كتبت: إنتصار محفوظ سر حان
أقام قطاع شؤون الإنتاج الثقافى، برئاسة المخرج خالد جلال، ملتقى الهناجر الثقافى الشهرى تحت عنوان مصر.. ومناهضة العنف ضد المرأة ،
ويأتي طرح هذا الموضوع فى إطار حملة الـ16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة، وكذلك بمناسبة حلول اليوم العالمى لحقوق الإنسان،
وقد أدارت النقاش الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مديرة الملتقى ومؤسسته، بمركز الهناجر للفنون بساحة دار الأوبرا المصرية، وذلك بمشاركة كل من:
الدكتورة اقبال السمالوطى، عميدة المعهد العالى للخدمة الاجتماعية سابقًا،
والدكتورة سوزان القلينى، عضوة المجلس القومى للمرأة ورئيسة لجنة الإعلام،
والدكتورة نسرين البغدادى، أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية،
والدكتورة ريهام العاصى رئيسة اتحاد قيادات المرأة العربية (فرع مصر)،
ورئيسة الاتحاد العربى للتنمية المستدامة،
وتخللت المناقشة فقرات غنائية بقيادة المايسترو الدكتور محمد عوض؛ حيث قدم مجموعة من الأغانى الوطنية، بجانب بعض الأغنيات التراثية والعاطفية، بمصاحبة أنغام فرقة صبايا القاهرة؛
وتتألف الفرقة من خمس فتايات موهوبات، أخذن على عاتقهن تقديم أغانى التراث الشعبى والمنوعات بأسلوب عصرى مختلف.
افتتحت الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مديرة ملتقى الهناجر الثقافى ومؤستسه، كلمتها مطالبة الحضور بالوقوف دقيقة حدادًا على روح زميلها بمركز الهناجر (محمد فوزى) ، موضحة أن فعالية اليوم تتزامن مع مُضى اسبوعين، وكان من خيرة الزملاء تميز بحسن خلقه وتفانيه فى العمل،
ثم تابعت مرحبةً بالمشاركين والحضور كافة، مؤكدة سعادتها بهذا الحضور الكبير، الذى يمثل الدعم الأساسى للملتقى، وأشارت إلى امتنانها بهذه النخبة المميزة للمشاركات بهذه الجلسة؛ فكلهن استطعن تمثيل المرأة المصرية خير تمثيل،
وقالت إن المرأة هى المحرك الرئيسي والاساسي في المجتمع ولها دور ايجابي وفعال على مر العصور .ثم تحدثت عن إحدى دراسات التى أجريت بغرض التقييم العقلى والنفسى للمرأة، أفضت إلى أن المرأة أكثر تحضرًا وإنسانية من الرجل؛ فهكذا خلقها الله سبحانه وتعالى، وخصها بتلك المميزات حتى تستطيع أن تعتنى وتهتم بهذا الكائن البشرى الذى تحمله فى بطنها تسعة أشهر وتتبابع تفاصيله حتى يكبر ، ولنا فى الحكم والأقوال المأثورة عبرة، فتقول إحدى الحكم البديعة فى هذا الصدد:
“يظل الرجل طفلا حتى تموت أمه فإذا ماتت شاخ فجأة!”، وأوضحت أن بنات حواء يشتركن مع الرجل فى انطباق هذه الحكمه عليهن فيما يخص قيمة الأم اللا محدودة،
ولنا أيضًا عبرة فى أشعار أمير شعراء فلسطين، الشاعر الكبير محمود درويش حينما قال:
أحنُّ إلى خبز أُمى
وقهوةِ أُمى
ولمسةِ أمى….
وتكبرُ فىَّ الطفولةُ
يوماً على صدر يومِ
وأعشق عمرى لأنى
إذا مُتُّ ،
أخجل من دمع أُمى!
كما يقول أيضًا محمود درويش فى قصيدة أخرى كتبها على لسان امرأة:
أنا لا أكرهُ الناسَ
ولا أسطو على أحدٍ
ولكنّى.. إذا ما جعتُ
آكلُ لحمَ مغتصبًا
حذارِ.. حذارِ.. من جوعى
ومن غضبى!
وتابعت الدكتورة ناهد عبد الحميد كلمتها حول المرأة، مستشهدة بعبارة رائد تحرير المرأة قاسم أمين، التى وردت فى كتابه (تحرير المرأة) الذى أكمل كتابته القرن الماضى عام 1938م، حينما قال: “إذا تحررت المرأة ستُحرك المجتمع إلى الأمام؛
فارتقاء المرأة هو السبيل الوحيد لتقدم ورقى أى مجتمع.”، كما قال كذلك عن المرأة: “إذا أردت أن أتخيل السعادة، تخيلتها فى صورة امرأة تحمل عقل وفكر مستنير.”،
وواصلت مؤكدة أن الرائد قاسم أمين لم يطالب بتعليم المرأة وإقامة تشريعات تكفل لها حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية متحيزا فقط لكونها امرأة، بل لكونها فى الأساس إنسان، تحمل عقل وفكر يجب أن يحترم، كما تناولت الدكتورة ناهد عبد الحميد فى ذات الإطار أحد أقوال أستاذ الأجيال أحمد لطفى السيد، ألا وهو: “إن تعليم وتربية الإناث أكثر نفعًا للمجتمع من تربية الذكور.”،
واستشهدت بالبيت الشعرى الشهير لشاعر النيل حافظ إبراهيم، الذى يقول: الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتهَا أعددتَ شعبا طيِّبَ الأعراق ِوفي مختتم كلمتها أكدت الدكتورة ناهد عبد الحميد أن مكانة المرأة ووضعها فى أى مجتمع، تظل أهم مؤشرات تقدم ورقى هذا المجتمع.
عقب هذا جاء الفن؛ فقدم المايسترو المبدع محمد عوض، ثنائى فرقة (صبايا) صاحبتى الصوت العذب، ميرنا شلبى ونسمة سيد، وأنشدت كلتاهما معًا أغنيات: (ألو ألو إحنا هنا – للفنانة شادية) و(جابلك إيه يا صبية – للفنانة عايدة الشاعر)، (قالو الست هتفضل زى ما هيه – للفنانة نجاة الصغيرة)
واختتمت الفقرة الفنية الافتتاحية بأغنية: (صبرى عليك طال – الفنانة رجاء بلمليح)، قدمتها الفنانة نسمة سيد.ثم
تحدثت الدكتورة اقبال السمالوطى مؤكدة أن المجتمع يشهد حالة من العنف بشكل عام، وذلك يشتمل على العنف ضد المرأة بطبيعة الحال،
وهنا يجب تنمية العام للأسرة، حتى نحد من العنف المجتمعى عمومًا والعنف ضد المرأة على وجه الخصوص، وهذا الأمر يحتاج للتطبيق عبر محاور مختلفة، منها المسرح التفاعلى والرياضة، فضلًا عن العلاج بالفن والحكى وتكثيف عقد اللقاءات والندوات التوعوية،
وأشارت إلى أن العنف ضد المرأة لا يتسبب فيه الرجل دائمًا؛ فإنه يشتمل كذلك على عنف المرأة ضد المرأة، ولا يقصد به بالضرورة الألم المادى الناتج عن ضربها، بل له جانب أخطر وهو العنف النفسى،
وهنا تكمن أهمية التنشأة الاجتماعية السليمة.فيما أوضحت الدكتورة سوزان القلينى، أن الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة سنويًا، خلال ستة عشرة يوم بداية من 25 نوفمبر : 10 ديسمبر، تعود إلى قصة قديمة؛ بدأت أحداثها بمقتل الأخوات “ميرابال” يوم 25 نوفمبر 1960م؛
وتعرضن للقتل بكل وحشية آنذاك فى جمهورية الدومينيكان، بأوامر من حاكمها لمعارضاتهن السياسية لنظامه، الذى فرض سيطرته المطلقة على البلاد، وبعد انهيار نظامه، كرمت ذكرى الأخوات “ميرابال”،
وقامت أختهن الرابعة المتبقية على قيد الحياة “ديدى” بتحويل المنزل الذى ولدن به لمتحف، ضم مقتنياتهن فأصبحن الأخوات “ميرابال” رمزًا للمقاومة والنضال فى مواجهة العنف ضد النساء، وقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1999م تخليد ذكراهن بالاحتفال سنويًا باليوم الدولى للقضاء على العنف ضد المرأة، بالتزامن مع يوم رحيلهن، كما خصص هيئة الأمم المتحدة للمرأة يوم 25 من كل شهر، لارتداء ملابس برتقالية اللون بوصفه رمزًا لاشراق الشمس مجددًا، منذ بدء الحملة التى أطلقتها الأمم المتحدة عام 2009 لتعبئة المجتمع المدنى والناشطين والحكومات لمناهضة العنف ضد المرأة.
تحدثت الدكتورة نسرين البغدادى محذرة من استمرار التمييز ضد الإناث، حيث أن الذكور والإناث يتعاون كلاهما فى بناء المجتمع المصرى، وأكدت على ضرورة تكافؤ جميع الحقوق لكل الأبناء ذكورًا أو إناثًا وعدم التمييز بينهم وفقًا إلى جنسهم فى التربية والتعليم والصحة، واختتمت مؤكدة أن هذه الأمور مازلت تحدث فى مجتمعنا، خاصة فى القرى المصرية.
اختتمت الحديث الدكتورة ريهام العاصى، مشيرة إلى أن الزواج المبكر يمثل أحد أبشع أوجه العنف ضد المرأة، واستطردت تروى حالة فتاة أجبرها الوالد على الزواج المبكر فى عمر السادسة عشرة؛ فتوفى زوجها بعد إنجابها ولم تستطع تقييده بطبيعة الحال كون زواجها لم يكن رسميًا تفاديًا لصغر سنها، فلا شك أنه مأسآة تتم تحت غطاء كلمات مستفزة يجب أن يلفظها مجتمعنا، مثل أن الزواج للمرأة “سترة”، وكأنها عار يجب التستر عليه سريعًا! وفى نهاية كلمتها أشادت بدعم الرئيس عبد الفتاح السيسى للمرأة؛ حيث خصص نسبة 25% من مقاعد البرلمان لها، لافتة إلى أنه مكتسب رائع للمرأة المصرية.