بقلم / محمد خضر
تعتبر ظاهرة الانحلال الأخلاقي ظاهرة خطيرة جدا وخاصة في السنوات الأخيرة وتكمن خطورتها في انها تُلقي بظلالها على كل الأفراد وعلى المجتمع وعلى الدولة . ما معنى الإنحلال والفساد الأخلاقي ؟
هو ببساطة شديدة فقدان بعض الشباب والشابات جوهر القيم والمبادئ الاخلاقية الاسلامية وقيامهم بكل ما يتنافى مع الآداب العامة والإسلامية خاصة . والجدير بالذكر ان الكثير من شبابنا وشاباتنا واعون ومدركون لخطورة هذه الظاهرة المقيتة ولا ينطبق عليهم تعريف الانحلال والفساد الأخلاقي لأنهم ملتزمون بالقيم والسلوكيات
القويمة .والسؤال الذي يطرح نفسه هو : ما هي أسباب هذا الانحطاط السلوكي ؟
لم ينتج هذا التدهور الأخلاقي من فراغ بل له أسباب متنوعة وأهمها :
سوء التربية الأسرية للأبناء والمقصود بالتربية الاسلامية التي تنبع من ديننا الحنيف الوسطي وتبتعد كثيرا عن مبادئ الاسلام وتعاليمه السمحة . الأبناء مثل البراعم الصغيرة يلزمها الهداية والعناية منذ نعومة أظفارهم وتطوير مفهوم القيم الاسلامية بما يتناسب مع أعمار هؤلاء الأبناء .فمثلا حض وتشجيع الابناء على إحترام الجيران ومساعدتهم وخدمتهم اذا لزم الأمر. وتعويد الأبناء على قول الصدق منذ الصغر إفهامهم ان الصدق سمة من سمات الانسان المسلم المهذب والخلوق وإنماء هذه الصفة الطيبة في عقولهم . وليكن الأبوان هما الملهمان للأبناء في قول الحقيقة والصدق حتى ولو كان على أنفسهم .
غياب القدوة الحسنة داخل الاسرة . يجب على الأبوين ان يكونا مثالا للقدوة الحسنة وحث الأبناء الأكبر سنا على ان يكونوا قدوة لمن هم اصغر سنا داخل الأسرة الواحدة. الصغار من الأطفال يميلون الى تقليد احد الوالدين او الأخ الأكبر او الأخت الكبرى فإن لم يكن الآباء والامهات قدوة حسنة احدهما او كليهما فسوء الأخلاق يثبت في عقول وسلوكيات الأبناء .
غياب قانون الثواب والعقاب داخل الاسرة . المفروض ان يُثاب الأبناء على السلوكيات الحسنة ويعاقبوا على السلوكيات السيئة اما الإهمال في هذا القانون الأُسَري سوف يدفع الابناء لتقليد سلوكيات اخلاقية غير مثمرة وغير مرغوبة .
تجتمع الأسرة على مائدة الطعام ثم يأوي كل الى وكره مما يُغيب لغة الحوار الاسري والإرشاد والنصح وتقديم المشورة في مشاكل الأبناء . الكثير من الآباء يتعاملون مع الأبناء بالصراخ والنقاش الحاد المخيف مما يجعل الأبناء احيانا يتصرفون على طريقتهم الخاطئة والخاصة بهم على اعتبار ان الآباء والامهات غير جديرين بعرض مشكلة ما عليهم .ومن البديهي ان المشاكل الأخلاقية متوفرة في الشارع وفي المدارس والجامعات !!
التطور التكنولوجي الهائل الذي خلق للشباب والشابات متاهات كثيرة وعندما يتعمقون فيها يزدادون ضياعا وخسرانا مبينا . الشبكة العنكبوتية ( الانترنت ) عالم ملئ بالمغريات والمتاهات التي حتى تُفسد البالغين . ومن أخطر مظاهر التطور التكنولوجي المحطات الفضائية التي لا تحترم دين ولا أعراف وتُفسد من يشاهدها ويداوم على مشاهدتها .
المداخيل المادية المتدنية لملايين الأسر التي يهرب شبابهامن سوء الحالة المادية ليرتكبوا أخطاء قاتلة مميتة مثل تعاطي المخدرات او بيعها او حتى السطو على محلات تجارية مشهورة .
إن تنشئة الأجيال ليس عبأ فقط على الاسرة ، بل ايضا على المناهج التعليمية التي يجب ان تزرع الأخلاق والمثل الاسلامية في الابناء . ان التنشئة الاخلاقية السليمة ليست منوطة بمدرس التربية الاسلامية، بل يجب ان يلاحظ جميع المدرسين سلوكيات الطلبة في كل زاوية من المدرسة ليكافئ الطالب حسن الأخلاق ويعاقب سئ الأخلاق . اما ترك الحبل على الغارب وغض الطرف عن السلوك المشين يزيد من الفشل الدراسي والاخلاقي والتربوي للطلبة الذين هم عماد أوطانهم في المستقبل .
ثم يأتي السؤال الصعب الا وهو……
ما الحل ؟
الحل يبدأ من الأسرة التي عليها واجب التركيز على التوجيه والإرشاد وتقديم النصح وتبيان الصحيح والخطأ بدون الصراخ والعويل بل عبر الحوار الهادئ المتزن والهادف.
كما يجب على الآباء والامهات ان يراقبوا الابناء بحذر لكي يعرفوا ما يشاهد الابناء على التلفاز وعلى وسائل التواصل الاجتماعي المتوفرة لدى الاسرة .
أما الثقة المطلقة في إستقامة الابناء فهذا خطأ فادح !! ويجب ان لا نغفل عن دور الاسرة التعليمية لمراقبة إنحراف السلوكيات في المدارس في جميع مراحلها وحتى الجامعات . بودّي أن اقدم احصائية حقيقية عن الزواج العرفي الذي غزا الجامعات . اعتقد ان الرقم مخيف ! يعمل القائمون على التعليم بحشو ادمغة الطلبة بالمعلومات لاجتياز الاختبارات ، ولكن لماذا لا يحشون أدمغتهم بأنماط السلوكيات المرغوبة والهادفة والمحبوبة ؟ ومن أهم الركائز لتقويم السلوكيات للشبان والشابات دور الاعلام الذي يجب ان يلعب دورا هاماً وحاسما في رفع مستويات السلوك القويم . يجب على المحطات الفضائية والصحافة ان يتعاملا بجدية مع الفساد الاخلاقي والسلوكي وعدم التستر على من يتسببوا في افساد المجتمع . على القنوات الفضائية ان تقدم برامج هادفة ومركزة على حسن الخلق والتربية الصالحة والقدوة الحسنة