الوعي ثم الوعي … معركتنا القادمة
بقلم اللواء دكتور/ سمير فرج
مقالي الأسبوعي في جريدة أخبار اليوم السبت 18 يناير 2025.
تُنسب الحروب التي مر بها التاريخ البشري إلى أجيال، بدأها العالم بما يُعرف بحروب الجيل الأول
وهي الحروب التي استُخدم فيها الرمح والسيف والعجلات الحربية، كما نراها محفورة على جدران المعابد الفرعونية لأقدم جيوش التاريخ
وهو الجيش المصري. أما حروب الجيل الثاني فبدأت مع اخترع الصينيون للبارود
الذي استخدمه نابليون في حروبه بالمدفع والبندقية
بينما تؤرخ حروب الجيل الثالث باندلاع الحرب العالمية الأولى
عندما تم اختراع الدبابة والطائرة والغواصة إلى آخره.
أما اليوم فيعيش العالم حقبة حروب الجيل الرابع والخامس التي تدرس بكليات الدفاع في دول حلف الناتو،
وكانت هزيمة مصر في حرب الأيام الستة في عام 67 أمام إسرائيل هي المدخل الرئيسي لتعريفها
من خلال الإجابة عن سؤال إن كانت مصر قد سقطت بعد تلك الهزيمة
إذ ثبت أن مساندة الشعب المصري لقواته المسلحة، كان السبب وراء الحفاظ على الدولة ومقوماتها.
ومن هنا جاءت فكرة حروب الجيل الرابع، التي تركز على إسقاط الشعوب أولاً، لضمان سقوط الدول.
ومن خلال ذلك وضعت منهجية إسقاط الشعوب التي ترتكز على عدة عوامل، أهمها الحروب النفسية
التي تتخذ من الإشاعات والأخبار الكاذبة والمخدرات والإرهاب، أدوات لها، وهو ما يتم باستخدام وسائل ومنصات “التواصل الاجتماعي”
المعروفة باسم “السوشيال ميديا”، من خلال ما يعرف بالكتائب الإلكترونية، وهو إنشاء أعداد غفيرة من الحسابات على تلك المنصات
لتجميع أكبر عدد من المتابعين عليها، في موضوع معين، وليكن لتشجيع أحد الأندية الرياضية
أو دعم أحد الشخصيات أو لعرض اتجاهات الأزياء، أو الأكلات، أو الأمور الدينية، بما يضمن مخاطبة كافة فئات الشعب من الشباب والسيدات وغيرهم.
وبعد متابعة تلك الصفحات والحسابات من عدد كبير من فئات الشعب، بما يضمن شهرتها وإذاعة صيتها
يتم استخدام محتواها لبث أخبار معينة، أو بالأحرى إشاعات الغرض منها إحداث بلبة وتوجيه فئات المجتمع لتداولها وتصديقها.
ولا أتصور وسيلة للتصدي لحروب الجيل الرابع والخامس إلا بالوعي، ثم الوعي، ثم الوعي، فلابد من نشر الوعي بين كل فئات الشعب عما تتعرض له دولهم من أخطار
في تلك المعارك الحديثة، التي يتم استخدامهم فيها كمعاول هدم. ولن يتحقق ذلك الوعي إلا بتكاتف المؤسسات الدراسية من مدارس، ومعاهد، وجامعات
ومعهم دور العبادة، ومراكز الشباب والنوادي الرياضية والاجتماعية،
تساندهم جميعاً مختلف وسائل الإعلام، نحو هدف واحد وهو توعية المواطنين، حتى لا تسقط دولهم بأيديهم.