أخلاقيات جميلة يجب أن تعود كما كنا كي نسود
بقلم /صادق المناسفي….
كلما تقدم بنا العُمر نتذكر ونتحسَّر على ذلك الزمن الجميل الذى ولى بكل ما فيه من جمال ورُقي وتحضُر.
الزمن الجميل الذى فقدناه بعد أن عِشناه صغاراً منذ عدة عقود،الزمن الذى لم يتبقَّ لنا منه غير الذكريات الجميلة .
الزمن:
من خلال بحثى وقراءتى عن الزمن قرأت أن الزمن يختلف باختلاف وجهة النظر التي ننظر بها بحيث يمكننا الحديث عن زمن نفسى أو زمن فيزيائى أو زمن تخيُّلى،
وهو عملية تقدم الأحداث بشكلٍ مستمر وإلى أجل غير مسمى بدءاً من الماضى مروراً بالحاضر وحتى المستقبل.
الزمن أمر نشعُر به أو نقيسُه أو نقوم بتخمينه أو تخيّلُه.
الزمن هو الوقت الذي مضى على البشر في الماضى، وسوف يمضى عليهم في المستقبل.
إذاً كل إنسان له وجهة نظر خاصة به فى مفهومه للزمن وتختلف وجهات النظر من إنسان لآخر.
والغريب إن رغم إختلاف وجهات النظر للزمن إلا أن معظم الناس إن لم يكُن جميعهم يشتاقون وبشغف شديد للزمن الذى مضى.
تُرى ما سر هذا الشغف والحنين للزمن الجميل..!!؟
كثُرَ الحديث فى الأونة الأخيرة على مواقع التواصل الإجتماعى عن ” الزمن الجميل” والحنين والإشتياق له.
ولو تتبَّعنا منشورات الناس وحكاياتهم وكتاباتهم ومحادثاتهم عن الزمن الجميل، لوجدناها تدور حول وصفهم وإشتياقهم وشغفهم لزمن الذكريات الجميلة المؤثرة والمترسخة فى ذاكرتهم فمنهُم مَن يتحدث عن رُقي الفن والفنانين , ومنهم مَن يتحدث عن أثمان الأشياء، ومنهم مَن يتحدث عن الذوق الرفيع فى الأزياء ومنهم مَن يتحدث عن أسلوب الحياة ورُقيها،ومنهم مَن يتلهَّف بالعودة لذاك الزمن الجميل.
ولكل منّا ما يربطه بهذا الزمن ويتمنى العودة إليه.
وأنا أرى أن إشتياق الناس للماضى ووصفه
ب الزمن الجميل يُعطى إنطباع بأنهم يعيشون زمن يخلو من ملامح الجمال والرُقي ، لذلك يزداد حديثهم يوماً بعد يوم عن الماضى وجماله ورُقيُّه وحنينهُم إليه.
طبعاً كلنا لاحظنا أن هناك تردياّ فى الأذواق عامة..!!
أيضاً هناك أمثلة شعبية خاطئة أنا ضدها تماماً
مثل:
صباح الخير يا جارى إنت فى حالك وأنا فى حالى”
والبعض بل الكثيرين نسوا أن النبي ﷺ وصانا على سابع جار ..!!
وهناك أيضاً تراجع ملحوظ على مستويات كثيرة ومختلفة جعلت حياتنا عبارة عن أياماً ثقيلة كثُرَت فيها المعاناة والأحزان وهموم الأفراد لا تنقطع.
هناك مَن يرى أن الحنين للزمن الجميل هو تراجع سلبى ومؤلم.
لكن أنا أرى العكس تماما .
أرى أن الإنسان عندما يشتاق لشيئ جميل،يدل على أنه يرفض ما يعيشه ويراه من قُبح وسوء السلوكيات، وهذا شيئ مُبشر بالخير وبالسَعى للتغيير إلى الأفضل والأرقىَ.
وفى سطورى هذه لا أقصد العودة للزمن نفسه،بل العودة لسلوكياتنا الجميلة فى ذاك الزمن، لإن الزمن كما ذكرت أعلاه ليس إلا وقت نعيشه لم ولن يتغير. لكن سلوكياتنا هى التى تتغيَّر.
وأفعالنا وسلوكيَّاتنا هى التى تُجمِّل الزمن أو تشوِّهه.
وبما أن الزمن عبارة عن وقت. ،والوقت الذى يمُر لا يرجع مرة أخرى.
فهذا يؤكد أننا لا نشتاق للزمن نفسه،بل نشتاق لأنفسنا وسلوكياتنا الراقية فى ذاك الزمن الجميل.
وهذا يؤكد بأننا نحن مَن نُجمِّل الزمن بعاداتنا وأخلاقنا وعلاقاتنا الإجتماعية الراقية .
والجميل بالفعل إن الكثيرين متلهفين ومشتاقين ويتمنون عودة هذا الزمن الجميل وبشغف شديد ..!!
وهذا يدل على أننا بالفعل نسعى للعودة لرُقيَّنا ولكل شيئ جميل فينا ولكل سمات الزمن الجميل، بل معظمنا يرفض ويستنفِر السلوكيات الدخيلة على مجتمعنا خصوصاً فى ظل زمن العولمة الذى نعيشه ..!!
وبما أننا متلهِّفين لذاك الزمن الجميل،فهيا بنا نسعى ونجتهد ونبحث عن كل شيئ جميل وعن سلوكياتنا الراقية وعن كل ما هو جميل فينا ونُخرجه للنور كى نُجمِّل زمننا ونسعد بحياتنا ونُلغى الأمثلة الشعبية الخاطئة من قاموس حياتنا
ونرفض هذا المثل الشعبى الخاطئ الذى يقول:
صباح الخير يا جارى إنت فى حالك وأنا فى حالى
ونرحب بهذا القول :
صباح الخير يا جارى كيف حالك وأحوالك طمِّنى عليك هل ينقصك شيئ وإلى آخره .!!
آلا آن الأوان لذلك..!!؟
أعتقد أن الآوان قد آن فلنُسرع جميعنا بوضع حجر أساس للزمن الذى نعيشه ونجعله جميل .
الزمن الجميل كان جميل لإن الأخلاق كانت هى المرجع الأساسى لمجتمعنا.
كان الزمن جميل لإننا كنا ننظم أسلوب حياتنا، وكانت كل خطوة نخطوها محصنة بالقيَّم والأخلاق والمبادئ والأصول وكنا حارصين كل الحِرص على أن نتعامل بطيب الأخلاق وأن لا نجرح شعور الآخرين كنا نلتزم بحُسن الخُلُق،
حُسن الخُلُق الذى لا تنكره المجتمعات والأمم على إختلاف ثقافاتها أهميته وضرورته، والحاجة الماسّة لتحلِّي الأفراد والتزامهم به،
وما يترتّب مقابل التّخلي عنه وعدم الإلتزام به من عواقب وخيمةٍ.
كنا نحرص على التحلِّى بحُسن الخُلُق وكان مرجع أساسى فى التعامل وفى كل سلوكياتنا كى نكون قُدوة حسنة لمَن معنا ولمَن حولنا،
كنا نُحسن الظن بالجميع حتى أن يثبُت العكس..!!
إذاً يجب علينا أن نستعيد هذه المراجع ونجعلها حجر أساس حياتنا ونتمسك بها ونحرص على أن لا تختفى مرة أخرى من حياتنا.
ومن هنا أدعوكم بعودة الزمن الجميل من خلال عودة عاداتنا وتقاليدنا وأخلاقنا ورُقيَّنا.عودة العلاقات الإجتماعية.عودة الإهتمام بالثقافة.
عودة لمة العيلة. عودة الشياكة والأناقة.
عودة رُقي الحوار وإنتقاء الألفاظ.
عودة إحترام إختلاف الآراء.
عودة رُقي الأخلاق والقيَّم الأصيلة.عودة الإحترام.عودة الرُقى فى التعامل.عودة صفاء النفوس.عودة الصِدق.
عودة حُب الخير للغير.
عودة إحترام الصغير للكبير.عودة الإبتسامة.
عودة النخوة والمروءة.
عودة الإهتمام بالجار.
عودة التعاون والإهتمام ببعضنا البعض.
عودة اللهجة المصرية الأصيلة لهجتنا الجميلة.
من فضلكم راجعوا تفكيركم فى ما أنتم فيه وعليه،
من المؤسف والمُؤلم إن الكثيرين أصبحوا لا يعرفون إسم الجار الذى يسكن أمامهم..!!
لماذا إختفت الجيرة وأين ذهب حق الجار ..!!؟
مثلاً :
لو نتذكر زمان كانت معظم أبواب الجيران تظل مفتوحة اليوم بطوله.كانت العلاقات قوية جداً بين الجيران وبعضها كنا مِثل العائلة الواحده،
لو تتذكروا فى الزمن الجميل كما تُطلقون عليه كانت أطباقنا تختلط بأطباق الجيران. وكانت كل جارة عندما تطهو طعام طيب أو تعمل حلويات كان لازم يذهب طبق للجيران.حتي المزارع في حقلة كان يعطي جارة الآخر من زرعتة الغير موجودة لديةوتبادل في المحاصيل كان لازم ولابد من ليس عنده ماشيه تدر عليه حليب لأولاده لابد أن يكون له نصيب من عند جاره
إيه إللى حصل وتسبب فى هذا التباعد الإجتماعى في مجتمعنا ..!!؟
وللعلم من وقت ما إختفت هذه العادات الجميلة وأغلَقنا أبوابنا وتباعَدنا وأصبَحنا غرباء عن بعضنا البعض ولا يعرف أحدنا الآخر قلَّت البركة وتضاءل الخير وإختفت البهجة من حياتنا..!!
هناك مَن يقول:
أن الزمن الجميل الحقيقي هو كل زمن أطعنا فيه أمر ربنا سُبحانه وتعالى, فكانت كل لحظة فى طاعته فوز وكسب وفلاح وفوز في الدنيا والآخرة .
وهو كل زمن أصلحنا فيه مجتمعنا بالإيجابية التطبيقية وبالعلم النافع الراقي وبمواقف المروءة الثابتة وبالتعاون والتعاضد والمشاركة في الإصلاح.
وهنا أتساءل :
متى نهنئ أنفسنا ونقول الحمدللّه على السلامة وعوداً حميداً ..!!؟
(أتمنى أن تكون هذه التهنئة فى القريب العاجل)