ما يرسم شخصية الفرد ويصنعه
بقلم: عمر الشريف
يعيش الإنسان حياته بطريقة تتوافق مع الظروف المعيشية والعادات والتقاليد السائدة في المجتمع، فهناك أمور اعتدنا على وجودها بشكلٍ أو بآخر، رغم قِدمها وغرابة بعضها وجهلنا بمدى حاجتنا لوجود بعضها وصعوبة الاستغناء عنها لفقدانها أي تأثير ايجابي في الحياة، وعرقلة بعضها لمسار تطوير المفاهيم الحديثة.
فامتلاك الإنسان للسعادة والوصول إليها لا يمكن أن يأتي من خلال الحظ والمصادفة، فالسعادة مرتبطة بشكل أساسي بالقرارات التي نتخذها وبالعادات اليومية التي نمارسها في حياتنا، ومن الغريب أننا قد نقع فريسة للكثير من العادات السيئة التي تٌضيع علينا هدوء حياتنا وتتسبب لنا بالشعور بالقلق والخوف الدائم، مما يفوت علينا فرص السعادة الكثيرة التي قد تكون حولنا ولا نشعر بها لأننا فقدنا الإحساس بالاستقرار والسيطرة على ما يدور من حولنا.
فالعادات والتقاليد جزء لا يتجزأ من الحياة، ولا يقتصر الموضوع على مجموعة من الأمور، فمازلنا نتعامل معها أو نستذكرها، ولكنها تتعلق أحياناً بعمق التاريخ العريق للوطن بأكمله، ففي كل منطقة تتجلى العادات والتقاليد المحلية التي يصعب التخلي عنها، لسهولة السير مع التيار، أو لأن التغيير قد يُعرضنا للاستهزاء، وتشويه السُمعة، وربما أكثر من ذلك.
فالعادات هي مجموعة أمور اعتدنا على القيام بها منذ الصغر، أما التقاليد فهي موروثات ورثناها عن الآباء والأجداد، تؤثر في نشأة الإنسان كركائز أساسية في التكوين العقلي والنفسي.
وقبل كل شيء علينا أن ندرك تماماً أن العادات التي نمارسها بشكل يومي ليست بالضرورة قدراً لازماً وقضاءً مبرماً، فعاداتنا نحن من نصنعها في البداية بإرادتنا ونتحكم بها، ثم تتجذر فينا مع مرور الزمن، وتصبح هذه العادات هي التي تتحكم بنا وتؤثر بنا بشكل لا إرادي.
وتغيير العادات قد يكون صعباً ولكنه من المؤكد أنه ليس بمستحيل، فطالما أننا قد أدركنا أن عادتنا هي من صنع ايدينا، فنحن قادرين بشكل أو بآخر على تغييرها وتطويرها نحو ما نريد.
كثير من المجتمعات التي تحكمها هذه الظاهرة الاجتماعية بِقُوة، فيها أمور تتبعها الأجيال من دون العلم بأصلها وفصلها، ولو أراد أحدهم التخلي عن بعضها لأصبح كأنه أبدى سوء النية تجاه المجتمع وقام بفعلٍ شنيع لا يمكن تقبله من البعض.
إن الإنسانية والقيم البشرية السليمة ثابتة، ولكن المفاهيم والأفكار وطرق تنفيذها تتغير من فترة لأخرى وتتطور بتطور العلم والفكر والاكتشافات البشرية، ومع أهمية دور العادات والتقاليد في الحياة، ولكن ليس من الجانب المنطقي التقيد والالتزام الصارم بجميع الأفكار السائدة من دون تحرّي حقيقتها والتفكير في صحتها، ومدى صلاحيتها لهذا اليوم، فالعادات والتقاليد ترسم شخصية الفرد وتصنعه.