فرصة ولو ضئيلة لتطوير أي جانب من جوانب الحياة في مصر نظرا لقصر مدة حكم الولاه فأهٌملت الزراعة ، واختفت الصناعة ، وكنتيجة طبيعية انهارت كل سبل التجارة.
ولم يكن السلطان العثماني ينظر لمصر إلا باعتبارها بقرة يجب أن يحلب درعها إلى أن ينزف دما ، فكانت علاقة الحكام الأتراك بمصر هي الخراج فقط ، وعلى هذا الأساس فقد تُرك المصري البسيط فريسة سهلة لهمجية ، ووحشية جنود الإنكشارية في جمع الضرائب.
ويبدو أن سلاطين الدولة العثمانية هدفوا إلي نقل مشعل الحضارة الإسلامية من المدن العربية في بغداد ، ودمشق ، والقاهرة إلى عاصمتهم بطريقة لا مثيل لها ، ولهذا قام سليم الأول بنهب وسرقة الكتب من المدارس والمساجد ، مثل مؤلفات السخاوي والمقريزي ، وتم القضاء على أى محاولة لنهضة مصر حتى تظل ولاية تابعة لتركيا، وتمثلت هذه المحاولات فى إلغاء كافة أشكال التعليم لأبناء مصر ، وتم الاقتصار فقط على الأزهر الشريف الذي سرعان ما أصابه التدهور ، والاضمحلال وقل عدد المدرسين والمعلمين فيه لتوقف الإنفاق عليه .
إنَّ الحكم العثماني لمصر يمثل أسوء فترات تاريخ الدولة المصرية ففيها ساءت أحوال البلاد السياسية ، والإقتصادية ، وأطفئت كل مشاعل الدولة المصرية لإضاءة أنوار الأستانة ، وتحولت مصر من دولة مستقلة يغمرها العمران إلى دولة بدائية للغاية ، ليس لها من التقدم نصيب ، ولا من الحضارة حظ . وقد ساد البؤس و الحزن على وجوه المصريين ، وقل عدد سكان مصر من تسعة مليون مواطن إلى مليونين ونصف فقط خلال قرنين من حكم العثمانيين ، وفي وصف حالة المصريين البائسة يذكر الدكتور جمال الغيطاني في كتابه [ قاهريات مملوكية ] أنَّ حياة الإنسان لم تكن لها أي قيمة ، ويمكن أن يقتله عسكر الإنكشارية في أي لحظة ، ويمكن اختطاف أي إمرأة ، واغتصابها علنا حتى في المساجد .
وبعد ذلك نجد من هؤلاء المغيبين المحسوبين على مصر من يدعون انها فترة خلافة اسلامية وانَّ هذه الخلافة المزعومة وكنا جزءاً منها كانت اقوى دولة في العالم واقول لهم ايها المغيبون وحتى إنْ كان ذلك صحيحا فكانت لتركيا العثمانية وكُنَّا عمالا وخدما لها ءإلى حياة الخدم تهفوا نفوسكم أم لمصر المصرية كارهون ، وبئس ما اليه تذهبون ولا حول ولاقوة الا بالله
…