بقلم .. نهلة العطار
إذا بحثنا في تاريخ مصر القديمة فإننا سنجد أسلوبا ألتزم به المؤرخ والفنان المصري القديم عند تسجيل التاريخ في النقوش والرسوم علي الجدران والتماثيل المنحوتة، حتي أحدث أحد الملوك ثورة ، فماذا فعل اخناتون؟
علي مدار تاريخ مصر القديمة سنجد أن المؤرخ والفنان المصري القديم عند تسجيل التاريخ يركز علي الجانب الجمالي المثالي في تصوير الملوك فنجد الرسومات والتماثيل مصنوعة في صورة مثالية تخلو غالبا من العيوب والعلل وبالتأكيد لم تكن بهذه المثالية في الواقع ، ولكنها كانت معايير يلتزم بها الفنانون لإعتقاد يرتبط بالخلود في الحياة الأخري .
لكن في عصر الأسرة الثامنة عشر دعا الملك امنحوتب الرابع (اخناتون) إلي تصوير الواقع كما هو والتحرر من الأساليب القديمةوقد ترجم هذا التحرر الجديد بتمثيل الأشخاص علي هيئاتهم الدنيوية دون تجميل مقصود أو مثالية مكشوفة وبدأت مدرسة النحت المتحرر آنذاك بالفرعون نفسه وزوجته الملكة نفرتيتي والتي ظهر فيها الملك بهيئته وهو نحيف وإنعكس ذلك علي مشاهد الحياة اليومية للملك في أوقات الفرح والسعادة والصيد وغيرها .. وإمتد هذا الأسلوب الجديد المتحرر بعد وفاة اخناتون.
لنعبر آلاف السنوات التي تفصلنا عن اخناتون لنصل الي عام 2020 وكيف أننا نخضع لأنماط وأساليب صارمة للحياة ، فعلي سبيل المثال كيف أن الشركات المنتجة لأدوات التجميل تنجح من خلال الدعاية والإعلان في إقناع المرأة إتباع أنماط معينة في التجميل فأصبحن يدمن هذه الأنماط ويقبلن علي شراء المزيد من هذه المنتجات .
كذلك الكثير من رواد السوشيال ميديا أصبح همهم وشغلهم الشاغل الحصول علي آلاف المتابعين والمتفاعلين علي ما ينشرونه من محتوي بغض النظر عن أهميته او إرتباطه بالواقع ،
بل حتي دعوات التحرر ذاتها التي تتعالي لكسر كل قيود المجتمع بعيدا عن التفكير بمنطقية في نتائج هذه الدعوات،
ما أريد الوصول اليه هو أننا لا يجب ان نرقض خلف كل ما يرد إلينا او نرفض قاعدة من القواعد السائدة في المجتمع دون التفكير بعقلانية في إطار “الهوس بالترند” والجري مع القطيع.