بقلم : زياد سالم
يعيش الشعب اللبناني ظروفًا عصيبة في الآونة الأخيرة حيث أنه في موقف لا يُحسد عليه إطلاقًا بناءً علي ما تمر به البلاد.
مشاكل وأزمات وقعت كالصاعقة علي أفراد الشعب اللبناني الحبيب لدرجة ان توقعات أفضل المتفائلين لا يتوقعون سبيلاً لنهوض الدولة سواء في الوقت الحالي أو حتي مستقبلاً.
بدأت الأزمة منذ العام الماضي عندما فقد الاقتصاد اللبناني قوته مقارنةً باقتصاديات الدول الأخري وخاصةً عندما انهارت الليرة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي ومنذ ذلك الحين دخلت الدولة في حالة من الفوضي والإنهيار وتصاعدت دعوات الملايين من أجل الشعب اللبناني.
حتي الآن لم يتوقف الخبراء علي الأسباب الحقيقة لهذا الإنهيار المفاجئ، أهو بسبب فساد الطبقة الحاكمة وإهمال القطاعات الإنتاجية في الدولة ؟ أم بسبب غياب إستراتيچية قوية تستطيع النهوض باقتصاد البلاد في مختلف المجالات.
الاقتصاد اللبناني الذي يعتمد في الأساس علي قطاعات مثل الخدمات، الصناعة، الزراعة بنسب 83%، 13,7%، 3,9% علي الترتيب.
ينال قطاع الخدمات النسبة الأكبر من اقتصاد البلاد ولكن من أين تأتي الخدمات سواء صادرات أو واردات الدولة في ظل إنهيار عملة الدولة أمام الدولار الأمريكي حيث بلغ سعر صرف الليرة اللبنانية إلي أكثر من 9000 مقابل الدولار بينما السعر الرسمي هو 1500.
بالطبع لن تنجو العملة أيضًا من أشباح السوق السوداء حيث بلغ مبيع الدولار 5000 ليرة بينما الشراء وصل إلي 4800.
ذلك وبالإضافة إلي نسبة ديون البلاد إلي الناتج المحلي الإجمالي التي وصلت إلي 152%، ونسبة الدين العام الذي وصل إلي 86,57 مليار دولار ونسبة الدين العام التي وصلت بالليرة اللبنانية إلي 63,35% من إجمالي الدين العام، مما جعل لبنان تقع في المركز الثالث بين الدول الأكثر مديونية في العالم بعد اليابان واليونان.
بالطبع لم تستطع السلطات المسؤولة في لبنان السيطرة علي الوضع المنهار في البلاد مما جعل حالة من الإضطراب والفوضي تسيطر علي جميع المؤسسات وتتوالي الإستقالات بدايةً من رئيس الحكومة سعد الحريري الذي رأي أنه لا يوجد حلول مطروحة حتي الآن لإنقاذ الأزمة ومن بعده إستقالة وزير الخارجية.
عاش الشعب اللبناني أوقاتًا عصيبة خصوصًا مع إنهيار كافة الخدمات التي كان يأمل أن توفر له سبل المعيشة الضرورية مروراً بإنهيار نظام الطاقة والإنقطاع المستمر للكهرباء في البلاد حيث بلغ عجز إجمالي الكهرباء المتراكم 36 مليار دولار في 26 عام.
وبما أن المصائب لا تأتي فرادًا، شهدت العاصمة بيروت انفجارين هائلين في مرفأ بيروت في شهر يوليو الماضي مما خلفه من أضرار جسيمة وخسائر بشرية وصلت إلي أكثر من 50 قتيلاً و 2700 مصاباً بحسب وزارة الصحة اللبنانية، بالإضافة إلي فقدان لبنان نصف مخزونها من القمح الذي فُقد جرار هذا الإنهيار مما جعل بعض الخبراء يتوقعون ان البلاد ستدخل في حالة من المجاعة عاجلاً غير آجلاً خصوصًا بعد فشل وتعثر جميع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي طلب تقريراً شاملاً عن حاله الاقتصاد في البلاد وأبرز التوقعات المستقبلية للأزمة ولكن لم تستطع السلطات التوقف حتي الآن علي الأسباب الأساسية مما جعل دعم الصندوق يتوقف في الوقت الحالي بعد ان طلبت لبنان دعم قيمته 10 مليار دولار لمعالجة الأزمة حيث ان صندوق النقد الدولي لن يُعالج أزمة مُبهمة الملامح ولا يوجد لها سيناريوهات متوقعة لنهوض البلاد مستقبلاً.
خصوصًا ان معدلات التضخم في البلاد وصلت إلي أكبر معدل لها منذ سنوات الحرب حيث وصلت عن ما يزيد عن 500 بالمائة علي أساس سنوي و 124 بالمائة مقارنةً بشهر يونيو الماضي.
بالطبع أزمة من أصعب الأزمات التي واجهت دولة علي مستوي الشرق الأوسط خصوصًا وان الحلول مفقودة في الوقت الحالي، علي الرغم من وضع خطة للإصلاح الاقتصادي في لبنان من قبل بعض الخبراء بناءً علي توقعات مستقبلية لعدة اتجاهات أبرزها عجز الموازنة العامة المتوقع ان يصل إلي 5.3 بنهاية العام الجاري، وان يصل الدين العام من الناتج المحلي إلي 99% بحلول عام 2024 مقارنة بنسبة 157% العام الجاري.
ولكن هذه التوقعات مازالت نظرية غير مطبقة علي أرض الواقع بسبب فقدان الحلول والدعم المادي سواء من الدول المجاورة أو من المنظمات الدولية.
ولكننا نعلم جيدًا ان لكل مشكلة حل وان لكل بداية نهاية حيث يجب علي السلطات والهيئات المسؤولة في البلاد ان تتخذ قرارًا حاسمًا ورادعًا من أجل الوقوف علي الأسباب الحقيقية لهذا الإنهيار ومن ثم النهوض مرة أخري بالاقتصاد اللبناني ومن بعدها تستطيع الدولة النهوض ببعض قطاعاتها ومؤسساتها وإسترداد قيمتها مرة أخرى.
ولكن من وجهه نظرك عزيزي القارئ : تُري ما هو السبب الرئيسي لنشأة الأزمة اللبنانية ؟ هل هو فساد الطبقة الحاكمة وإهمال القطاعات الإنتاجية بالدولة ؟ أم يوجد سبب غامض لم يُكشف عنه حتي الآن ؟