بقلم .. نهله العطار
يقول ابن خلدون: “أن المغلوب يميل إلي تقليد الغالب” لأن الغالب يكون الأقوي والأكثر علما وبالتالي له تأثير علي المغلوب
عقدة الخواجة أو التبعية أو أيا كان مسماها الذي يختلف من مجتمع لآخر هي الإعجاب والولع بكل ما هو غربي إعجابا يصل إلي حد تصديق وتقليد كل ما يرد من الغرب كأن كلمة غربية هي علامة تجارية لتسويق كل ما هو غربي وخواجة تعني الأجنبي الأوروبي .
تنتشر هذه العقدة في المجتمعات الشرقية وخاصة العربية ويرجع ذلك إلي عهد الإستعمار الأوروبي لنا لفترات زمنية طويلة والسيطرة علي كل مجالات الدولة بما فيها الثقافية والاعلامية .
فبدأ الإنسان العربي يحذو حذو الإنسان الغربي المستعمر لعله يصبح مثله في قوته وعمله وثقافته وغناه في تقليد اعمي لأسلوب الحياة والملابس واللغة والكثير من التفاصيل دون أن ينتبه.
وحتي الآن تستمر هذه العقدة أو الحالة النفسية المرضية التي أصيبت بها المجتمع .
فنراها مثلا في أعمال الدراما والسينما العربية المستنسخة من الأعمال الفنية الغربية .
وكأن المنتجين والفنانين لا يقدمون تلك الأعمال لمجتمع عربي شرقي له ثقافته وقيمه وقضاياه الخاصه به وبظروف بيئته.
الأمر يذهب لأبعد من ذلك بكثير ، إلي سلوك بعض الأسر التي تسعي لإكساب ابنائها الثقافة الغربية بكل ما فيها ، فتجد احدهم فخور جدا ان ابنه يتحدث الإنجليزية بشكل جيد ولكن لكنته العربية ركيكة جدا ويقول بفخر إنه يتعلم في مدارس أجنبية والغريب أن تلك الأسر وأبنائهم يعيشون في هذا المجتمع الشرقي ويتعاملون معه ويعملون فيه!
إن الإعجاب بحضارة وثقافة أمر مطلوب للإستفادة والإقتباس من علومها التي يمكن أن تفيدنا ولكن التقليد الأعمى والنظر إلي “الخواجة” علي أنه يملك عقلا خارقا بالفطرة فهذا دليل علي عقدة نقص وقصور في التفكير.
لو عدنا إلي الوراء قليلا يمكننا أن نري كيف كانت أوروبا تغرق في غيابات الجهل وكيف أن اللغة الإنجليزية بها الكثير من الكلمات العربية
وكيف أن العلوم التي أنتجتها الحضارة العربية والتي تتغذي عليها الآن الحضارة الغربية مثل اللوغاريتم الذي يكاد يدخل في كل مناحي العلوم والتكنولوجيا الآن، فالغربي لا يملك عقلا خارقا بالفطرة، وفلان الذي أسس شركة عالمية كبيرة وهو في سن العشرينات ليس خارقا بالفطرة ،الفرق الواضح والصريح أن البيئة لديهم مناسبة وداعمة بخلاف بيئاتنا والمشكلة ليست في العقول ولو كان الأمر كذلك لما رأينا علماء عرب في كل المجالات ،
لمجرد وجود الإنسان في بيئة مناسبة وداعمة تظهر قواه ويشع ابداعه ، الأمر لا يتعلق بأن تكون غربيا او عربيا او حتي من كوكب المريخ.
ولأزيدكم من الشعر بيت، هناك الكثير من الغربيين مولعين بالثقافة العربية ومنهم من يأتي للعيش في بلادنا لأنه يري فيها روحانيات يفتقدها في ثقافته ومجتمعه
أعتقد أننا في حاجة لأن ننظر الي الغرب نظرة فاحصة فنأخذ منه ما يفيدنا وليس ما يفسدنا فلكل مجتمع ثقافته وقيمه الإيجابية التي تستحق ان يتمسك بها افراد المجتمع.