رمضان شهر الالتفاف والتآزر
اد/ مفيده ابراهيم
ان من أهم ما حدث في شهر رمضان المبارك هوما فاجأنا وفاجأ العالم كله من حدث اهتزت له القلوب طربا، وابتسمت له الثغور فرحا، ولهجت به الألسنة ثناء، وسجدت الجباه من أجله لله شكرا.
إنه الحدث الذي أحيا الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، بل الأمة الإسلامية من المحيط إلى المحيط، هو: حرب العاشر من رمضان، ؛ فقد كان لشهر رمضان نفحاته وبركاته وإمداداته التي هبت نسماتها على الجنود والصائمين والمصلين كان له أثره في تحقيق النصر، وإمداد المقاتلين بشحنة إيمانية دفعتهم إلى البذل والفداء، نحن في حاجة خلال الوقت الراهن إلى استلهام «روح العاشر من رمضان تلك الروح العظيمة التى كانت تسكن كل صائم، لعبور التحديات الراهنة وأولها دحر الإرهاب واستحضار روح النصر بالعمل وبذل الجهد من أجل الارتقاء في كافة القطاعات لاستكمال خطط التنمية الشاملة وعدم الالتفات وراء الشائعات والمعلومات المغلوطة التي يبثها المأجورين والمُمولين
ويظل نهار شهر الصيام العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر عام 1973ملحمة العبور والنصر ملحمة بطولية يحفظها التاريخ ويخلدها فى صفحاته بحروف من نور، وتتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل ، وكأن تتحقق أمنية على بن أبى طالب «رضى الله عنه» عندما قال «أحب ثلاثة يا رسول الله: أحب إكرام الضيف، وصيام رمضان فى الصيف، وقتال المشركين بالسيف».
وقد اختير التوقيت المناسب لبدء المعركة، وكان رمضان هو الوقت الملائم نفسيا وروحيا، لما يمد به الجنود من نفحات، وما يعطيهم من شحنة روحية، وكان أكتوبر مناسبا، من حيث المناخ، وليس فيه حرارة الصيف، ولا برد الشتاء.
إن الانتصار الذي تحقق في العاشر من رمضان كان انتصاراً للإرادة ، وتأكيداً على أنه مهما كان حجم التحدي، فإنه يمكن مجابهته من خلال التوحد والعمل المشترك والتعبئة السليمة للموارد والقدرات، إضافة إلى التصميم على النجاح والأخذ بأسبابه. وإذا كان الإرهاب هو الخطر الأكبر الذي يهدد أمن المجتمعات واستقرارها، ويعمل على النيل من مكتسباتها الحضارية وتعايش أبنائها، خلال المرحلة الحالية، فإن دحره والقضاء عليه وتجفيف منابعه وجذوره، يحتاج إلى استلهام روح رمضان، من خلال تكاتف الجهود على المستوى العربي من منطلق الوعي العميق بأن الخطر الإرهابي يستهدف الجميع، وأن الحرب ضده شاملة وممتدة في الوقت نفسه. هكذا يكون الصائم إذا ذكرته بالله ورسوله، وذكرته بالأبطال العظام: خالد وأبي عبيدة وسعد وطارق وصلاح الدين وقطز -فقد خاطبت جوانيته، ودخلت في أعماقه، وأوقدت جذوته، وحركت حوافزه، وبعثت عزيمته، وهنا لا يقف أمامه شيء، إنه يصنع البطولات، ويتخطى المستحيلات؛ لأنه باسم الله يتحرك، وباسم الله يمضي، وعلى الله يتوكل: قال الله تعالى :”وَمَنْ يَتَوَكلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ” الطلاق- 3 وقال عز وجل :”وَمَن يَعْتَصِم بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ” آل عمران- 101.
أ . د / مفيدة إبراهيم علي