كتب : رءوف جندى
طالعتنا الأحداث المجتمعية الأخيرة وأطلعتنا على فصيلٍ جديد من المواطنين .. في الحقيقة لم أتوصل بعد لتصنيفه . فالمواطنون فريقان . إما مؤيدٍ لما يستحق التأييد وهم كُثُر حتى وإن كان له تحفظات على بعض السلبيات .. وإما معارض لما قد يراه ليس في الصالح العام من حيث التوقيت أو الأولويات أو مدى النفع المنتظر منه … إلخ . ولكلا الفريقين كل الإحترام والتقدير . فما دافعه إلا حب الوطن والحرص على المصلحة العليا للدولة .. ولكن هذا الفصيل ومنهم إعلاميون هو الذى أقصِده . هو من يظن أنه استحوذ على كل الولاء والإنتماء . ومَن سِواهُ من الناس هم إما خونة أو مأجوربن أو عملاء أو من بقايا أهل الشر . هذا الفريق الذى يسارع مستميتاً بتغطية أى حدثٍ حتى لا يراه أحد وتحديداً ….. ( أهل الشر ) كما يُروجون . هذا الفريق الذى يُسارع في تلوين الحدث الجارى باللون الذى يريده هو . قبل أن يراه الآخرون على حقيقته . هذا الفريق الذى تبنَّى مبدءً هداماً ( ليس المهم أن يكون لدينا أخطاء . ولكن المهم ألا يراها أهل الشر ) . وليستفحل الخطأ كما يستفحل . طالما أنه تحت الغطاء وبعيداً عن العيون . هذا هو الفريق المنفلت وطنياً .
ولنَعُد بالذاكرةِ قليلاً : فلو أنكم تذكُرون أول مرةٍ غَرِقت فيها الأسكندرية في السيول . إبان ولاية ( هانى المسيرى ) محافظاً لها . سارع وقتها هذا الفريق بإتهام الإخوان أنهم من سدوا البلاعات ومصارف الأمطار بالأسمنت . وإنشغل الناس بأمر الإخوان وتاهت الحقيقة وقتها . هل كان اهمالاً من المسؤولين أم أن الشبكة لم تكن وقتها تستوعب هذه الكمية من المياه ؟ .
ولمن يتذكر حادث جرار قطار رمسيس وانفجار تنك الوقود . سارع هذا الفريق وقتها بإتهام سائق القطار بأنه إخوانى . وإنشغل الناس بأمر الإخوان وتاهت الحقيقة وقتها . هل كان إهمالاً في إدارة المرفق . أم أنها عيوب فنية وأعطال متقادمة في الجرارات ؟ .
ولمن يتذكر أيضاً أزمة الأطباء . وشكواهم من عدم توافر مستلزمات الوقاية لهم في مستشفيات العزل . سارع هذا الفريق واتهمهم بأنهم إخوان . وانشغل الناس وقتها بأمر الإخوان وتاهت الحقيقة . هل كانت المستلزمات متوافرة في المستشفيات أم لا ؟ .
حتى الرقص والخلاعة أمام اللجان الإنتخابية في إنتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة . اعتبرها هذا الفريق احتفالاً مشروعاً بالعرس الإنتخابي . ضاربين عرض الحائط بكل أشكال التحضر والرقي في ممارسة استحقاقاتنا الدستورية . وهللوا لنوابٍ يعلمون تمام العلم أن بعضهم دخلوا المجلس محمولين على أرداف الراقصات . زاحفين فوق بطون الجوعى والمساكين . وبأصوات حشدها الرقص والإسفاف وأغرتها الكراتين وبونات صرف الغذاء . وطبعاً من يعترض على هذه السلوكيات أو حتي يبدى استياءه منها . فالتهمة جاهزة : فهو الإخواني الذى يحاول تعطيل مسيرة الديمقراطية ..
ياهؤلاء : حاربتم على الفيس . نشرتم صوراً لأرتالٍ عسكرية متحركة . ونقلتم قوات على قطار حربى وادعيتم أنها ذاهبة إلي ليبيا . وهاجمتم بالمجهولة أهدافاً في عمق ليبيا وأحدثتم بها خسائر فادحة . وعدتم بقواتكم الإفتراضية إلى قواعدها سالمة . ومن لم يعلق على بطولاتكم هذه ب ( تحيا مصر ) . فهو خائنٌ وعميل ..
حاربتم أردوغان بهاشتاجات على غرار ( اردوغان شلح جيشه ) و ( أردوغان ابو قاعدة مضروبة ) وغيرها . ومَن لم يُعِد نشر هذه الهاشتاجات كي تلف الدنيا كلها . كان في نظركم خائنٌ وعميل ..
أعددتم الطائرات التي ستضرب السد الأثيوبي وزخرتموها بالصواريخ .. أحدثتم في جسم السد شروخاً وتصدعات لن يصلح بعدها أبداً . جعلتم الأرض تميد من تحته ليغوص فيها تدريجياً . أقمتوه على حزام زلازل ينذر بتدميره . أدرتم بطريقتم مباحثات سد النهضة . وكأننا لا نملك وزارة خارجية ولا وزارة رى . ومن لم يُعلق على أمانيكم وأحلامكم . فهو خائن وعميل ..
ياهؤلاء : أعلموا أنه في قوانين القتال . مَن تقدم من الجنود دون إذنٍ لايقل خطورةً على الجيش ممن انسحب دون إذن .. فالإنفلات الوطنى لايقل خطورة على الوطن من الإنفلات الأمني .. شَوَّهتم الحقيقة . وأربكتم المشهد . وقد تربكون متخذ القرار . ألستم من تنادون ليل نهار بالإصطفاف خلف القيادة السياسة ؟ !! . فهل الإصطفاف خلفها بنشر الهاشتاجات ؟ . وهل الجيش المُصنَّف ……. ( التاسع ) عالمياً يكون داعموه خارج التصنيف وبهذه الضحالة ؟ !! .. يا أخي : اجعل عدوك يحترمك لا أن يسخر منك أويستهزئ بك .
أما وأنكم مصرون على البقاء في المشهد بهذا الفكر وهذه السلوكيات . فليتكم تمارسونها في حروب الزومبى ومعارك سلاحف النينچا وألعاب الأتارى على موبايلاتكم ..
فلن تُحدِث هاشتاجاتكم خسائر في صفوف العدو . وإنما تُحْدِثها دبابةٌ تعوى ومدفعٌ يزأر . ولن تَدُك أمانيكم سد النهضة . وإنما تدكه وتزلزل الأرض من تحته طائرةٌ تزمجر .
فتنحوا جانباً كي نرى الحقيقة ..
واصمتوا قليلاً كي نسمع كلمة الحق ..