عربية عم بهلول
بقلم عبده مرقص عبد الملاك
قابلنى صديقى الدكتور الذى أشرف و مازال هو و كوكبة من الأطباء الاصدقاء على علاج ما مررت به فى رحلة مرضى ،بارك الله فيهم و فى أمثالهم ممن يراعون الله فى عملهم و يتمتعون بفيض من مشاعر إنسانيةفسألنى عن حالى و عن سبب عدم ظهورى من فترة ،فأجبته ،تفتكر حضرتك لو أنت إشتريت سيارة حديثة و توجهت بها للتوكيل الخاص بصيانة السيارا ت و تم فحصها وهل ستخلو من بعض الملاحظات ؟ و هل أى إنسان مهما كان سليماً معاف يتم فحصه بمعرفة الأطباء – خاصة – لو كانوا أصدقاء سيخلو من بعض الملاحظات و التوصيات و التحذيرات ؟
و لذا فإننى اتبع مبدأ عم بهلول ؟
فسألنى فى ذهول :” من عم بهلول هذا ؟
أستغربت عدم معرفته بشخصية شهيرة مثل عم بهلول ،
قلت له : عم بهلول – رحمه الله- كان شخصية اسطورية، شعبية و حضارية ، شكلها الزمن و نحت معالمه بقسوة ، فعندما تنظر اليه ترى التاريخ متجسماً ، و يحتاج لعالم حفريات ليدرس الحقب التى مرت به تضاريس وجهه – الباسم دوماً – حتى فى أحلك الظروف ، و مع ذلك فإن من يملك نظرة ثاقبة يكتشف الألم الدفين القابع فى أعماقه ، عم بهلول كانت لديه – سيارة – أقصد عربية ،من يراها يظن إنها توأمه و ما فعله الزمن به فعله بعربيته التى كان ( يسوقها ) يقودها و يستخدمها لنقل الركاب من المدينة للقرى و النجوع المجاورة ،و نظراً لندرة السيارات فى ذلك الوقت فكان يسارع الجميع للفوز بموضع قدم ،سواء داخلها أو خارجها على ( الرفوف ) أو على ( الكبود ) غطاء مقدمة السيارة و الذى كان مكوناً من جزأين يتم فتحهما من الجنب و بعض الركاب يتسلقون لسطح العربية ،و بالطبع ،تضافرت هذه الحمولة مع الطريق الغير ممهد فى تشكيل معالم هذه السيارة التى بلغت من العمر أرذله كصاحبها ، فعدما تنظر لمقدمة السيارة كأنى بك تنظر لوجه عم بهلول ،
لم يرفض عم بهلول أى من الركاب مهما كان وضعهم و لكن كان مطلبه الوحيد ان يترك له ركاب مقدمة السيارة أن يفسحوا له مساحة صغيرة لرؤية الطريق ، كما كان يطلب منهم مشاركته فى القيادة ،فلما يحجب الركاب الطريق ،يطلب منهم إرشاده أو تحذيره من وجود شجرة أو حجر فى الطريق ،فينادى على من جعله يمسك ب(واير البنزين) ان يرخيه ليقلل السرعة او يطلب من الشخص الذى يجلس جانبه أن ( يدوس ) فرامل و طبعاً يتم تنفيذ عكس الأوامر فتصطدم العربية بما يعترضها فى الطريق و يتساقط الركاب مثلما تتساقط حمولة عربية نقل محملة بالبطيخ ، ويتطاير احد الرفارف
و تتوقف العربية و ينزل عم بهلول ليلتقط الرفرف و يعطيه لأحد الركاب ويتفقد الركاب ممن أصابه جرح أو رضة أو غيره و يردد بصوت جهوري سليمة ا لحمد لله،ياللا يا رجالة ، فيسارع الجميع لدفع العربية حتى يدور المحرك و يعودون لسابق عهدهم ، و أحياناً تفرقع أحدى الإطارات أو يتطاير بالجنط فيحذرهم محدش ينزل غير لما نوصل،فيضحك الجمع و يقولون لكن العربية بتلات اطارات هتكمل كيف ؟ فيرد ،يا أخى البنى آدم ممكن يمشى برجل واحدة ،يعنى هى جات على العربية ما تمشيش بتلات عجلات
فيرد عليه أحدهم ،ما توديها الورشة و لا للميكانيكى
فيرد عليه ( تف من بقك) متفولش على الأصيلة
الحمد لله
إنها ماشية و طول ما هى ماشية مفيش داعى لوجع الدماغ
هل وصلتك الفكرة يا صديقى ،فيسألنى باسماً و انت من فيهم وبهلول و لا العربية
فأجيبه ،أنا الإثنان
معاً