احترسوا من الإسرائيليات
كتب عماد برجل
روي عن عبد الله بن عمرو أن رسول اللّه ﷺ قال:
“بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار”.
انتشرت منذ قديم الأزل عدة تفاسير لكتاب الله وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم..
والآن في ظل السوشيال ميديا ووسائل التواصل الاجتماعي ازدادت انتشاراً وأصبحت أقاويل يتداولها الناس دون الرجوع لأهل العلم.
الإسرائيليات هي الأحاديث الموضوعة المنقولة من التوراة والإنجيل. في علم الحديث، أصل الكلمة يعود إلى أعراف وتقاليد اليهودية و المسيحية وأيضًا من النبي محمد.
وهي غالبًا ليس لها قصص مفسّرة في الكتاب المقدس. و تعطي معلومات أكثر أو تفسيرات حول الأحداث والقصص التي حدثت عن طريق شخص في النصوص اليهودية.. وأغلبها تكون محرفة وغير صحيحة.
كان لليهود ثقافة دينية تعتمد على التوراة، وكان للنصارى ثقافة دينية تعتمد في الغالب على الإنجيل، وحينما دخل كثير من أهل الكتاب في الإسلام، حملوا معهم ثقافتهم الدينية من الأخبار والقصص الديني.
وكان هؤلاء حينما يقرؤون قصص القرآن، يذكرون التفصيلات الواردة في التوراة والإنجيل، وتلك الأخبار التي تحدث بها أهل الكتاب يطلق عليها اسم “الإسرائيليات”.
هذا وقد روي عن جابر بن عبد الله في البداية والنهاية أن عمر بن الخطاب أتى النبي بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النبي فغضب وقال “أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذِّبوا به، أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده، لو أن موسى — كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني أخرجه الإمام أحمد في المسند’.
ومعنى المتهوك هو الذي يقع في كل أمر، وقيل: هو التحير “المتهوكون” هم المتحيرون.
هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتداد فانها على ثلاثة أقسام:
(أحدها) ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذالك صحيح.
(الثاني) ما علمنا كذبه مما عندنا مما يخالفه.
(الثالث) ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه.
مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني. ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في هذا كثيرا.
وهناك أمثلة كثيرة عن تلك الإسرائيليات:
أسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، وعددهم.
وعصا موسى من أي الشجر كانت، وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم، وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة.
ونوع الشجرة التي كلم الله من جهتها موسى، إلى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دينهم ولا دنياهم.
كان للإسرائيليات أثرا سيّئا على علم التفسير؛ لأن الأمر لم يقف على ما كان في عهد الصحابة، بل زاد ودخل فيه النوع الخيالي المخترع. فوضعوا الشك في طريق المفسر، إذ أنه أصبح يشك فيها جميعاً لاعتقاده أن الكل من واد واحد.