الحكومة الفرنسية تعزيز جهودها لكبح التمويل الخارجي للجماعات
عبده الشربيني حمام
تواصل الحكومة الفرنسية تعزز جهودها لكبح التمويل الخارجي للجماعات الدينية من خلال قانون مكافحة الانفصالية (الذي تمّ حذف كلمة “الإسلامية” من مُسمّاه لتخفيف ردود الفعل)، واصلت أنقرة حملة تحريضية إعلامية بالتزامن مع دعم المؤسسات التابعة لها في فرنسا على رفض شرعة مبادئ الإسلام وتشكيل مجلس فرنسي موحد للأئمة.
ويعتبر تطهير فرنسا من المتطرفين ومناطق تكاثرهم أولوية بالنسبة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون في بلد أدمته الهجمات الإرهابية، بما في ذلك قطع رأس معلم خارج مدرسته بإحدى ضواحي باريس في أكتوبر الماضي، تلاه هجوم مميت داخل كنيسة في نيس.
ورغم أن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أعلن في تغريدة أنه تمّ أمس حل مجموعة “جيل الهوية” اليمينية المتطرفة لأنها “تحرض على التمييز والكراهية والنصرية والعنف”. لم ترَ أنباء الأناضول سوى ما يتعلق بادّعاءات مُحاربة الإسلام كدين.
وفي إطار دورها التحريضي، أعادت الأناضول نشر خبر إغلاق 17 مسجدا في فرنسا من أصل 89 دار عبادة يُشتبه بأنشطتها الانفصالية، وهي من بين نحو 2500 مسجد موجود على الأراضي الفرنسية.
وتسمح القوانين الفرنسية بإغلاق دور العبادة فقط في حالتين، الأولى أن يكون على صلة مباشرة بعمل إرهابي قد وقع، والثانية أن ينتهك قواعد الأمن التي يجب اتباعها في الأماكن المتاحة للعامة.
وأتبعت وكالة الأنباء التركية الرسمية، حملتها بتقرير مُطوّل تحت عنوان “فرنسا.. حملة أكاذيب عن الإسلام تمهد لإقرار قانون “الانفصالية”، جاء فيه “لم يكتفِ صحفيون وإعلاميون وسياسيون بإظهار عدائهم للإسلام والمسلمين في فرنسا، بل تباروا في فبركة أكاذيب وافتراءات وصلت حد الفجاجة”.
وأقرّ المجلس الوطني الفرنسي في 16 فبراير الماضي مشروع قانون مثير للجدل يهدف إلى حماية البلاد من مخاطر الانفصالية الإسلامية، وهو أحدث جهد تقوم به فرنسا لتعزيز الهوية العلمانية.
وتم بسهولة تمرير مشروع القانون بأغلبية 347 صوتًا مقابل 151، على الرغم من امتناع اليسار عن التصويت وشعور اليمين المتطرف بأن القانون لم يكن مرضياً له بما فيه الكفاية. وفي الشهر المقبل سيُرفع مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه المحافظون، حيث سيتم التأكيد على إقرار القانون.
وعلى الرغم من الكثير من الدعم الذي تلقاه القانون من الوسط، بمن في ذلك الرئيس إيمانويل ماكرون، أثار مشروع القانون الكثير من الجدل، خاصة في أوساط المسلمين الفرنسيين الذين يشعرون بأن القانون الذي لا يذكر الإسلام أو المسلمين حرفيا يستهدفهم بشكل غير عادل.
وقال مسؤول في مكتب الرئيس الفرنسي إن مشروع القانون “ليس ضد الإسلام، وإنما هو ضد الأشخاص الذين باسم أيديولوجيا دينية خاطئة يتصرفون بطريقة تتعارض مع (قِيَم) الجمهورية”.
وبشكل عام يهدف مشروع القانون إلى تعزيز التقاليد العلمانية في فرنسا من خلال منع أي سلوك يفرض وجهات النظر الدينية في الحياة العامة.
ويوسع مشروع القانون “مبدأ الحياد” الذي يمنع ليس فقط موظفي الخدمة المدنية وإنما أيضا “جميع المتعاقدين في القطاع الخاص للخدمات العامة” من مشاركة الآراء السياسية أو حتى ارتداء ما يرمز إلى دينهم.
كما يسمح مشروع القانون للسلطات الفرنسية بإغلاق دور العبادة مؤقتًا لمنع الدعاة من نشر الكراهية. وأخيرًا ينص على أن الجمعيات الفرنسية التي لها روابط دينية محددة وتتلقى “أموالًا أجنبية يجب أن تقدم سجلات محاسبة دقيقة”.
ويلزم القانون المجموعات الدينية بالإفصاح عن أي تمويل أو هبات خارجية تفوق قيمتها 10 آلاف يورو، وتهدف الحكومة عبر ذلك إلى إضعاف التأثيرات الخارجية على الجماعات الداخلية.