الثقافة و المثقف
بقلم الأديب الشاعر/ عبده مرقص عبد الملاك
قد نحصل على أعلى الشهادات و نكون غير مثقفين و قد يكون من ليس له حظ فى التعليم أكثرنا ثقافة فالثقافة تعريف فضفاض لا يمكن إختزاله فى تعريف محدد و التعليق هنا لا يتسع للخوض فى هذا الموضوع و بالنسبة لطرح فكرة او ممارسة الكتابة مع الحرص على إختيار قارئاً جيداً ( الصفوة ) و لكن الكاتب شجرة تجود بثمارها للجميع و إن عاف الناس ثمار الكاتب فهذا ليس ذنبه و إنما هو يجود بثماره لأنه إستمتع بثمار غيره .
و إننى أتذكر عندما كنت فى الصف الرابع بالمرحلة الإبتدائية ,إننى كنت أشترى بعض الأشياء من البقال ووجدت أحد الزبائن يطلب منه ألا يعمل قرطاساً من ورق كتاب قديم كان يمزقه لهذا الغرض و يطلب منه عمل قرطاس من ورق الصحف لأنه أقوى, و دفعنى فضولى لتصفح ما بقى من الكتاب فوجدته من كتاب ( الف ليلة و ليلة ) فسألته إذا كان لديه كتباً أخرى مثل هذا الكتاب فأشار الى كومة كبيرة من الكتب و دخلت المحل لأكتشف أننى أمام كنز لا يقدر بمال من الكتب القديمة و التى يرجع تاريخ صدورها للثلاثنيات و ما بعدها من القرن العشرين و منها سلسلة روايات الهلال لجورجى زيدان تاريخ الإسلام و قد وجدت بعضاً منها مثل ( فتاة غسان ,فتاة القيروان ,المملوك الشارد ,الانقلاب العثمانى , صلاح الدين و مكائد الحشاشين و غيرها,بالاضافة مطبوعات كتابى للأستاذ محمد حلمى مراد و مجلة الهلال و الاغانى للأصفهانى و العديد من الروايات المترجمة و مجلة الجيل الجديد و مجلة الاسلام و العديد من الكتب فرجوته أن لا يستخدمهم لأننى سأشتريهم و عقدت صفقة معه و نجحت فى نقل هذا الكنز الى منزلنا و قد إستغل البقال
سذاجتى و صغر سنى فباعنى إياهم بمبلغ خرافى بالرغم شرائه لهم بثمن بخس و مع ذلك إعتبرت نفسى فزت بصفقة العمر
و الذى أريد هنا طرحه أن لا عم صبحى البقال و لا الزبون قدرا محتوى هذا الكنز الذى لا يزيد عن مجموعة أوراق لا تصلح قراطيس يلف فيها السكر و الشاى و غيرهما
و لذا فإن الكاتب لا يدري مصير عصارة فكره
…………و قد قرأت قصة قريبة من هذا المعنى :(ﻳﺤﻜﻰ ﺃﻥ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﺃﻋﻠﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ
ﺑﺄﻥ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﻛﻠﻤﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﻓﻠﻪ ﺟﺎﺋﺰﺓ
400 ﺩﻳﻨﺎﺭ
ﻭﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻳﺴﻴﺮ ﺑﺤﺎﺷﻴﺘﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ
ﺇﺫ ﺭﺃﻯ ﻓﻼﺣﺎً ﻋﺠﻮﺯﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ ﻣﻦ
ﻋﻤﺮﻩ ﻭﻫﻮ ﻳﻐﺮﺱ ﺷﺠﺮﺓ ﺯﻳﺘﻮﻥ
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﻤﻠﻚ : ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﻐﺮﺱ ﺷﺠﺮﺓ
ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ ﻭﻫﻲ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ
ﻟﺘﺜﻤﺮ ﻭﺃﻧﺖ ﻋﺠﻮﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻦ ﻣﻦ
ﻋﻤﺮﻙ، ﻭﻗﺪ ﺩﻧﺎ ﺃﺟﻠﻚ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ : ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻮﻥ ﺯﺭﻋﻮﺍ
ﻭﻧﺤﻦ ﺣﺼﺪﻧﺎ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺰﺭﻉ ﻟﻜﻲ ﻳﺤﺼﺪ
ﺍﻟﻼﺣﻘﻮﻥ
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻚ : ﺃﺣﺴﻨﺖ ﻓﻬﺬﻩ ﻛﻠﻤﺔ ﻃﻴﺒﺔ
ﻓﺄﻣﺮ ﺃﻥ ﻳﻌﻄﻮﻩ (400 ) ﺩﻳﻨﺎﺭ
ﻓﺄﺧﺬﻫﺎ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻭﺍﺑﺘﺴﻢ…
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻚ: ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﺑﺘﺴﻤﺖ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻔﻼﺡ: ﺷﺠﺮﺓ ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ ﺗﺜﻤﺮ ﺑﻌﺪ
ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﻭﺷﺠﺮﺗﻲ ﺃﺛﻤﺮﺕ ﺍﻵﻥ
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻚ : ﺃﺣﺴﻨﺖ ﺃﻋﻄﻮﻩ (400 )
ﺩﻳﻨﺎﺭ ﺃﺧﺮﻯ، ﻓﺄﺧﺬﻫﺎ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻭﺍﺑﺘﺴﻢ
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻚ: ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﺑﺘﺴﻤﺖ؟ ﻓﻘﺎﻝ
ﺍﻟﻔﻼﺡ: ﺷﺠﺮﺓ ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ ﺗﺜﻤﺮ ﻣﺮﺓ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺷﺠﺮﺗﻲ ﺃﺛﻤﺮﺕ ﻣﺮﺗﻴﻦ
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻚ: ﺃﺣﺴﻨﺖ ﺃﻋﻄﻮﻩ (400 )
ﺩﻳﻨﺎﺭ ﺃﺧﺮﻯ ﺛﻢ ﺗﺤﺮﻙ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻣﻦ
ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻨﺪ : ﻟﻤﺎﺫﺍ
ﺗﺤﺮﻛﺖ ﺑﺴﺮﻋﺔ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻚ: ﺇﺫﺍ
ﺟﻠﺴﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻓﺈﻥ ﺧﺰﺍﺋﻦ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ
ﺳﺘﻨﺘﻬﻲ ﻭﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻻ
ﺗﻨﺘﻬﻲ…. ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻳﺜﻤﺮ ﺩﺍﺋﻤﺎً….. …………….. تحياتى
عبده مرقص عبد الملاك