بقلم الباحث التاريخى الشريف / أحمد ُحزين شقير الُبصيلى
إعلامى نقابة السادة الأشراف بجمهورية مصر العربية
……………………………………….
الجمعة الموافق 2 محرم 1442 هــ الموافق 21 أغسطس 2020م
الشيخ عبد الجواد بن محمد حسين الدومي هو أحد مشايخ الصوفية ومؤسس الطريقة الدومية الخلوتيه، ولد الشيخ عبد الجواد الدومى في شهر شعبان من عام 1300 هجريا في قرية “أم دومة” التابعة لمركز “طما” بمحافظة سوهاج وتوفى عام 1362 هجريا.
تنحدر أسرته من قرية “بناويط” مركز “المراغة” بمحافظة سوهاج، ورحل جده الحاج حسين الدومي إلى قرية أم الدومة وهو شاب وما زالت اسرته في تلك القرية حتى وقتنا هذا، وأسرته متوسطة الحال يغلب عليها التمسك الدينى والبساطة في المعيشة.
يروي والده الحاج محمد الدومى أنه رأى في منامه فقصها على الشيخ عبد الجواد المنسيفسي الذي كان يزور القرية في هذا الوقت والذي أكد له أن الله سيرزقه بمولود ذكر فقيه وعالما ينفع دينه ودنياه بعلمه وأخلاقه وبالفعل بعدها بقليل من الوقت رزقه الله بولد فأسماه “عبد الجواد” تيمنا بالشيخ عبد الجواد المنسيفسي.
اهتم والده من صغره بتحفيظه القرآن الكريم فبدأ الحفظ في كتاب القرية وعمره “خمس سنوات” وأتم الحفظ قبل أن يتم العشر سنوات. عندما أتم العشر سنوات قدم وتتلمذ على يد الشيخ “عبد الجواد المنسيفسي” والذي أخذ منه الصوفية وتعلم مباديء الطريقة الخلوتية “وتعلم منه الآداب والتربية وطريقة السير والسلوك والآداب القويمة، ووقتها أوصاه الشيخ عبد الجواد المنسيفسي وصية طلب منه ان تكون لزاما عليه مادام حيا حيث قال له “أن قراءة القرآن هي وردك في الطريق الآن”
عندما بلغ سن الثالثة عشر وفي شهر ربيع الثاني عام 1313 هجريا رحل إلى الأزهر الشريف ليتعلم هناك علوم الفقه والشريعة وهناك تتلمذ على يد كل من: الشيخ سليم البشرى والشيخ محمد السمالوطي والشيخ يوسف الدجوي والشيخ عنتر المطيعي. عرف عن الشيخ عبد الجواد الدومى شغفه الشديد لتحصيل العلم ومداومة المذاكرة.
بدأ الشيخ عبد الجواد الدومى محاضرا وإماما للناس وهو في سن السابعة عشر من عمره بعدما أدى شعائر الحج ويقال في تلك النقطة خاصة وهى توجهه للحج حيث ذكر أن الشيخ عبد الجواد الدومى “وهو جالس لمطالعة الدرس وقد أخذته سنة من النوم أن شخصًا أسمر اللون نحيف البدن طويل القامة حمل إليه بطاقة على صورة برقية من حضرة النبى صلى الله عليه وسلم، كتب فيها: عبد الجواد محمد. احضر حالاً. فقال له: ومن أنت، قال: بلال، فانتبه من سنته فرحًا مسرورًا، وقام لوقته يشدُّ الرحلة لتلبية هذه الدعوة “وبعدها أذن له مشايخه في الانطلاق لهداية الناس وتعليمهم أمور دينهم.
تزوج الشيخ عبد الجواد الدومى وأقام في القاهرة وأنجب ولدا ذكرا وهو الشيخ “محمد عبد الجواد الدومي”. أشاد به علماء عصره وأكدوا أنه عالم ومحدث وإمام وفقيه ومدرس ومفسر أحب الناس وأحبوه. عمل في عدد من مساجد ومنها مسجد السليمانية ببولاق أبو العلا وانتقل بعدها إلى مسجد العدوية في نفس المنطقة.
عندما بلغ عمره الثلاثين انتقل إلى مسجد “الزينى” بالسبتيه ببولاق أبو العلا حيث استقر فيه ما يقرب من 25 عاما يعلم الناس ويؤمهم ويخاطبهم. حاضر كثيرا من الناس في كل البلدان تقريبا وأصبح له تلاميذ من كل مكان.
يقول الشيخ عبد الجواد الدومى عن التصوف: “التصوف هو العمل بالعلم” كما أكد ان التصوف هو “الصراط المستقيم وصراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين”. وكان يرى أن غاية التصوف هو “يقظة القلوب” وجعل موضوع التصوف هو الإنسان نفسه، إشارة إلى التصوف مقتضى الفطرة الإنسانية وثمرة العقل الذي يميز الإنسان به عن سائر الموجودات. كان الدومى يظهر أنيقًا متسقًا يرتدى أحسن ما يمكن من الثياب لأنه هكذا فهم التصوف على أنه لا يتنافى مع الزينة والجمال
كما ذكر من قبل فقد عزم الشيخ عبد الجواد الدومى على تفسير القرآن كاملا وبدأ في تفسير النصف الآخير منه حتى أنهاه وبدأ في تفسير النصف الأول حتى وصل إلى الآية ” إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ” سورة النساء إلا أن المرض حجب عنه إكمال التفسير ولازمه المرض أربع سنوات متتاليات حتى لقى ربه في نهاية عام 1362 هجريا ودفن بالضريح الكائن بالطحاوية في الجهة الشرقية من ضريح الإمام الشافعى رضى الله عنه.
فى عام 1935 م كتب محمد أحمد عبد الحكيم الشرقاوى وكيل مجلة الإسلام بالأقصر مقالا يتحدث عن زيارة الشيخ الدومى حيث قال :
كان لبلاد الأقصر الحظ الأوفر والفخر الأعظم بتشريف مولانا العارف بالله قدوة السالكين ومربى المريدين الشيخ عبد الجواد محمد الدومى وحضره نجله المفضال السيد محمد عبد الجواد الدومى ومن صحبوهما فى هذه الرحلة المباركة وتحدث الكاتب عن سعادة اهل الاقصر بالزيارة ومن كان فى إنتظاره لحظة قدومه وهم كالأتى: حضره الوجيه عبد الراضى أفندى العمارى نائب الأقصر السابق وحضره المحترم الشيخ سنبل إسماعيل العمارى والشيخ كامل خليل العمارى والشيخ محمد أحمد العمارى نائب عمدة المنشأة وفضيلة الشيخ الفاضل الطاهر الحامدى مع جمع عظيم من أعيان أرمنت الحيط وجمع عظيم من الكرنك منهم حضره الشيخ عمر محمد الطاهر والشيخ محمد إبراهيم الطاهر والشيخ أحمد الكامل الطاهر والشيخ محمد الحداد مأذون الكرنك والشيخ الصاوى محمد عبد الحكيم وفضيلة الاستاذ الاديب محمد الحفنى والشيخ إبراهيم حسن دوح من أعيان المطاعنة وحضره الشيخ الفاضل الأمير عيسى والشيخ الصادق محمد غلاب وإسماعيل افندى ابراهيم والشيخ حسين مكى حسين والشيخ محمد عكاشة والشيخ إبراهيم عامر
وغيرهم من أعيان أرمنت.
ولما وصل العارف بالله الدومى محطة الاقصر صافح جميع مستقبلية ببشره المعلوم وبعد خروجه توجه توا لزيارة ضريح سيدى ابى الحجاج الاقصرى والساحة الحجاجية ومنها لمنزل حضره عبد الراضى أفندى العمارى بالأقصر تلبيه لطلبه وقوبل هناك بحفاوة كبيرة ثم وصل فضيلته الى مقر الاسرة الطاهرية بالكرنك وانهالت الجموع من العلماء والاعيان لتشرف بمقابلة فضيلته وعقب صلاة العشاء ألقى فضيلة الاستاذ الشيخ محمد الطاهر الحامدى قصيدة عامرة بمناسبة تشريف فضيلته ديار العائلة الطاهرية قوبلت بالقبول والاستحسان وسيقوم فضيلته من الكرنك الى المطاعنة تلبيه لدعوة الشيخ الأمير محمد الحفنى والشيخ إبراهيم حسن دوح ومن معهم ومنها سيقوم بزيارة أرمنت لزيارة دار الجد الشيخ طاهر الحامدى بأرمنت وسيمكث بها أياما إن شاء الله .