بقلم : عبدالهادي سمير البحيصي
منذ القدم ونحن نسمع بدولة غزة وبمخططات فصلها عن الوطن فلسطين ، أن فكرة دولة غزة تجسدت حينما شعرت اسرائيل بالخطر الديمغرافي في فلسطين وأن هذا الأمر يعني تهديد وجود اسرائيل ‘ غزة تلك المنطقة ذات الكثافة السكانية العالية ذو الموارد القليلة ذات الحمولة الزائدة على اسرائيل التي خرجت منها لجعلها منطقة محاصرة جغرافياً واقتصادياً ،
وفي ظل السنوات السابقة كثفت اسرائيل حملاتها الاستيطانية على الضفة الغربية لتقطيعها إلى مناطق صغيرة مترابطة بشوارع ضيقة تتحكم في أمنها اسرائيل ، وأن الهدف الأساسي من هذا هو ضياع حلم الدولة لدى الفلسطينيين وما اكتملت هذه المؤامرة حتى تراود إلى مسامعنا دولة غزة ، ودعمها اقتصادياً من دول متوافقة على هذا المشروع المهين وأن هناك من يريد الخلاص مما يحل بغزة من مصائب وحصار طاغي تفرضه القوى الاستعمارية ، وقبول ما تريده إسرائيل كمشروع دولة لها حدود وفي الأغلب ما هو إلا تدابير لتخفيف الحصار عن القطاع
وكثير من المبادرات طرحت في هذا الموضوع منذ عام 1949 منها مبادرة غزة عام 1949 والتي طرحت من الولايات المتحدة الأمريكية بالتوافق مع بريطانيا ، ومبادرة التوطين عام 1952 التي طرحت على الرئيس جمال عبدالناصر من وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين وأجهضت هذه المؤامرة ، ومشروع جونسون الذي يهدف إلى إعمار شمال سيناء وتوطين اللاجئين الفلسطينيين هناك ، ومبادرة إيجال آلون 1967 ومشروع شارون1971 وخطة غيورا إيلاند ومبادرة نتانياهو 2010 والتي رفضها الرئيس الراحل حسني مبارك ،
إذن فمؤامرة دولة غزة قديمة وليست بالجديدة وهذا المشروع الخطير الذي يفصل غزة عن جذور فلسطين وينهي هويتها الفلسطينية يعني نهاية المشروع الوطني الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة ، يجب أن تدرك القيادة الفلسطينية حجم المؤامرة التي تحاك ويجب أن يدرك طرفي الانقسام الفلسطيني الذي إذا أستمر على هذا المنوال لن يتم تحقيق آمال الشعب الفلسطيني
وسوف يضيع تاريخ الالاف من الشهداء وصمود الشعب الفلسطيني على مدار التاريخ الحديث ، يجب أن تعمل القيادة الفلسطينية على دعم صمود أبناء شعبها معنوياً ومادياً وأنهاء ملف الانقسام الفلسطيني في ظل الخيارات المعقدة لدى اسرائيل والمتعارضة إذ حين أنها تعتبر غزة بعد أمني لها وفي حين أخر تعتبر أن غزة خارج الحسبة الدينية اليهودية ،
ويجب مواجهة الاستيطان اليهودي الذي ينهك الأرض في الضفة الغربية بكافة الوسائل المتاحة ، ويجب الحفاظ على الأمن المجتمعي الفلسطيني ، ويجب أنصاف أبناء الشعب الفلسطيني في غزة الصامدون والمنهكون في نفس الوقت من الحصار الظالم والذين يتصدون لمؤامرة اخراج غزة من الجغرافيا الفلسطينية ،
أن غزة التي تعتبر خزان الثورة الفلسطينية والتي خرج منها معظم قيادات الشعب الفلسطيني في حركة التحرر الوطنية ترفض أن تكون دولة وحدها بل متكاملة مع الضفة الغربية تشكلان وحدة الأرض والدم والقضية والحدود لإقامة حلم الدولة ، أن غزة التي أبت يوماً أن تجرحَ كرامة فلسطين والتي دافعت في الميادين عن القرار الفلسطيني والشرعية الوطنية الفلسطينية يجب أن تنصف بعيداً عن الانقسام والحسابات الغير مجدية ،
لنقف سوياً تحت سقفً واحد مدافعين عن الحقوق التاريخية والدينية والوطنية ، وأن من يفكر في اسرائيل أن مصر سوف تقتطع من أراضيها لأجل مشروع دولة غزة فهو واهم فالشعب الفلسطيني على ثقة بأن مصر التي واجهت الاستعمار والطغاة لن تكون أداة وصاحبة مشروع معارض للحق الفلسطيني ،
نحن على ثقة أن الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) يواجه هذه المؤامرة بحكمة ويجب عليه أن ينقذ أبناء غزة من تداعيات الانقسام الفلسطيني المشؤوم ، لأنه لا دولة دون غزة ولا دولة دون الضفة فالشعب الفلسطيني مر بكثير من المؤامرات والمشاريع المشبوهة ولم يقبل بها ولن يقبل أن يتنازل .