بقلم : هبة رجب
استيقظت سلمى من نومها على صوت
أمها تناديها. الأم : سلمى سلمى، لقد تأخرت يا حبيبتى
سلمى : عفواً يا أمى، لقد كان حلم جميلاً
الأم : أخبريني؛ ما الحلم الذي جعلك تتأخرين من أجله ؟!
سلمى : عذراً يا أمي، لقد تأخرت على عملي ، عند عودتي، سأحكي لك.
ذهبت سلمى مسرعةً إلى مرسمها ، فهي رسامة موهوبة ، تخرجت في كلية الفنون الجميلة.
إنها عاشقة للرسم ، وعاشقة لقصص الحب الوردية؛ فالحب تسمع عنه فى الروايات التى تقرؤها ولكن لم يصادفها فى الحقيقة، هي ذات الخامسة والعشرين من عمرها ولم يدق قلبها أحد.
فالحب غريب عنها، وعن عالمها، الحب بالنسبة لها أسطورة تحكى،
كلمات تنطق بالأعين، وشعور يمتزج بوجدانها، خطوات تخطوها إليه دون عناء، دون شقاء.
كانت سلمى تنتظر الحب، فالحب بالنسبة لها كالماء يروي ظمأها، الحب بالنسبة لها قلب يحتضنها لينسيها آلامها، الحب عطاء دون مقابل، الحب بقاء دون وداع.
الحب بالنسبة لسلمى لقاء أرواح ألف بينها الله عز وجل، ليتوج هذا الحب برباط مقدس يرعاه الله ويحفظه.
وصلت سلمى إلى مرسمها، تمسك فرشاتها؛ فتلون ملامح لوحتها، تنسج عالما، تخلق فكرة، تغرق في التفاصيل، تعزف بالألوان ملامح صورتها، وكأنها مقطوعة موسيقية.
فالصورة بالنسبة لها ليست مجرد ألوان ورتوش؛ فترى روحها فى كل صورة، وكأن الصورة تنطق من دون كلام، لكل صورة حكاية بداخلها، فللصور تعبير وشعور نتذوقه حين نراه.
وذات يوم جاءها (عصام) ؛ فهو يسمع عنها كثيرا انها رسامة موهوبة لترسمه، وحين بدأت سلمى تمسك بفرشاتها، وألوانها تذكرت الحلم، نعم، إنه يشبهه ، بل إنه هو من رأته فى حلمها الجميل التي تمنت ألا تستيقظ من نومها حتى لا يغادر حلمها.
نظرت إلى عصام وكانت هي النظرة، عرفته من أول وهلة وكأن نظرته اخترقت قلبها ، لتستوطن فيه دون مغادرة. نظراته مختلفة وكأن روحها تعلقت بهذا الشخص الغريب عنها فهي لا تعلم عنه شيئا.
حاولت سلمى أن تتمالك نفسها وتخفى ارتباكها، حتى لا تفضحها عيناها.
ولكن يبدو أن عصام منجذب إليها، فعيناه تلمع لمعة بها إعجاب، تتعالى دقات قلبه ، ليخبرها……. نعم هو أنا.
كانت سلمى تطيل لحظات البقاء وهي ترسمه، لتختلس من الوقت السعادة فحلمها أصبح واقعاً أمام عينيها، لتظل تنظر إليه فهي لا تريد مفارقته.
ولكن للأسف الصورة أوشكت على الانتهاء.
سلمى : تفضل يا عصام أتمنى أن تعجبك .
عصام : لم أر نفسي جميلا هكذا من قبل.
سلمى : أنت جميل يا عصام.
عصام : الأجمل هي روحك التي في الصورة، تلك التى تجعل كل شيء جميلا.
سلمى : احمر وجهها خجلا ، يكفي أن نظرات سلمى قد أخبرته بكل شيء.
يودعها ويستأذنها في أن تسمح له بالتواصل معها، توافق سلمى لأن هذه هي أمنيتها.
يتصل بها عصام كل يوم ليطمئن عليها ، وليعرف عنها الكثير، فهي مختلفة بالنسبة له ، كما هو مختلف بالنسبة لها، وبالفعل يزداد القرب يوماً بعد يوم. تشعر سلمى بأن حلمها لم يكن مجرد حلم بل هو رسالة لها، تخبرها بأن الحلم سيصبح حقيقة، وأن الأحلام قد تتحقق، فالحلم ليس صعب المنال ، ولكنه اليقين بأن حلمك ليس ببعيد.
شعرت سلمى بانجذاب إليه غريب؛ فهو يفهمها دون عناء في الشرح، يشعر بها دون ترجمة للكلمات، يحتويها بنظراته قبل كلماته.
فيخبرها عصام بحبه
سلمى : لا تتمالك فرحتها فعيناها تدمع من شدة الفرح، فبداخلها صوت جميل يناديها (قد جعلها ربى حقا) ، ما أجمل اليقين بأن حلمك بإذن الله تعالى قد يجعله لك ربك حقا.
عصام: “أتقبلين بأن تكونى شريكة لحياتي؟” ؛ لتخبره قائلة : “نعم، فأنا قد التقيت بك قبل أن أراك، فأنت الحلم الذي أصبح حقيقة”..