“أفكار بصوت مرتفع” ..التصالح مع الذات!
بقلم / زينب كاظم…..
سنتحدث في هذا المقال على موضوع طالما يتطرق له اخصائيو التنمية البشرية وعلم الأجتماع وعلم النفس وغيرهم ودوما تتراود على مسامعنا هذه العبارة وكل انسان يراها ويفسرها حسب تجربته وحسب الزاوية التي يراها من خلالها وتندرج مجموعة من النقاط تحت هذا العنوان فالتصالح مع الذات هو التعامل بتلقائية مع النفس بلا تكلف أو مباهاة والمتصالح مع ذاته هو شخص راض بما قسمه الله له من مزايا، وعيوب ، ويركز المتصالح غالبا على مزاياه، ويعمل على تحسين عيوبه من دون ملل ولا كسل.
والمتصالح مع ذاته ليس انسان جامد بل هو المتنافس مع الأخرين منافسة شريفة لتطوير ذاته وتحسينها وهو الذي لا يسوءه او يكدره فرح ونجاح الاخرين وهو الذي يملك قناعة كبيرة ورضا وايمان بأن الله عادل ويعطي كل انسان على قدر اجتهاده وتعبه وكذلك المتصالح مع ذاته شخص متصالح مع ماضيه ومع عيوبه ومع رزقه بالحياة .
فالأنسان الذي يكون راضيا بما قسمه الله له والرضا بالمقسوم عبادة اذا التصالح مع الذات جزء كبير منه هو عبادة فمصطلح التصالح مع الذات والكثير من المصطلحات ادخلوها بكتب وعلوم ومناهج ومحاضرات وأصلها الدين الذي شرعه الله في كتبه السماوية وعلمونا اياه الأنبياء قال تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [التغابن:11]. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم: “ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يُشاكها إلا كفرَّ الله بها من خطاياه.
وكذلك قال النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم
(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )اذا التصالح مع الذات والظروف وعدم حسد الأخرين والحقد عليهم وتمني زوال نعمهم والسخط عليهم كله يذهب الحسنات وبجعل الأنسان مريضا بالعدائية تجاه الأخرين وكلما كان الأنسان متوازنا كلما كان سعيدا معطاء ايجابيا مرزوقا من الله محبوبا من الخلق والخالق وهناك يجب التأكيد على نقطة مهمة وهي التوازن فأحيانا يكون الأنسان عكس ما أشرنا له مريضا بمرض نفسي اخر يسمى في علم النفس(path) وهو يصيب الشخصية الثائرة والأيجابية والتي تكدرها الام الناس فمثلا اذا سمع المريض بهذا المرض بجريمة ضد طفل أو انسان ضعيف يثور ويبكي ويظل يبحث عن بعد عن القاتل ويدعو من كل قلبه أن يعثروا على القاتل كي يلاقي جزاءه العادل ويبكي دما على المقتول المظلوم وكأنه أحد افراد عائلته ويوجعه كل دمعة حزن تسقط من عيون المظلومين والمنكوبين وهذا الأنسان المحترق من أجل الأخرين لا يسمى متصالحا مع ذاته اطلاقا اذا انه ليس متوازنا وليس لديه ايمان كافي بقدر الله عز وجل فالمتصالح مع ذاته من أهم صفاته التوزان النفسي ومشاركة الأخرين أحزانهم وأوجاعهم ومساعدتهم ضمن حدود طاقته وضمن المعقول فقط .
أما تصالحنا مع عيوبنا سيجعلنا نثق بأنفسنا فهو ليس غرورا فارغا او ثقة عمياء بالنفس وانما هو معرفة هذه العيوب والأشارة لها بيننا وبين أنفسنا بصدق فهناك امور ادرجت عند البعض على أنها عيوب ولكنها بالحقيقية مزايا تميزنا بها عن الأخرين ويجب محبتها والتصالح معها والرضا بها بل ونحمد الله عليها كل يوم وهناك عيوب يجب أن نعمل عليها ونصلحها بصمت أو بمساعدة المقربين .
وكذلك السعي لتطوير ذواتنا من خلال الأطلاع والقراءة والرياضة ومتابعة المواقع التي تثري معلوماتنا الدينية والأجتماعية والثقافية .
اذا التصالح مع الذات مبدأ وفكر وصدق وحب لأنفسنا ولمن حولنا .
أما التصالح مع الماضي والمواقف المؤلمة فهذا يحتاج الى جلسات علاجية طويلة لأن ندبات الطفولة أو المواقف والكلمات الجارحة وكل ما تعرضنا له يوما ما هو ما يسبب لنا أمراضا نفسية شديدة وربما نحن شخصيا لا نعرف أننا مصابين بها اطلاقا فنوبات الأنهيار والبكاء والصراخ على أمور تافهة كله سببه تراكمات الماضي الذي يكبل أغلب الناس
فتارة نشعر بجلد الذات لأننا اخطأنا بحق أحد أو حق أنفسنا يوما ما وتارة نشعر بعقدة الأضطهاد لأننا يوما ما ظلمنا وتألمنا أو تعرضنا للأهانة ولم نستطع الرد لقلة الخبرة بالحياة وقتها أو عدم استحضار الرد المناسب حينها .
وفي هذه الحالة يجب أن ندرك أنه هناك قانون الهي وهو قانون العدالة الألهية كما تدين تدان أو ما يسمى بالتنمية البشرية بالكارما وأن كل ما يفعل بنا سيعود بصفعة أقوى يصفعها الزمن لمن أخطأ بحقنا وسرق سعادتنا أو اي شيء يخصنا وأن كل معاناة أو اذى يلحق بالأنسان هو اختبار الهي لصبرنا وسيكافئنا الله يوما ما على كل لحظة الم او دمعة سقطت من عيوننا والعطايا والهدايا الالهية بالحياة لا تعد ولا تحصى .
أن كل ما ذكرت حقائق وليس مثاليات أو تنظير وأنا شخصيا كتبت واقعا وهذا لا يعني انني طبقت كل تلك النقاط لكننا نسعى جاهدين لنتصالح من ذواتنا وأن نؤمن بالأقدار والتصالح مع الذات يحتاج لرحلة طويلة من تهذيب وتشذيب النفس البشرية لأن الله خلقنا كلنا وفي داخلنا مشاعر مختلفة وبنسب مختلفة حسب جيناتنا الوراثية وفطرتنا والبيئة التي ترعرعنا فيها فكلنا داخلنا الحب والكره والحسد والحقد والعطاء والأيثار والتضحية والمودة وكل ذلك اختبار للنفس البشرية وأصعب حرب هي حربنا ضد انفسنا وصراعاتنا الداخلية ومن تغلبت الروح الطيبة على الروح الشريرة في داخله فهذا أعظم انجاز أما من تغلبت الروح السيئة على الطيبة داخله فهذا انسان يؤذي نفسه قبل ان يؤذي الأخرين .
نسأل الله الهداية والموفقية والتصالح مع الذات لنا وللجميع .