تعرف علي حكاية مقصوفة الرقبة
بقلم/أحمد عثمان عوض
رئيس لجنة الاثار والسياحه اتحاد طلاب تحيا مصر محافظة الشرقيه
”مقصوفة الرقبة“
الفتاة التى هزت عرش الصوفية فى مصر فكانت أول “مقصوفة رقبة” في التاريخ. وصف يقال على الفتاة التي تتمرد دوماً على العرف والتقاليد وأحياناً تتخلى عن الأدب.
ومقصوفة كلمة عربية لكن معناها في الجملة مضروبة الرقبة أي القتيلة.
تعرف على أصل الحكاية الذى يعود أصل معنى الجملة إلى حادثة زلزلت الكيان المصري وقتها وهي حادثة مقتل “زينب” بنت الشيخ خليل البكري الصديقي نقيب الأشراف وشيخ السادة البكرية حيث قُتِلَت بقصف رقبتها في 24 ربيع الأول سنة 1216 هجرية الموافق 4 أغسطس سنة 1801 ميلادية.
لا أحد حتى الآن يدري أين دُفِنت زينب البكري
لكن كتب التاريخ كلها كتبت عن سبب قتلها والغالبية حَمَّلوا والدها تبعات ما اقترفته من خروج عن الأصول والبعض رأوها حادثة عرضية إلا أن في كل الأمور كانت حادثة مقتل زينب البكري هزت عرش الصوفية في مصر.
تبدأ الحكاية بدخول الحملة الفرنسية إلى مصر .
ثم اتفاق الهدنة بين المشايخ ونابليون قبيل اندلاع ثورة القاهرة الأولى في أكتوبر سنة1798م.
كان نابليون يحاول إخماد الثورة الشعبية فى مصر عن طريق رجال الدين فحاول كسب ود المشايخ وثقتهم وقرر ضم عدد منهم للمجلس السياسى الخاص به بحجة احترامه للدين الإسلامى وضرورة تمثيله فى مجلس الحكم
لكنه فى الحقيقة أراد كسبهم فى صفه والتحكم فى الشعب من خلالهم وكان الشيخ”خليل البكري”أحد أعضاء الديوان الذي شكله نابليون فور دخوله مصر لكن كان عمر مكرم هو نقيب الأشراف خلفاً لشقيق الشيخ خليل البكري وغادر عمر مكرم متوجها إلى الشام فور دخول الحملة الفرنسية مصر وذلك استعدادا للثورة .
وتحالف خليل البكرى مع بونابرت فرصته الذهبية لتحقيق الحلم الذى ظل يراوده والحصول على لقب نقيب الأشراف.
فبعد تعيين البكري عضوا في الديوان اتخذ قراراً مفاجئا للغاية بالنسبة للمشايخ حيث توجه إلى نابليون وأخبره بأن نقابة الأشراف اغتصبت من البكرية على يد عمر مكرم
وهو الأحق بها بحكم أنه شقيق النقيب الأسبق فأصدر نابليون قراراً بتعيينه نقيباً للأشراف وما لبث خليل البكري بعد تعيينه إلا أنه أخذ الوقف من النقابة وسكن أفخر المنازل وصار له ود مع الفرنسيين لدرجة أنه كان من أكابر الديوان ويصف الجبرتي حاله بأنه كان وافر الحرمة مسموع الكلمة
مقبول الشفاعة عند الفرنسيين.
فتح بيته لنابليون وجنوده جهز لهم الليالى ليلة تلو الأخرى فيها ما لذ وطاب للنفوس من خمر وسكر ورقص
ووصل الأمر إلى أن خليل خصص غرفة فى منزله لنابليون يمضى فيها لياليه، ووسط كل هؤلاء تقف زينب تشاهد حتى صارت جزءا منها وهو النمط الذى تشاهده يوميا فى بيتها
حدث التحول الكبير فى حياة زينب بعلاقتها الشخصية مع نابليون بونابرت، ولبداية هذه العلاقة روايتان فى التاريخ، الأولى أن زينب هي التي ذهبت إلى بونابرت خلسة فى غرفته بمنزل والدها وكان هذا بعلم والدها الذى طمع فيما هو أكثر من لقب نقيب الأشراف فقد أراد أن يكون صهرا لوالى مصر
معتقدا أن نابليون سيطلب يد ابنته للزواج وبعدها بدأت العلاقة بينهما وصارت عشيقته بينما تقول رواية أخرى للمؤرخ الكبير عبدالرحمن الجبرتى فى كتابه«غرائب الآثار فى التراجم والأخبار»إن الشيخ خليل البكرى قدم زينب بصحبة خمس فتيات مصريات أخريات لنابليون ليختار منهن عشيقة لأنه كان وحيدا
فاختار بونابرت زينب لأنها كانت أطولهم قامة وأكثرهم جمالا وكانت ممشوقة القوام والأهم من ذلك أنها كانت تشبه جوزفين زوجة نابليون التى رفضت القدوم معه إلى مصر وكانت تخونه مع عشيق لها فى فرنسا وكان هذا أيضا بعلم والدها ومباركته والمهم هو أن نهاية الروايتين كانت واحدة
تستمر السنوات القليلة في التقدم وتثور القاهرة على الفرنسيين وعلى الشيخ البكري نفسه حيث هاجمه أناس كثيرون وصفهم الجبرتي بـ “المتهورين من العامة” فنهبوا منزله وهتكوا حرمة منزله وعَرَّوا البكري من ملابسه فضلا عن اعتداءهم على حريمه
وسحبوه بينهم مكشوف الرأس من الأزبكية إلى وكالة ذي الفقار بالجمالية وبها عثمان كتخدا الدولة فشفع فيه الحاضرون وأطلقوه بعد أن أشرف على الهلاك وأخذه الخواجة أحمد بن محرم إلى داره وأسكن روعه وألبسه ثيابًا وأكرمه وبقي بداره إلى أن انقضت أيام الثورة بانتصار الفرنسيين
وعندها ذهب إليهم وشكا لهم ما حل به بسبب موالاته لهم فعرضوا عليه ما نهب ورجع إلى الحالة التي كان عليها معهم وكانت داره أخربها النهابون فسكن ببيت البارودي بباب الخرق ثم انتقل منه إلى بيت عبد الرحمن كتخدا القازدغلي بحارة عابدين وجددها
ويحل شهر أغسطس من عام 1801م ليكون البكري والحملة الفرنسية على موعد مع القدر فالحملة الفرنسية أعلنت رسمياً ترك الديار المصرية وحكمها وتقرر خروج عساكرهم في آخر الشهر حيث قرر الحاكم العثمانى التخلص من كل آثار الاحتلال وأعوانه وبدأوا بزينب عشيقة نابليون
وبدلا من محاكمة والدها خليل البكرى وجد الشعب فى محاكمة الطفلة التى كانت تبلغ وقتها ستة عشر عاما الحل الأسلم فدخلوا بيتها واتهموها بالفسق والخيانة والتحالف مع العدو الفرنسى ولم تكن نذالة والدها أمرا غريبا فى هذا الموقف فقد فدا نفسه بها وأعلن تبرأه منها وأنها مسؤولة عن أفعالها .
وحكم عليها قبل أى أحد قائلا «اقصفوا رقبتها»وهو ماتم بالفعل حيث صدر الحكم بإعدامها وفصل رقبتها وتعليقها على باب القلعة لتكون عبرة للآخرين ونفذ الحكم وأصبحت زينب أول مقصوفة رقبة عرفها التاريخ المصرى وفلت والدها من العقاب وأغمض التاريخ عينه عن كل جرم ارتكبه وظل يلاحق زينب بالعار
أما الشيخ البكري فكان قدره مختلفاً فقد اجتمع ممثل من الدولة العثمانية وواليها على مصر “محمد خسرو باشا” وبعض من المشايخ لمحاكمة الشيخ البكري من منصبه لتهم عديدة كان أخطرها “سفور ابنته التي لم تتجاوز السادسة عشر عاما”
ساق الجبرتي وقائع المحاكمة لزينب حيث قال :_
19-“وفي يوم الثلاثاء رابع عشرينه أي في 24 ربيع الأول سنة 1216هـ الموافق 4 أغسطس سنة1801م طُلِبَت ابنة الشيخ البكري وكانت ممن تبرج مع الفرنسيس بمعينين من طرف الوزير فحضروا إلى دار أمها بالجودرية بعد المغرب وأحضروها ووالدها فسألوها عما كانت تفعله فقالت: إني تبت من ذلك
20-فقالوا لوالدها: ما تقول أنت فقال: أقول إني بريء منها فكسروا رقبتها” وحملت التهم وجود علاقة غير شرعية أقيمت بين زينب ونابليون بسبب قرب أبيها منه ولتبرجها تأثراً بالحملة لأن التبرج لم يكن يستدعي القتل فضلا عن أن المحاكمة في ذلك اليوم كانت للنسوة التي فجرن
21-لم تكن ابنة الشيخ البكري الوحيدة التي جنت العقوبة وإنما الكثير من النساء اللاتي قلدن”نساء الفرنسيس” ومعظمهن من الفاسقات الفاجرات المتهتكات حسب وصف الجبرتي ولم يذكر اسما سوي اثنتين”زينب البكرية و”هوي” ورغم اختلاف قصة السيديتن ولكن جمعهما عصر واحد وربما تنفيذ العقوبة في يوم واحد”مقصوفة الرقبة”
الفتاة التى هزت عرش الصوفية فى مصر
فكانت أول “مقصوفة رقبة” في التاريخ.
وصف يقال على الفتاة التي تتمرد دوماً على العرف والتقاليد وأحياناً تتخلى عن الأدب.
ومقصوفة كلمة عربية لكن معناها في الجملة مضروبة الرقبة أي القتيلة. .