بقلم عبير مدين
وقف هشام على رصيف المحطة ينظر بقلق لرباب التي وقفت شاردة تنظر للقطار القادم سريعا و قائده الغير منتبه لهذه الواقفة فنظره معلق بكشك ناظر المحطة والقطار في رحلة دخول تقليدية لهذه المحطة الهادئة اعتصر القلق قلب هشام ترى هل أقدمت تلك الفتاة على الانتحار ؟ أم أنها غير مدركة خطورة هذا المكان الذي تقف فيه وجد نفسه بلا شعور يلقي حقيبته أرضا ويجري وهو يصرخ انتبهي يا هناء ثم احتضنها والقي جسديهما على بعد سنتيمترات قليلة من تلك العجلات الحديدية التي عبرت على ظلالهما الممددة على القضبان بلا مبالاة
تنبهت فجأة رباب أنها في أحضان هذا الشاب الذي أنقذ حياتها بأعجوبة وانها مدينة له بكلمة اعتذار لكنه لم ينتظر فأزاحها جانبا وهب واقفا ينفض التراب عن ملابسه ويجري بأقصى سرعة دون أن يتفوه بكلمة يلتقط حقيبته ويقفز داخل القطار الذي كان مغادرا المحطة في تلك اللحظة
وقفت رباب تنتفض من الصدمة و الفزع فلولا هذا الشاب الذي لا تعرفه لكانت مجرد أشلاء ألان نظرت للقطار الذي غادر وهي مذهولة غير مصدقة ما حدث لم ينتبه احد لما حدث غير راكب واحد في القطار كان ينظر من نافذة إحدى عربات القطار كاد أن يموت رعبا وهو يتخيل عجلات القطار تمزق هذا الجسد القي عليها نظرة أخيرة قبل أن يسرع الخطى العربة الأخيرة حيث القي هشام جسده المنهك على احد المقاعد ثم دفن وجهه بيده واستغل وجوده في تلك العربة بمفرده وانفجر في البكاء كان يمكن أن يموت منذ لحظات وهو يحاول إنقاذ تلك الفتاة التي أثارت داخله ذكرى أليمة ذكرى موت حبيبته هناء التي رمت نفسها يوما تحت عجلات هذا القطار هروبا من الزواج بغيره . كان يستحيل أن يتقدم لخطبتها وهو مازال طالب بالجامعة حاولت الرفض والوقوف ضد رغبة أهلها دون جدوى عليها أن تتزوج بنفس الطريقة التي اغتالت أحلام كثيرات غيرها فما كان منها إلا أن أسرعت صباح يوم زفافها لتلقي نفسها في أحضان هذا القطار الذي وجدت في جسده الحديدي لين لم تجده في قلوب أهلها الذين لم يرحموا دموع قلبها الصغير ترك القطار لهم لحم و عظام بلا بلامح وحرر روحها المعذبة السجينة في سجن العادات و التقاليد إلى أفاق الرحمة . انتفض هشام حين شعر بيد تلامس كتفه ويد اخرى تبعد يديه عن وجهه ووجه غريب ينظر له بشبح ابتسامة لعلها تهون عليه اثر الصدمة