بقلم / محمد خضر
تعرَّف القيم الإنسانيّة
على أنها القواعد المؤسسة للمنظومة الأخلاقية المتكاملة والتي تعارفت عليها الفطر الإنسانيّة السليمة والتي رُسِّخت وتمَّ تأكيدها من الديانات والأفكار الإصلاحية والأعمال الفنية والأدبية العظمى.
تظهر القيم الإنسانيّة على أرض الواقع من خلال التعاملات اليومية بين الناس وهي تضمُّ طيفاً واسعاً من القيم والأخلاق الحميدة
كالصدق، والأمانة، والتعاون على الخير، وحب الآخرين، ومساعدة المحتاجين، والمودة، والاهتمام بالناس، وتفقُّد الضعفاء، وإرساء العدالة، وما إلى ذلك
ومن هنا فإنه لا يُمكِن لأي إنسان عاقل أن ينكر إحدى هذه القيم وإلا أثبت وبما لا يدع مجالاً للشك أنه أبعد ما يكون عن الإنسانيّة.
تنمية القيم الإنسانيّة لدى الناس إن تنمية القيم الإنسانيّة لدى الإنسان تعتبر من أولى الأولويات لبناء مجتمعات قوية متماسكة قادرة على تخطِّي العقبات المختلفة، والتأسيس لانطلاقة قوية نحو المجد والرفعة وتنمية هذه القيمة تبدأ أولاً لدى الأجيال الجديدة، والأطفال منذ مراحلهم العمرية الأولى فهم الذين سيمسكون زمام القيادة في المستقبل وهم من يحتاجون إلى وجود قاعدة أخلاقية قوية لديهم تعينهم على المُضيِّ قُدُمُاً في حياتهم
لذا فإن انتهاج الأساليب التربوية العلمية عند التعامل مع الأطفال يساعد بشكل كبير على تزويدهم بهذه القيم العظيمة.
أما بالنسبة للكبار فإن تنمية القيم الإنسانيّة لديهم تكون بحاجة إلى رغبة ذاتية أولاً ومُجاهدة كبيرة للنفس وتزكية لها ومن ينجح في هذا الأمر فإنه يضمن الفلاح والنجاة على كافة الصعد.
ومن الوسائل المهمة أيضاً لتنمية هذه القيم لدى الكبار التأمل والذي يساعد على إزالة آثار وبقايا القيم السلبية وإعادة بناء شخصية الإنسان.
القيم الإنسانيّة في العصر الحديث لا شك في أن العالم اليوم يعاني من مخاطر عظيمة وهائلة تتجلى بوضوح حول الإنسان أينما يمَّمَ وجهه على هذه الأرض فبعض هذه المخاطر تتعلق بالحروب والصراعات وبعضها بالمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها بعض المناطق وبعضها بالنواحي البيئية التي تعاني منها الكرة الأرضية في ظل الإقبال اللامتناهي على الإنتاج، والاستهلاك دون الاكتراث بمصير البيئة، والكرة الأرضية من حولنا، فضلاً عن العديد من المشكلات الأخرى.
ولو أمعنا النظر في هذه المشكلات وغيرها لوجدنا أن غياب القيم الإنسانيّة لدى فئات كبيرة وعريضة من الناس هو السبب الرئيسي وراء حدوثها، وتفاقمها إلى هذه الدرجة التي باتت فيها تشكل تهديداً واضحاً للإنسان، بل ولجميع الكائنات الحية الأخرى، وبالتالي فإنّ نثر بذور القيم الإنسانيّة الأساسية، والإعلاء من شأنها في كافة المجتمعات هو الضمان الوحيد للنهوض بهذا العالم، وحل هذه المشكلات المتراكمة، وإنقاذ الأجيال اللاحقة من مخاطر عديدة لا تُحمَد عقباها.