مؤنس الوحدة ومغذي الفكر
بقلم: أسامة حراكي
من دون منازع يحتل الكتاب مرتبة الصديق الوفي دائم الإخلاص الذي لا يفارقنا، فهو يؤنس الوحدة ويمتع الذائقة ويغذي الفكر، وهوالذي يُسهم في بناء المشهد الثقافي والمعرفي في الحراك الذي نحيا داخله، فالصحافة تذهب في يوم نشرها، أما الكتاب فهو الأثر الذي يبقى لصاحبه.
والبعض يكون الكتاب بالنسبة لهم حاجة ضرورية ومعنى كبير يُستفاد منه، حاضراً في حياتهم دائماً، لا يسعهم إلا التواصل معه كي يعرفوا ويواكبوا كل ما من شأنه تقديم العلم والمعرفة، فالكتاب عندهم اليوم وفي السابق وفي المستقبل، هو الضرورة التي تبني وتفيد الإنسان، تتوزع أنواعها الكثيرة من حيث الموضوعات والأفكار، كالأدبية والعلمية والدراسات التي تقدم جديداً في المعنى الإنساني، والمعرفة التي يحتاجون إليها دائماً، ومهما مر الزمن يبقون في حاجة إليها، يقرأونها كي يبقون متواصلين مع العلم والمعرفة والثقافة.
وهناك كتب تترك أثراً في أسلوب تفكير الإنسان وربما مجرى حياته، قد تكون كتباً في الأدب أو السياسة أو الفلسفة أو التاريخ أو الفنون، لكنها تنجح في ملامسة عقل ووجدان قارئها، ومن بين مئات وآلاف الكتب التي نقرؤها، ثمة كتاب من بين تلك الكتب يترك أثراً عميقاً فينا، أثر قد يغير من نظرتنا للحياة بما يبثه فينا من أفكار استثنائية تدعونا إلى تغيير رؤيتنا تجاه أمر ما، فنغوص بين صفحاته وعندما نصل إلى الصفحة الأخيرة منه، نجد أننا أصبحنا أشخاصاً آخرين نختلف عما كنا عليه قبل الإبحار بين صفحات ذلك الكتاب.
والكتاب الورقي سيد المواقف دائماً وأبداً، هو كذلك في كل الأوقات بما له من سطو في اللغة والتعبير والمفردات، فقوة الكاتب تثبت من دون قلق مع الكتاب الورقي، وهناك نوع من الاتصال الحميم بين القارىء والكتاب الورقي، فما زال للورق رائحة وطعم لن يلغيها قرينه الإلكتروني برغم أنهما يدعمان بعضهما بعضاً، فهناك علاقة تربطنا بالكتاب الورقي والحبر وإن كان حبر الطباعة لا حبر الكاتب نفسه، وللكتاب رمزية لا يوفرها الكمبيوتر أو الآيباد، فتحية للذين مازالوا يفضلون الكتابة الورقية والقراءة الورقية والذكريات الورقية، ويخفون في خزائنهم كنزهم الورقي.