اثر التصوف علي الحياة السياسية في مصر من القرن3 الي القرن 7 الهجري
(9) الصوفية في القرن الرابع الهجري…
دكتور/ كمال الدين النعناعي
علي كل فان جماعة الصوفية لم تكن أحسن حالا في أمورهم الحياتية خلال تلك الفترة وهو أمر نشأ عنه أقوال وتعاليم أفصحت عن موقفهم تجاه العلاقات الاجتماعية بنمطها السلبي الجاري بين الأغنياء والفقراء؟ فحرموا علي أنفسهم مداهنة الأغنياء. كما حظي بالتقدير كل غني لم يعامل أحد أفراد طبقة الصوفية الفقراء كمواطن مهمل فحفظ حرمته وكرامته علي حد تعبيرالصوفي الشهير أبو عبد الله المغربي..
وفي مطلع القرن الرابع الهجري كان شعار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مازال قائما وهو المعول عليه في بيان مكانة شيوخهم. فعلي سبيل المثال كان من جملة ما ينعت به الصوفي ( بنان بن محمد الحمال) أنه من جلة المشايخ والقائلين بالحق والأمر بالمعروف) وهذا الصوفي أيضا كان ممن قبض عليهم أيام وتعرضوا للقهر أيام حكم بن طولون.
علي ان الروابط الأخوية بين أتباع هذه الطائفة ظلت متينة حيث يلتزم الأتباع بالتواصي بالتزام الحق والتزام الصبر وهما من روابط الصحبة التي دعي اليها الصوفي الشهير ( أبو الحسن الصائغ الدينوري) المتوفي 330 هجرية وجاءت تعاليمه في سياق الخلاف الذي نشأ بين سلطة الدولة ونفوذ هؤلاء الصوفية في أمور الحياة ذات الصلة بالدين… ولذلك نجد الطائفة الصوفية التي نشأت مبادئها حول الكتاب والسنة، وتناقش موضوعات ( الايمان) و( الاعتقاد) لها محاورات حول العلاقة بين المستويات الاجتماعية الأعلي والأدني… ويمكن ان نعتبر الاعلان الصادر عن( ابي علي الروزباري) هو اعلان سلوكي سياسي في أطار تصحيح العلاقة بين المستويات الاجتماعية فيقول ( الصول علي من دونك ضعف وعلي من فوقك قحة..)
بالطبع شهد القرن الرابع الهجري نقلة أخري في مسار التاريخ السياسي في مصر فقد تشعب في ٱتجاهين… كان ألأول يتمثل في النظر في أمر المذهب الشيعي بعد ان كان السائد في مصر سنيا اما الآخر فكان يتمثل في أمتداد الاهتمام بالثغور خارج مصر والسعي نحو ٱمدادها لتصمد امام المناوشات والعمليات العسكرية المعادية ففي التصوف ( الفتوة) ومن معانيها ان يكون المسلم مستعدا اذا ٱقبل السائل ولا يحتجب من القاصد ولا يدخر. .. ولا يعتذر….
هذا الموقف السياسي قد حدث بفعل أضافات صنعها المناخ السياسي.. ففي هذه الفترة التاريخية أعتلت،الأسرة المقدونية عرش بيزنطة سنة867 ميلادية وشهدت بلادهم نهضة شاملة بسبب كفاءة الأباطرة سياسيا وإداريا وعسكريا.. وهم الذين سعوا لفرض نفوذ بيزنطة علي الشرق خاصة في عهد الامبراطور نقفور فوكاس وخلفه الامبراطور يوحنا تزيمسكس فقد كان من أهدافهم الهجوم علي الشرق الأدنى الذي قال عنه المؤرخون بأنه من مقدمات العدوان الاوروبي الصليبي علي المنطقة نظرا لما أبداه الأباطرة من تعصب ديني كما نعلم