والعَدو هو الركض بسرعة كبيرة جداً
– العاديات المقصودة بها هنا الخيول التي تجري بسرعة لدرجة إن من سُرعتها تسمع صوت “نَفَسها” وهو يتردد في حنجرتها كأنه صوت غليان الماء
[الضَبح هو اضطراب النَفس المُتردد في الحنجرة دون أن يخرج من الفم]
وقيل إن الضَبح أصلاً صوت غليان الماء ، وبيتم إطلاقه على صوت تَنَفُّس الخيل عند سُرعة العدو تقريباً للمعنى في الأذهان
بعد جري الخيل بسرعة
{فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا}
– القدح هو إحتكاك شيء بشيء مما ينتج عنه إشتعال النار
لذا نقول على الولّاعة “قدّاحة”
– المعنى قدح فأشعل الشرار أو النار.
[مثلما نقول أورى قدحاً بمعنى أشعل النار عن طريق القدح]
عند ربط هذا الكلام بالآيات يعني إن الخيول من شِدّة سُرعتها تصدر شرار من إحتكاك حوافرها بالأرض!
بعدها ماذا حدث ؟
{فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا}ومن هنا نعلم سبب الجري بهذه السرعة هو الحرب والغزو و”الإغارة” على العدو في وقت “الصُبح”.. [و في وقت الصباح تحديداً لإن أفضل أوقات الغارات يكون بعد الفجر لذلك، لما كان مُنذِر القوم يحب أن ينبّههم على قدوم الأعداء من بعيد كان ينادي ويقول “يا صباحاه”.]
وبعدها{فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا}
– لما نزلوا أرض المعركة أثاروا الغُبار بسبب شدة سرعتهم
– “بِهِ” هنا قد تكون عائدة على “العَدْو” ، فتبقى سَببية ، بمعنى أثاروا الغُبار بسبب شدة الركض
وقد تكون عائدة على الصباح ، فتكون ظرفية ،بمعنى أثاروا الغُبار في الصباح.
وبعدها{فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا}
– “وَسَطْنَ” يعني توسّطن ، يعني أصبحوا في مُنتصف الجَمْع.
-“بِهِ” قد تكون عائدة على الركض أو الصباح ، أو تكون عائدة على الفارس المُحارب راكب الخيل
فالمعنى إن الخيول تَوسطت بأصحابها جموع الأعداء.
– بعد هذا كله لو فكرنا وتأملنا سنجد إن الخيول عملت كـــل هذا وبذلت أقصى مجهود عندها و ضَحّت بنفسها في وسط الأعداء بلا تردد أو خوف لمجرد الوفاء والطاعة لصاحبها الذي أكرمها وأطعمها وراعاها
-ولو قارنا حالها بـ حال الإنسان الذي خلقه الله وأنعم عليه بالنِعم التي لا تُعد ولا تُحصى ، و زاده نِعم بدوام النِعم ، سنجد إن رد فعل الإنسان لربه “كنود” كفور جحود لا يذكُر نِعمته ولا يشكُرُها ولا يُطيع خالقه وفاءً وشُكراً عليها.