أعمل الخير .. وأرمه في البحر
متابعه : فهيم سيداروس
كان في أحد الأيام فلاح فقير يعمل في حقله عندما تناهى إلى أسماعه صوت طفل يبكي ويصرخ طالبا المساعدة.
ترك أدواته وعمله على الفور وهرع بأقصى سرعة باتجاه الصوت.
فإذا به يرى طفلاً صغيرا يرتجف من الخوف والرعب، غارقًا حتّى وسطه في حفرة عميقة موحلة، يتخبط داخلها محاولاً الخروج منها دون جدوى.
لم يتردد الفلاح لحظة عن مساعدة الطفل، وبعد جهد كبير، تمكن من إخراجه من الحفرة وإنقاذه من موت محتم كان سيصيبه، على الأقل نتيجة ذعره الشديد.
وفي اليوم التالي، توقّفت عربة فخمة يقودها حصانان أمام حقل المزارع الفقير، وإذا برجل من طبقة النبلاء يقترب إليه مقدّمًا نفسه على أنّه والد الطفل الذي أنقذ الفلاّح حياته بالأمس.
– أريد أن أكافئك على عملك وإنقاذك لطفلي، فاطلب ما شئت من المال وسأقدمه لك.
– لا أبدا لن أقبل أي مال…
في تلك اللحظة بالذات خرج طفل صغير بثياب رثّة من الكوخ الفقير الذي كان في الحقل… كان ابن الفلاح.
– هل هذا هو إبنك؟
– نعم. أجاب الفلاّح بإبتسامة فخورة.
– حسنا إذا، سنعقد اتّفاقية فيما بيننا. اسمح لي أن أساعد طفلك في تعليمه، كما ساعدت أنت طفلي. سأتكفل بتعليمه وسأقدم له المستوى التعليمي نفسه الذي أقدمه لولدي.
وإذا كانت أخلاقة حميدة مثل أبيه، فمن المؤكّد أنّه عندما سيكبر سيحقّق شيئًا عظيمًا يجعلنا نحن الاثنين فخورين به.
وهذا ما حدث. تلقّى ابن المزارع دروسه في أحسن المدارس، حتّى تخرج من كلّية الطب المشهورة في مشفى القديسة ماري في لندن.
إنّه من أصبح في ما بعد معروفًا في العالم بأسره باسم ألكسندر فلمنج، أبو البنسلين.
بعد مضي العديد من السنوات، أصيب ابن الرجل الغنيّ بمرض شديد في الرئتين. فمن أنقذ حياته هذه المرّة أيضًا؟ إنّه البنسلين…
كان ذلك الرجل الغنيّ هو اللورد راندولف تشرشل، أمّا ابنه، فكان السير ونستون تشرشل رئيس وزراء انكلترا خلال الحرب العالميّة الثانية.
أحبّاءنا، لا يذهب شيء عند الله سدىً. اذكروا فلس الأرملة كم كان له قيمة كبيرة في عينيّ الله.
كلمة “يا ربّ ارحم” التي نردّدها، أو شمعة صغيرة قد نشعلها لأجل شخص ما، أو دمعة نذرفها، كلّ منها له قيمته. لا شيء يضيع عند الله، بل يراه ويقدّره.
“اِرْمِ خُبْزَكَ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ فَإِنَّكَ تَجِدُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ” (سفر الجامعة 11: 1)